تلقي الأزمة الليبية مجدداً بظلالها على المشهد السياسي والأمني في منطقة شمال أفريقيا، ولا سيما في ظل الأنباء عن محاولات تمدد تنظيم "داعش"، فضلاً عن اتفاق "إعلان المبادئ" في تونس، الذي توصل إليه ممثلون عن طرفي الأزمة في ليبيا، المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته ومجلس نواب طبرق المنحل بحكم من المحكمة الدستورية والذي مدد ولايته لحين انتخاب سلطة تشريعية جديدة. وفيما تظهر ردود الفعل على "إعلان المبادئ" أنه لا يحظى بتأييد الأمم المتحدة والقوى الدولية الرئيسية المعنية بالملف الليبي، تكتفي الجزائر إلى الآن بمراقبة تطورات الداخل الليبي والردود الصادرة حول الاتفاق، في حين لم تبدِ موقفاً واضحاً بشأنه.
اقرأ أيضاً: احتمالات تمدد "داعش" في ليبيا تُقلق تونس
وحرص مساعد وزير الخارجية الجزائري المكلف بالشؤون المغاربية والأفريقية والعربية، عبد القادر مساهل، في تصريح صحافي، على تجديد دعم الجزائر لأي توافق ليبي - ليبي، مشيراً إلى أن بلاده تشترط أن يتم هذا التوافق في إطار أممي، ويدعم مقترحات المبعوث الخاص للأمين العام الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر. وتتضمن مقترحات كوبلر التوقيع السريع لاتفاق بين الأطراف الليبية المتنازعة والتسريع بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتكفل بتسيير المرحلة الانتقالية ومواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية ومكافحة الإرهاب، ولا سيما تنظيم "داعش" وأذرعه المتصلة بالجريمة المنظمة العابرة للبلدان والتجارة غير الشرعية بالأسلحة والمخدرات.
اقرأ أيضاً: احتمالات تمدد "داعش" في ليبيا تُقلق تونس
ويبدو الموقف الجزائري أقرب إلى مضمون البيان المشترك الذي أصدره السفراء والمبعوثون الخاصون لكل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ورئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا، يوم الثلاثاء الماضي، والذي أكدوا فيه "دعمهم بقوة للاتفاق السياسي الليبي بتسهيل من الأمم المتحدة، والذي تم التفاوض عليه في مدينة الصخيرات، باعتباره السبيل الوحيد لتسوية الأزمة السياسية والأمنية والمؤسساتية في ليبيا". واعتبروا أن "إعلان المبادئ" الموقع في تونس "صادر عن مجموعة صغيرة من أعضاء مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام"، مشيرين إلى أنه "لن تكلل بالنجاح أي محاولات في اللحظات الأخيرة لإخراج عملية بعثة الأمم المتحدة عن مسارها".
وتضمن الاتفاق الموقّع في تونس قبل أيام العودة إلى الشرعية الدستورية المتمثلة في الدستور السابق بعد تنقيحه، وتهيئة المناخ لإجراء انتخابات تشريعية خلال عامين، واختيار رئيس لحكومة وفاق وطني ونائبين له (من الطرفين) في غضون أسبوعين، وتشكيل لجنة للعمل على تعديل الدستور (من 10 أشخاص، 5 لكل معسكر).
