وبحسب بيان مكتب السراج فقد أبلغته موغيرني عن استمرار دعم الاتحاد للاتفاق السياسي وحكومة الوفاق، وحرص الاتحاد الأوروبي على استمرار دعم جهوده لإعادة استقرار البلاد، وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، كما دعته إلى زيارة بروكسل لمناقشة دعم حكومته.
ويبدو أن متغيرات السياسة العالمية أثرت بشكل واضح في الرؤية الأوروبية للملف الليبي، والتي لم تكن تمتلك رؤية موحدة تجاهها من قبل، فالخلافات الإيطالية الفرنسية داخل الاتحاد الأوروبي بشأن ليبيا كانت واضحة من خلال اتجاه إيطاليا في دعم حكومة الوفاق، بينما تدعو فرنسا بقوة لضمان مكان لحليفها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في المشهد الحكومي المقبل.
لكن خلفيات الخلاف الأوروبي حول الملف الليبي تتأثر بشكل واضح بعديد المسائل المرتبطة بأمنها، ولا سيما ملف الهجرة غير الشرعية، ويتكاثر الحديث في الآونة الأخيرة عن سعي إيطاليا لعقد اتفاق مع حكومة الوفاق بشأن توطين مهاجرين غير شرعيين في ليبيا، والمسألة الأخرى هي المتغير العسكري على الأرض، فقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر غيرت من الخارطة العسكرية بعد سيطرتها على الهلال النفطي، الذي يشكل أهمية استراتيجية لدى العديد من الدول الكبرى، وهي التي تحول خطابها مؤخراً حول مساعيه العسكرية التي كانت تعارضها من قبل، وبدأت تعتبره عاملا مؤثرا وفاعلا في الأزمة الليبية وبالتالي يجب احتواؤه.
كما يعتبر تقارب سلطة "حفتر" العسكرية من روسيا مؤخرا والتي أخذت شكلا علنيا بوصول حاملة طيران روسية قرب السواحل الليبية، مع وجود حديث يؤكد بدء تنفيذ اتفاقات بين الطرفين، أصبح عاملا جديدا يحد من تأثير أي ضغط أوروبي على الأطراف المناوئة للمجلس الرئاسي، كما فعلت في السابق عندما أدرجت اسم رئيس البرلمان عقيلة صالح ضمن قائمة عقوباتها.
وبالاضافة لمخاوف الاتحاد الأوروبي الواضحة من إمكانية تغير موقف السياسة الأميركية تجاه الملف الليبي إثر جلوس الرئيس الامريكي الجديد على كرسي السلطة خلال الأيام المقبلة، مع خلفيات حديث متنام عن تقارب روسي أمريكي في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة، فإن الاتحاد الأوروبي يواجه تحديات جديدة إثر تصاعد تيار اليمين الذي تمكنت العديد من رموزه في الوصول إلى السلطة.
وبحسب مصادر صحافية فإن إيطاليا التي تقود الملف الليبي داخل رئاسة الاتحاد الأوروبي تواجه هي الأخرى انقساما كبيرا في رؤيتها حول الملف الليبي؛ بين مسؤولين من حزب رينزي الذي كان وراء وصول موغيريني إلى منصب الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، وتيار آخر يقوده وزير الخارجية الجديد أنجلينو ألفانو؛ فخلال اليومين الماضيين أعلن ألفانو عزم بلاده على الاقتراب من معسكر حفتر، مما يشير إلى سعيه للتخلص من إرث سياسة رئيس الوزراء رينزي وداعميه حول الملف الليبي.
وقال ألفانو، خلال كلمته أمس أمام مجلس النواب والشيوخ إن لبلاده التي تدعم حكومة الوفاق في العاصمة طرابلس علاقات أيضا مع مجلس النواب في طبرق، والجنرال خليفة حفتر، وأضاف: "نحن لا نرى اختلافا بين شرق ليبيا وغربها، ولذلك قررنا إرسال مساعدات إنسانية وأدوية إلى أولئك الذين يقطنون في شرق البلاد".
ويبدو أن هذه التصريحات لم تلق قبولا لدى حفتر الذي أعلن عن رفضه المساعدات الإيطالية لشرق ليبيا، مشترطاً سحب إيطاليا قواتها من غرب البلاد، وتحديدا من مصراته.
وبحسب مراقبين فإن ألفانو وداعميه السياسيين في إيطاليا بدوا أكثر اقترابا من آراء دول أوروبية مثل ألمانيا إزاء عملية صوفيا البحرية، والتي وصلت نتائجها لطريق مسدود مع استمرار الكوارث الإنسانية، وتصاعد نشاط شبكات تهريب البشر، خصوصا في مناطق غرب ليبيا والتي تتبع اسميا سلطة حكومة الوفاق.