أهالي شهداء مسيرات العودة لن يمرّ عليهم عيد الفطر هذا العام سعيداً كعادته، فقد رحل أبناؤهم تاركين عائلات تبكيهم وتذكّر العالم بقضية عمرها سبعون عاماً ذهب أبناؤها فداء لها. لكلّ شهيد قصته ولكلّ عائلة مأساتها
يدخل عيد الفطر الأول على أسر شهداء مسيرات العودة في قطاع غزة بحزنه ومأساته، بعدما قدموا أبناءهم في سبيل الدفاع عن حق العودة ومسيراتها المستمرة على الحدود الشرقية لقطاع غزة منذ 30 مارس/ آذار الماضي، فكلٌّ منهم كان يحلم بتحقيق أهداف المسيرات والحراك الشعبي الكبير قبل أن تقتله بنادق الاحتلال. المسيرات مستمرة والشهداء والجرحى ما زالوا يتساقطون.
داخل منزل الشهيد الطفل حسين ماضي (14 عاماً) في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، تتذكر والدته أيام العيد والعشر الأواخر لشهر رمضان بكل أسى، فهذه الأيام كانت المفضلة لدى حسين. كان يتجول معها في الأسواق لشراء الملابس وأغراض المنازل، وكان صديقاً ورفيقاً لها كما تصف. يتعامل معها كأنّه شاب ناضج.
استشهد حسين ماضي كأول طفل شهيد في مسيرات العودة في 6 إبريل/ نيسان الماضي، خلال "جمعة الكوشوك"، لكن كان خلال الدعوات لمسيرات العودة يسأل والده محمد ماضي (40 عاماً) عن سبب صحوة الفلسطينيين خلال هذه الأيام بالتحديد، ولماذا جاءت متأخرة بينما فلسطين محتلة منذ 70 عاماً.
تقول والدة الشهيد، إيمان ماضي (35 عاماً) لـ"العربي الجديد": "لا عيد عندنا، حسين أول فرحة لنا في البيت، أنجبته بعد 5 سنوات من زواجي. كبر على ذكر بلدته الأصلية بيت جرجيا، وكان يسأل والده عن أسباب التهجير ومن دافع عن أرضه وكيف دافعوا، واستشهد وهو يرافق فريقه من الكشافة على الحدود. كان يحلم أن يصبح لاعب كرة قدم كبيراً، مع الاستمرار في الكشافة". كان الشهيد ماضي يلعب كرة القدم مع نادي الصداقة الرياضي، ويحب الكرة كما يحبها والده الذي كان لاعباً للكرة مع نادي خدمات الشاطئ ونادي الصداقة الذي التحق فيه ابنه وهو في التاسعة من عمره، وكان ينشط مع مجموعة كشافة نادي الشاطئ البحرية.
يدخل العيد على شفاء أبو حسنين (66 عاماً) والدة الشهيد موسى أبو حسنين (36 عاماً) مأساوياً لكنّها تحاول إخفاء الحزن أمام أحفادها؛ أبناء الشهيد. تحاول اللعب معهم، فهي كانت ترافق الشهيد قبل استشهاده ولم تتركه حتى عند سريره في غرفة العمليات في المستشفى الإندونيسي، شمال قطاع غزة. تحاول أبو حسنين تعويض أحفادها؛ زيد (9 أعوام) ويارا (8 أعوام) ولارين (5 أعوام) والرضيع غيث (شهران) عن والدهم من خلال إحضارها الألعاب والحلوى لهم، لكنّها لا تنسى الأجواء التي كان يداوم عليها الشهيد موسى في صباح العيد مع أسرته عندما يرافق أطفاله وأطفال شقيقه إلى المسجد ويجلب الألعاب والحلوى لهم في طريق العودة.
كان الشهيد موسى أبو حسنين يعمل في جهاز الدفاع المدني برتبة نقيب، ويتواجد بالقرب من مسيرات العودة على الحدود لإنقاذ المصابين والجرحى. التقط مع والدته آخر صورة "سيلفي" في حياته، فاجتاحت الصورة مواقع التواصل الاجتماعي، وهي الصورة التي علقتها الوالدة في منزلهم في حي النصر بمدينة غزة. تقول أبو حسنين لـ"العربي الجديد": "نحن لاجئون من قرية بيت جرجيا، لكنّ المرة الأولى التي ذهبت فيها إلى الحدود للاحتشاد مع سكان القطاع كانت في ذكرى النكبة. بالصدفة شاهدت ابني وكنت بالقرب منه على الحدود، فأصيب فجأة وبقيت معه حتى في غرفة العمليات. لم أتركه لكنّي كنت أشعر منذ إصابته أنّه فارق الحياة. وفي الرابعة عصراً اسودت الدنيا في وجهي وفارقني صاحب البهجة والضحكة موسى".