ويفسّر البعض الموقف الجزائري من اتفاق تونس بعامل المفاجأة الذي اتسم به التوقيع، ولا سيما أنه جاء في أعقاب اجتماع الجزائر، الذي ضم وزراء دول جوار ليبيا مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي. وعدّ الاجتماع يومها خطوة ايجابية على صعيد توحيد التصور الإقليمي للأزمة الليبية لإيجاد مخرج نهائي للأزمة الأمنية في هذه البلاد، ولا سيما أنه استبق لقاء روما حول ليبيا المقرر في الثالث عشر من الشهر الحالي
وتتركز الأنظار على ليبيا في الآونة الأخيرة لجملة من الأسباب، يتقدمها الهاجس الأمني، إذ تعيش البلاد حالة بالغة الهشاشة أمنياً. وتسود قناعة بأن تشكيل حكومة وحدة وطنية والدفع بمسار معالجة التحديات، لا يكتمل من دون استراتيجية أمنية لمكافحة الإرهاب في مختلف دول جوار ليبيا، ولا سيما تونس والجزائر ومصر ومالي التي تعاني بدورها من تداعيات الأزمة الليبية بسبب تمدد نشاط التنظيمات المسلحة فيها.
وفي السياق، يقول متابعون للوضع الأمني في ليبيا إن الجزائر، التي تمثل لاعباً أساسياً في معادلة الأزمة الليبية، لا تنظر بعين الريبة إلى اتفاق تونس. كما أن بعض المعلومات تتحدث عن أنّ الجزائر كانت تراقب عن قرب، عبر مصادرها، حوار فندق "رمادا بلازا" في تونس، لكنها تشكك في إمكانية أن يذهب الاتفاق إلى نهاياته، بالنظر إلى تغير المعطيات على الأرض ودخول أطراف جديدة صلب المعضلة، وهي رموز النظام السابق والجسم القبلي في ليبيا الذي لا يزال يحظى بقوة التأثير على مجريات الواقع. وأي تجاوز لهذه الأطراف في أي حل للأزمة، لن يعطي لأي اتفاق فرصة التنفيذ على الأرض. وهو ما يتيح متسعاً لدور تسعى الجزائر إلى أدائه باعتبارها "المفاوض النزيه الذي لا يزال يحظى بثقة مختلف الفرقاء للخروج بليبيا من النفق الأمني والسياسي المظلم".
وتعدّ الجزائر من أكثر الأطراف المحيطة بليبيا تمسكاً برفض التدخل الأجنبي ووحدة التراب الليبي. كما تشدد على ضرورة إنهاء الأزمة والتوافق على حكومة وحدة وطنية وإعادة بناء المؤسسات والجيش لمكافحة الإرهاب.
وفي السياق، يرى الخبير الجزائري في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، قوي بوحنية، أن "الأزمة الليبية هي أزمة داخلية بالأساس ساهمت في تعقيدها دول إقليمية وخارجية".
ووفقاً لبوحنية، فإن "إعلان المبادئ" الموقّع في تونس أغفل الشق الأمني في حل الأزمة الليبية. وبحسب الخبير الجزائري، فإنّ "الحل الأمني هو الأساس في أي معادلة". ويلفت بوجنية، الذي يشغل منصب مدير معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية بورقلة جنوبي الجزائر، إلى أن "الحل الليبي يجب أنّ يتجنب فكرة الاجتثاث وقوانين العزل السياسي، واعتماد مقاربة تراعي خصوصيات المرحلة ولا تغفل مقاربات العدالة الانتقالية". ويدعو إلى عدم إغفال عدد من التحديات بينها انتشار السلاح في ليبيا، معتبراً أنه "أكبر من مخزون السلاح البريطاني"، فضلاً عن عدم إغفال العائلات المهجرة التي أجبرت على ترك مساكنها، إلى جانب آلاف المفقودين والجرحى.
وكان وزير الخارجية الجزائري، رمضان لعمامرة، قد اعتبر في تصريحات نشرتها صحف فرنسية قبل أيام، أن المشكلة الرئيسة بالنسبة للجزائر أن "تتحول ليبيا إلى مشروع لا دولة وإلى مقاطعات متناحرة". وتتعزز مخاوف الجزائر بعد بروز تنظيم "داعش" والأنباء عن محاولته التمدد في ليبيا، فضلاً عن ظهور مجموعات متشددة في عدد من المدن الليبية. ويضاف إلى ذلك الصلات التي تجمع هذه التنظيمات مع مجموعات مسلحة أخرى تنشط على الحدود بين الجزائر وتونس وفي منطقة الصحراء والساحل. وهو ما يفرض سباقاً مع الزمن لإنهاء حالة الفراغ المؤسساتي القائمة في ليبيا، ولا سيما أن بعض التقارير تتحدث عن وجود ما لا يقل عن 5 آلاف مقاتل من تنظيم "داعش" قد يلجأون الى ليبيا.
