تأتي فرحة العيد هذا العام مخنوقةً ومنقوصةً بين تفجيرين، وما بينهما شلّالات من دماء صبغت أرض العرب باللون الأحمر القاني. إضافة إلى ملايين النازحين واللاجئين من بيوتهم وأراضيهم نحو الأمان، ومئات آلاف المصابين، ومثلهم من الضحايا الذين لم تتّسع لهم الدنيا لأن جبروت الأنظمة المستبدّة لم يرحمهم.
مع ذلك، يبحثُ الإنسان العربي عن فسحة ضوء في هذا البحر من الغيم الأسود، والذي يأمل أن ينجلي ذات صباح. صباحٌ لا يجد طفلٌ نفسه فيه يتيماً، ولا تجد أمٌّ نفسها ثكلى، ولا يجد رجلٌ نفسه فيه من دون عائلته ورزقه، نائماً تحت قطعة رخام في الأرض، أو خلف القضبان الحديدية لزنزانات التعذيب، أو في أرضٍ هواؤها غريب على صدره. وقد حدث كلّ ذلك لمجرّد أنه رفع صوته منادياً بالرغيف والحرية والعدالة.
رغم كل ما سبق، وما يتكرّر كل يوم، سينقشع الغيم حتماً. وإلى أن يحدث ذلك، سيركض أطفالٌ للبحث عن عيدٍ سمعوا به من أمهاتهم وآبائهم. عيدٌ يحمل شيئاً من فرحهم المؤجّل. عيدٌ يشبه ابتساماتهم التي ستظلّ حلوة وحقيقية بالرغم من كل شيء.