اختفت أجواء الاحتفال بالعيد أيضاً داخل حارة الشهيد يوسف الفصيح (29 عاماً) في مخيم الشاطئ، فجميع جيرانه تأثروا من فراقه، لأنّه عاش يتيم الأم منذ طفولته، وبقي يتذكر أمّه التي استشهدت عام 1992 في الانتفاضة الأولى. ربته خالته زوجة والده، ملك الفصيح (49 عاماً) منذ كان في الثالثة. تشير إلى أنّه كان منذ الطفولة الأولى يفتقد أمّه ويتذكر كيف ماتت بسبب الاحتلال الذي حاصر المخيم وألقى قنابل الغاز عليه. تأثرت أمه التي كانت حاملاً في شهرها السابع من الغاز ثم اختنقت وسقطت أرضاً، ولم يسمح الاحتلال بدخول الإسعاف إلى المخيم واستشهدت بعد ثلاث ساعات عندما وصلت إلى مستشفى الشفاء.
تقول الفصيح لـ"العربي الجديد: "تعود أصولنا إلى مدينة يافا. كان يوسف يعلم منذ طفولته حياة اللجوء فهو ابن شهيدة، لكنّه كان يعتبرني أمه أيضاً، من دون أن يخفي مشاعر الحقد من جنود الاحتلال الذين قتلوا أمه". تضيف: "اليوم ندخل في أيام العيد التي كان يزور فيها قبر أمه، لكنّه رقد هذه المرة إلى جانب قبرها".
اقــرأ أيضاً
استشهد الفصيح في "جمعة مليونية الأقصى" في الثامن من يونيو/ حزيران الجاري، وكان يحتفظ بصور كثير من شهداء مسيرات العودة وصور أصدقائه الشهداء في مخيم الشاطئ، منهم من استشهد خلال العدوان الأخير على غزة، ومنهم من استشهد في قصف إسرائيلي بين عامي 2016 و2017، واليوم يرافقهم ضمن قائمة شهداء مخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة.
يدخل عيد الفطر الأول على أسر شهداء مسيرات العودة في قطاع غزة بحزنه ومأساته، بعدما قدموا أبناءهم في سبيل الدفاع عن حق العودة ومسيراتها المستمرة على الحدود الشرقية لقطاع غزة منذ 30 مارس/ آذار الماضي، فكلٌّ منهم كان يحلم بتحقيق أهداف المسيرات والحراك الشعبي الكبير قبل أن تقتله بنادق الاحتلال. المسيرات مستمرة والشهداء والجرحى ما زالوا يتساقطون.
أهل الشهيد الطفل حسين ماضي (محمد الحجار) |
داخل منزل الشهيد الطفل حسين ماضي (14 عاماً) في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، تتذكر والدته أيام العيد والعشر الأواخر لشهر رمضان بكل أسى، فهذه الأيام كانت المفضلة لدى حسين. كان يتجول معها في الأسواق لشراء الملابس وأغراض المنازل، وكان صديقاً ورفيقاً لها كما تصف. يتعامل معها كأنّه شاب ناضج.
استشهد حسين ماضي كأول طفل شهيد في مسيرات العودة في 6 إبريل/ نيسان الماضي، خلال "جمعة الكوشوك"، لكن كان خلال الدعوات لمسيرات العودة يسأل والده محمد ماضي (40 عاماً) عن سبب صحوة الفلسطينيين خلال هذه الأيام بالتحديد، ولماذا جاءت متأخرة بينما فلسطين محتلة منذ 70 عاماً.
تقول والدة الشهيد، إيمان ماضي (35 عاماً) لـ"العربي الجديد": "لا عيد عندنا، حسين أول فرحة لنا في البيت، أنجبته بعد 5 سنوات من زواجي. كبر على ذكر بلدته الأصلية بيت جرجيا، وكان يسأل والده عن أسباب التهجير ومن دافع عن أرضه وكيف دافعوا، واستشهد وهو يرافق فريقه من الكشافة على الحدود. كان يحلم أن يصبح لاعب كرة قدم كبيراً، مع الاستمرار في الكشافة". كان الشهيد ماضي يلعب كرة القدم مع نادي الصداقة الرياضي، ويحب الكرة كما يحبها والده الذي كان لاعباً للكرة مع نادي خدمات الشاطئ ونادي الصداقة الذي التحق فيه ابنه وهو في التاسعة من عمره، وكان ينشط مع مجموعة كشافة نادي الشاطئ البحرية.
