عودة تونس للحوار... قبل الانفجار

23 أكتوبر 2016
الحكومة رفعت الضرائب على الطبقة الوسطى (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

قد يكون من المبالغة أن نقارن بين الظروف التي فرضت ثم قادت إلى انعقاد الحوار الوطني في 2013 وبين الظروف الحالية التي تمر تونس بها، لكنه سيكون من المفيد جداً، وربما من الضروري للنخبة السياسية التونسية أن تنتبه للإشارات التي يرسلها الشارع التونسي وبعض مكوناته التي تعودت تاريخياً أن ترسم ملامح المشهد التونسي بكل تفاصيله.

ولئن نجح التونسيون في ذلك الوقت في تفادي الأسوأ في آخر لحظة تقريباً، فيجدر بهم الآن أن ينتبهوا قبل فوات الأوان، لأن أحداً لا يضمن قدرته على أن يستخدم الفرامل بنجاح قبل المنعطف الأخير، مرة أخرى. ورغم أن المقارنة مع 2013 تبدو غير واقعية، فإن المقارنة مع سياقات تاريخية أخرى، يتذكرها جيل من التونسيين، تبدو معقولة جداً، حيث دخلت الحكومة في مواجهة مباشرة مع الاتحاد العام التونسي للشغل، وخرج الأمر إلى الشارع، وانفلتت الأمور من أيدي الجميع، وكان يمكن أن تقود إلى ثورة قبل الأوان، في 1978 أو 1983 أو حتى بعدها.

وتعود نفس المؤشرات الحمراء للظهور، ظروف اقتصادية خانقة ودين في ارتفاع مطرد، ومقدرة شرائية في تراجع، وتجميد للأجور مقابل ارتفاع أكيد في الأسعار والضرائب على الطبقة الوسطى التي تعتبر صمّام أمان البلاد، والأهم من ذلك، غياب الحلول وعجز الحكومة والنخب السياسية عموماً على بث شيء من الأمل في الخروج من الأزمة قريباً. وفوق كل ذلك، قد ترتكب الحكومة أكبر حماقة سياسية إذا أصرت على الدخول في مواجهة مع إتحاد الشغل والمحامين، الذين أشعلوا الثورة التونسية، علاوة على استعداد المعارضة لإسقاط هذه الحكومة، وبشراهة سياسية ظاهرة للجميع، واعتراض رجال الأعمال أيضاً.

خلاصة الأمر أن هذه الأيام الصعبة، التي كانت منتظرة، لا يمكن تجاوزها بغير جلوس الجميع على ذات الطاولة، وبشرط الاتفاق. وبرغم أن الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي قد حاول استباق ذلك بالترويج لفكرة الوحدة الوطنية، وعقد حوار قبل ذلك، فإن الأمر كما يتضح لم ينجح، وسيكون على الجميع من دون استثناء العودة إلى حوار وطني حقيقي، يستبق اللحظة الحاسمة وينزع فتيل اللهب قبل أن يقع الانفجار في وجه الجميع، ويسقط البيت على من فيه، على حد تعبير زعيم حركة "النهضة"، راشد الغنوشي في 2013 وتعبير رئيس الحكومة، يوسف الشاهد في 2016.