اقرأ أيضاً بُشرى ليبيّة من تونس:اتفاق أولّي بلقاء مباشر وخارطة طريق
وتضمن الاتفاق الموقّع في تونس قبل أيام العودة إلى الشرعية الدستورية المتمثلة في الدستور السابق بعد تنقيحه، وتهيئة المناخ لإجراء انتخابات تشريعية خلال عامين، واختيار رئيس لحكومة وفاق وطني ونائبين له (من الطرفين) في غضون أسبوعين، وتشكيل لجنة للعمل على تعديل الدستور (من 10 أشخاص، 5 لكل معسكر).
ويفسّر البعض الموقف الجزائري من اتفاق تونس بعامل المفاجأة الذي اتسم به التوقيع، ولا سيما أنه جاء في أعقاب اجتماع الجزائر، الذي ضم وزراء دول جوار ليبيا مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي. وعدّ الاجتماع يومها خطوة ايجابية على صعيد توحيد التصور الإقليمي للأزمة الليبية لإيجاد مخرج نهائي للأزمة الأمنية في هذه البلاد، ولا سيما أنه استبق لقاء روما حول ليبيا المقرر في الثالث عشر من الشهر الحالي
وتتركز الأنظار على ليبيا في الآونة الأخيرة لجملة من الأسباب، يتقدمها الهاجس الأمني، إذ تعيش البلاد حالة بالغة الهشاشة أمنياً. وتسود قناعة بأن تشكيل حكومة وحدة وطنية والدفع بمسار معالجة التحديات، لا يكتمل من دون استراتيجية أمنية لمكافحة الإرهاب في مختلف دول جوار ليبيا، ولا سيما تونس والجزائر ومصر ومالي التي تعاني بدورها من تداعيات الأزمة الليبية بسبب تمدد نشاط التنظيمات المسلحة فيها.
وتعدّ الجزائر من أكثر الأطراف المحيطة بليبيا تمسكاً برفض التدخل الأجنبي ووحدة التراب الليبي. كما تشدد على ضرورة إنهاء الأزمة والتوافق على حكومة وحدة وطنية وإعادة بناء المؤسسات والجيش لمكافحة الإرهاب.
وفي السياق، يرى الخبير الجزائري في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، قوي بوحنية، أن "الأزمة الليبية هي أزمة داخلية بالأساس ساهمت في تعقيدها دول إقليمية وخارجية".
ووفقاً لبوحنية، فإن "إعلان المبادئ" الموقّع في تونس أغفل الشق الأمني في حل الأزمة الليبية. وبحسب الخبير الجزائري، فإنّ "الحل الأمني هو الأساس في أي معادلة". ويلفت بوجنية، الذي يشغل منصب مدير معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية بورقلة جنوبي الجزائر، إلى أن "الحل الليبي يجب أنّ يتجنب فكرة الاجتثاث وقوانين العزل السياسي، واعتماد مقاربة تراعي خصوصيات المرحلة ولا تغفل مقاربات العدالة الانتقالية". ويدعو إلى عدم إغفال عدد من التحديات بينها انتشار السلاح في ليبيا، معتبراً أنه "أكبر من مخزون السلاح البريطاني"، فضلاً عن عدم إغفال العائلات المهجرة التي أجبرت على ترك مساكنها، إلى جانب آلاف المفقودين والجرحى.
اقرأ أيضاً بُشرى ليبيّة من تونس:اتفاق أولّي بلقاء مباشر وخارطة طريق