عودة الاعتصامات إلى بغداد: رفض لـ"الموت بلا استعداد"

10 يناير 2017
يشكو سكان العاصمة من انهيار الوضع الأمني(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -
بعد نحو ستة أشهر على آخر تظاهرة في بغداد نظمها تيار مقتدى الصدر، تعود من جديد حركة الاعتصامات على مقربة من المنطقة الخضراء، لكن هذه المرة ليس احتجاجاً على الفساد بل بسبب الانهيار الأمني الكبير في العاصمة بغداد إثر الاعتداءات الإرهابية التي ضربت 13 منطقة فيها، بينها 9 أسواق شعبية خلال أسبوعين وراح ضحيتها نحو 600 قتيل وجريح غالبيتهم من المدنيين. 
ويطالب المعتصمون، الذين يقدر عددهم بالعشرات وأمضوا الأحد ليلتهم الأولى في ساحة التحرير على بعد نحو كيلومتر واحد من المنطقة الخضراء، باستبدال القيادات المسؤولة عن أمن العاصمة وإحالة المقصرين منهم إلى القضاء. ويرفع المعتصمون لافتات موجهة لرئيس الحكومة حيدر العبادي تعبر عن مطالبهم.

ويلاحظ في الاعتصام مشاركة عراقيين من مختلف الطوائف وتغلب على شعاراتهم المدنية فيما تغيب الشعارات الدينية، لا سيما أنها تكون في العادة عامل تفرقة وفقاً لما يقوله محمد طالب أحد العراقيين الذين اختاروا المشاركة في الاعتصام. ويشرح طالب، في حديث مع "العربي الجديد"، أسباب اختياره المشاركة في الاعتصام بالقول إن "بعضهم صار يشعر أن التواجد في سوق شعبية ببغداد أخطر من التواجد في ساحات القتال". ويشير إلى أنه "في ساحات القتال يكون الشخص مستعداً وجاهزاً بينما في السوق يكون الموت بلا استعداد".


ووفقاً لمصادر سياسية عراقية، فإن الاعتصام تم تنظيمه بالشراكة بين التيار الصدري والتيار المدني المستقل، ما يجعلها المرة الثالثة خلال عام التي يتشارك فيها التيار المدني مع أنصار مقتدى الصدر في تنظيم فعاليات احتجاج واعتصام.

وبحسب قياديين في التيار المدني، فإن السبب وراء ذلك هو منع وقوع اعتداءات تطاول الناشطين المدنيين من قوات الأمن أو بعض المليشيات التابعة لأحزاب سياسية، كما حصل في مرات سابقة كانوا بمفردهم. ووفقاً لهؤلاء، فإن وجود أتباع الصدر معهم يعني أنهم سيكونون في مأمن من أي اعتداء.

ويتوقع أن يرتفع عدد المعتصمين خلال الساعات المقبلة، لا سيما مع وصول خيام ومؤن للمعتصمين الذين جلب بعضهم أطفالهم إلى المكان. وقامت قوات الأمن العراقية بإغلاق مجموعة من الطرق المحيطة بساحة التحرير، حيث مكان الاعتصام. كما أغلقت جسر الجمهورية المؤدي اليها على نهر دجلة.

ويقول مسؤول بارز في حكومة العبادي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الاعتصام سيجذب المزيد في حال استمراره أكثر من يومين". ويوضح أنه "في حال استمر وتوسع الاعتصام سيكون بالتأكيد عامل ضغط على رئيس الوزراء، لا سيما في ما يتعلق باختيار وزيري الدفاع والداخلية". وحتى الآن لم ينجح العبادي في تسمية وزرين للداخلية والدفاع بسبب خلافات حادة بين الكتل السياسية من أبرزها المحاصصة الطائفية للمنصبين. ودأبت الحكومات على تسمية وزير من الطائفية الشيعية للداخلية وآخر من الطائفة السنية للدفاع بغض النظر عن خلفيتهم أو كفاءتهم وهو ما يعارضه العبادي الان ويطالب بمرشحين يسميهم "تكنوقراط".

وفي السياق، يشير المسؤول الحكومي نفسه، الذي تحدث مع "العربي الجديد"، إلى أن التيار الصدري يرفض تسمية قاسم الأعرجي لمنصب وزير الداخلية. والأخير هو المرشح الرسمي لكتلة بدر المنضوية في التحالف الوطني (الحاكم)، وقيادي في مليشيات بدر. ووفقاً للمصدر نفسه، فإنه "جلب المعتصمين الخيام قد يكون فصلاً جديداً من الأزمة مع بداية هذا العام، لا سيما إذا ما استمرت التفجيرات لأيام أخرى".

من جهته، يقول عضو التيار المدني العراقي المستقل، حسام حمدي، إن "الاعتصام سيبقى لحين التأكد من أن الساكنين في المنطقة الخضراء قد خجلوا على أنفسهم وتحركوا من أجل الفقراء الذين يسقطون بالتفجيرات اليومية في بغداد وباقي المدن". ويلفت في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "الحكومة لم تحاسب أي مسؤول في قوات الأمن من الجيش أو الشرطة في بغداد على الرغم من التفجيرات اليومية. وحتى البيانات التي كانت تصدرها بعبارات شجب واستنكار لم تعد موجودة وكأن المسؤولين اعتادوا على ذلك". ويضيف "هذا أقصى ما يمكننا فعله حالياً، ونأمل أن ينضم إلينا كل شخص حريص على آدميته وأن يبقى يشعر بالمسحوقين". ويلفت إلى أن "التفجيرات لا تحدث إلا بالمناطق الفقيرة بينما مناطق المسؤولين وقيادات الأحزاب محمية جيداً".

من جهته، يرجح عضو التيار الصدري، الشيخ حسين البصري، أن يصدر زعيم التيار، مقتدى الصدر، بياناً حول الاعتصام أو يدعو للتظاهر. ويوضح في حديث مع "العربي الجديد" أن "الصدر وصف ما يحدث من تفجيرات بأنها استهانة بدماء المواطنين من قبل المسؤولين عن الأمن قبل الإرهابيين الذين سفكوها".

 

المساهمون