عودة جنيف السوري بلا توقعات: معارك مفتوحة بين جولتين

23 فبراير 2017
حاولت المعارضة فصل المسار السياسي عن العسكري(ستانيسلاف فيليبوف/فرانس برس)
+ الخط -


تعود عجلة مفاوضات جنيف السورية للدوران بعد انقطاع دام نحو 10 أشهر، حصل وقتها بسبب تمسك المعارضة السورية بضرورة إلزام النظام السوري بوقف القصف وإيصال المساعدات للمحاصرين وإطلاق سراح المعتقلين، باعتبارها شروطاً فوق التفاوض لمتابعة بحث الحل السياسي وفق القرارين 2118 و2254 الذي نتج عن اجتماعات عدة بين أعضاء مجموعة الدعم الدولية (ISSG) في فيينا عام 2015 برئاسة كل من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا.
وقدّم وفد المعارضة السورية الذي كان يرأسه أسعد الزعبي، وهو أحد قادة الجبهة الجنوبية خلال الجولة الثالثة، 17 وثيقة للأمم المتحدة، فسر بها رؤية المعارضة للحل السياسي المتمثلة بتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية بما فيها صلاحيات رئيس النظام بشار الأسد، بينما لم يقدّم النظام سوى ورقة واحدة احتوت على مبادئ عامة إضافة إلى تفسيره للانتقال السياسي وهو بتشكيل حكومة وحدة وطنية التي كانت قد طرحتها إيران في العام 2012.
وعلى أثرها حاول المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، ردم الهوة الكبيرة بين رؤية الطرفين، وبادر إلى كتابة ورقة قدّمها للأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بان كي مون، تنطلق من النقاط المشتركة بين الأوراق التي قدّمها الطرفان، وذكر دي ميستورا في إحاطته أمام مجلس الأمن والتي حملت رقم 7774، أنه تم الاتفاق في نهاية جولات التفاوض على البدء بتطبيق عملية الانتقال السياسي.
ومع توقف جولات التفاوض وعودة المعارك، خسرت المعارضة السورية أجزاء جديدة من أراضيها، لصالح النظام، وأهم تلك المناطق كانت شرق مدينة حلب. واستفاد النظام السوري وداعموه من توقيف جولات التفاوض، فيما أعلنت المعارضة مرات عدة عن استعدادها للعودة إلى طاولة المفاوضات من دون شروط مسبقة. ومع زيادة التقارب التركي الروسي وإهمال واشنطن الكبير للملف السوري، تم الاتفاق على عقد اجتماعات في العاصمة الكازاخية أستانة بين كل من موسكو وأنقرة وطهران، ومن ثم تم إضافة الأردن لها، من أجل وقف إطلاق النار في سورية. وهذا ما حاولت المعارضة السورية استغلاله من أجل فصل المسار السياسي عن المسار العسكري، كي يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة وإطلاق سراح المعتقلين.



وتقلل المعارضة السورية من أهمية جنيف في الفترة الحالية، بسبب الفتور الأميركي تجاه الملف السوري، وترى أن المعركة الأكبر هي في أستانة. وقال عضو في الوفد الاستشاري الذي حضر إلى جنيف برفقة المعارضة السورية، إن "المسرح الدولي ليس جاهزاً بعد لإيجاد حل للقضية السورية"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "المعارضة السورية تبارز صاحب القرار الأول الآن في سورية من خلال اجتماعاتها في أستانة". ولفت المستشار الذي رفض الإفصاح عن هويته إلى أن المعارضة تحاول تخفيف حدة القتل على الشعب السوري إلى حين دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته إلى الملف السوري.
ونصح خبراء بوسنيون قياديين سياسيين وعسكريين معارضين بأن يكون هناك مساران للتفاوض، الأول سياسي والثاني عسكري، ولفتوا انتباههم من خلال مشاركتهم في المفاوضات مع صربيا في تسعينيات القرن الماضي، إلى أن وقف إطلاق النار لم يتحقق في البوسنة إلا بعد التوقيع على آخر وثيقة بين الطرفين، وذلك حسب مصدر مطلع آخر.
وكان دي ميستورا قد قال من موسكو عقب لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخميس الماضي، إن "اجتماع أستانة سيساهم في تسريع العملية السياسية"، فيما أشارت المتحدثة باسم المبعوث الدولي يارا شريف في مؤتمر صحافي لها يوم الجمعة، إلى أن الحكم والدستور الجديد والانتخابات ستكون المواد الأساسية التي ستركز عليها المفاوضات في جنيف وذلك في ضوء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الأحد في ميونخ خلال مؤتمر الأمن، إن مفاوضات السلام السورية التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف هي "الإطار الوحيد لبحث الحل السياسي وانتقال السلطة"، وأن اجتماعات أستانة "لم تكن أبداً بديلاً لها". وتابع أن الاجتماعات في العاصمة الكازاخية "كانت إجراءً معقولاً لبناء الثقة والحفاظ على وقف إطلاق النار، وخطوة جيدة للأمام، لكن الآن نحن في حاجة إلى استئناف محادثات جنيف التي تمثل الركيزة الأساسية للحل السياسي وانتقال السلطة".