أهل الشهيد موسى أبو حسنين (محمد الحجار) |
يدخل العيد على شفاء أبو حسنين (66 عاماً) والدة الشهيد موسى أبو حسنين (36 عاماً) مأساوياً لكنّها تحاول إخفاء الحزن أمام أحفادها؛ أبناء الشهيد. تحاول اللعب معهم، فهي كانت ترافق الشهيد قبل استشهاده ولم تتركه حتى عند سريره في غرفة العمليات في المستشفى الإندونيسي، شمال قطاع غزة. تحاول أبو حسنين تعويض أحفادها؛ زيد (9 أعوام) ويارا (8 أعوام) ولارين (5 أعوام) والرضيع غيث (شهران) عن والدهم من خلال إحضارها الألعاب والحلوى لهم، لكنّها لا تنسى الأجواء التي كان يداوم عليها الشهيد موسى في صباح العيد مع أسرته عندما يرافق أطفاله وأطفال شقيقه إلى المسجد ويجلب الألعاب والحلوى لهم في طريق العودة.
كان الشهيد موسى أبو حسنين يعمل في جهاز الدفاع المدني برتبة نقيب، ويتواجد بالقرب من مسيرات العودة على الحدود لإنقاذ المصابين والجرحى. التقط مع والدته آخر صورة "سيلفي" في حياته، فاجتاحت الصورة مواقع التواصل الاجتماعي، وهي الصورة التي علقتها الوالدة في منزلهم في حي النصر بمدينة غزة. تقول أبو حسنين لـ"العربي الجديد": "نحن لاجئون من قرية بيت جرجيا، لكنّ المرة الأولى التي ذهبت فيها إلى الحدود للاحتشاد مع سكان القطاع كانت في ذكرى النكبة. بالصدفة شاهدت ابني وكنت بالقرب منه على الحدود، فأصيب فجأة وبقيت معه حتى في غرفة العمليات. لم أتركه لكنّي كنت أشعر منذ إصابته أنّه فارق الحياة. وفي الرابعة عصراً اسودت الدنيا في وجهي وفارقني صاحب البهجة والضحكة موسى".
خالة الشهيد يوسف الفصيح (محمد الحجار) |
اختفت أجواء الاحتفال بالعيد أيضاً داخل حارة الشهيد يوسف الفصيح (29 عاماً) في مخيم الشاطئ، فجميع جيرانه تأثروا من فراقه، لأنّه عاش يتيم الأم منذ طفولته، وبقي يتذكر أمّه التي استشهدت عام 1992 في الانتفاضة الأولى. ربته خالته زوجة والده، ملك الفصيح (49 عاماً) منذ كان في الثالثة. تشير إلى أنّه كان منذ الطفولة الأولى يفتقد أمّه ويتذكر كيف ماتت بسبب الاحتلال الذي حاصر المخيم وألقى قنابل الغاز عليه. تأثرت أمه التي كانت حاملاً في شهرها السابع من الغاز ثم اختنقت وسقطت أرضاً، ولم يسمح الاحتلال بدخول الإسعاف إلى المخيم واستشهدت بعد ثلاث ساعات عندما وصلت إلى مستشفى الشفاء.
تقول الفصيح لـ"العربي الجديد: "تعود أصولنا إلى مدينة يافا. كان يوسف يعلم منذ طفولته حياة اللجوء فهو ابن شهيدة، لكنّه كان يعتبرني أمه أيضاً، من دون أن يخفي مشاعر الحقد من جنود الاحتلال الذين قتلوا أمه". تضيف: "اليوم ندخل في أيام العيد التي كان يزور فيها قبر أمه، لكنّه رقد هذه المرة إلى جانب قبرها".
استشهد الفصيح في "جمعة مليونية الأقصى" في الثامن من يونيو/ حزيران الجاري، وكان يحتفظ بصور كثير من شهداء مسيرات العودة وصور أصدقائه الشهداء في مخيم الشاطئ، منهم من استشهد خلال العدوان الأخير على غزة، ومنهم من استشهد في قصف إسرائيلي بين عامي 2016 و2017، واليوم يرافقهم ضمن قائمة شهداء مخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة.