عوائق متشابكة... تونس تعالج مديونية السياحة لدى قطاعات الدولة

16 مارس 2017
مساع لتنشيط السياحة قبل بدء موسم الصيف (أمين لاندلسي/الأناضول)
+ الخط -
يبحث مهنيو السياحة، ولا سيما منهم أصحاب الفنادق، عن مخرج لمعالجة ديونهم لدى المصارف بعدما تعثروا في سدادها نتيجة تدهو أوضاع القطاع منذ ستة أعوام.
وتتراكم على قطاع السياحة ديون تقترب من 1.5 مليار دولار، من بينها 600 مليون دولار لم تحن آجال سدادها بعد، وفق أرقام كشفت عنها جامعة الفنادق التي تنظم العاملين بقطاع الضيافة في تونس.
وتدفع جامعة النزل (جامعة أصحاب الفنادق) إلى الحصول على ضمان حكومي بالتدخل لدى المصارف لجدولة ديون المهنيين، متذرعة بالصعوبات التي يمر بها القطاع وعدم قدرة أصحاب الفنادق على سداد أقساط الديون في الوقت الحالي.
وتستعد جامعة النزل لصياغة ما وصفته بالكتاب الأبيض الذي يتضمن سبل جدولة ديون أصحاب الفنادق، على أن يعرض الكتاب على البنك المركزي وعدّة وزارات معنيّة لاعتماده قبل انطلاق الموسم السياحي لهذه السنة.
وقال رئيس الجامعة التونسية للنزل خالد الفخفاخ، إن المهنيين يعولون كثيرا على الدعم الحكومي ومساعدتهم عبر دفع مساهمة العمال المتأخرة لصالح صندوق الضمان الاجتماعي، إلى جانب منح أصحاب الفنادق قروضا استثنائية يتم تسديدها على امتداد 7 سنوات لحل المشاكل المالية للفنادق والمحافظة على فرص العمل المتوفرة لديها.
وأشار الفخفاخ في تصريح لـ "العربي الجديد" إلى أنه من الضروري دعم المهنيين بحوافز جديدة لمساعدتهم على النهوض مجددا، مشيرا إلى أن الفنادق التي حافظت على كل فرص العمل فيها لم تحقق أي أرباح طيلة المواسم الماضية، مكتفية بتوفير نفقات التسيير للحفاظ على صورة السياحة التونسية، وفق قوله.
ويتذمر أهل القطاع من صعوبات إجرائية في التمتع بما وعدت به الحكومة من إجراءات تم اتخاذها لفائدة القطاع السياحي منذ سنة 2015 للحد من انعكاسات الهجمات الإرهابية واحتواء الأزمة، التي لازمت القطاع خلال الفترة التي تلت الثورة.
وعقب العمليتين الإرهابيتين في باردو والمنتجع السياحي بسوسة في مارس/آذار ويونيو/حزيران 2015، تعهدت الدولة بتحمل مساهمة العمال في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لصالح الفنادق التي تحافظ على موظفيها، ومنح قروض استثنائية يمكن سدادها على مدى سبع سنوات مع سنتين إمهال بضمان من الدولة وتأجيل الأقساط المستوجبة لسنتي 2015 و2016، مع إعادة جدولة الديون وفق قدرة السداد للمؤسسات الفندقية وإعادة جدولة الضرائب المتأخرة.

وأشارت وزيرة السياحة سلمى اللومي، في تصريحات إعلامية إلى أن نصف الوحدات السياحية تشكو صعوبات في الحصول على القروض من البنوك لإطلاق خطط تأهيل واستئناف نشاطها، إضافة إلى مطالبة المهنيين بجدولة الديون المتأخرة عليهم منذ الثورة.
وكانت مديونية القطاع السياحي من أبرز النقاط التي توقفت عندها الدراسة التي أجراها مكتب دراسات عالمي بالتعاون مع البنك الدولي حول واقع القطاع السياحي في تونس.
وأكدت الدراسة الحديثة، على ضرورة سن مشروع قانون يتعلق بإنشاء صندوق يتولى التصرف في ديون القطاع السياحي باقتراح من قبل البنك الدولي وبمشاركة كل من البنك المركزي التونسي ووزارتي السياحة والمالية؛ لحل إشكالية مديونية القطاع السياحي التي أرهقت الدائنين والمؤسسات المالية بحكم صعوبة استخلاص الديون.
وحسب تشخيص قام به مكتب دراسات عالمي، تعود مشاكل القطاع السياحي في تونس إلى صعوبات هيكلية تعرفها المؤسسات السياحية، وضعف الربحية في ممارسة الأعمال التجارية في الفنادق، بالإضافة إلى ضعف الادخار، ما أدى إلى تراكم المديونية إضافة إلى عدم قدرة المختصين على جعل تونس وجهة سياحية عالمية قادرة على كسب العديد من الرهانات في ظل تواصل التركيز على السياحة الشاطئية.
وأوصت الدراسات بضرورة إعادة إصلاح النظام المالي وجدولة الديون وإعادة التفاوض حولها إلى جانب بيع أو تحويل نشاط الوحدات السياحية التي تواجه صعوبات.
وتعتبر السياحة في تونس من القطاعات الأساسية في تنشيط الاقتصاد الوطني، غير أن هناك مشاكل مطروحة حالت دون أن يقوم هذا القطاع بدوره المعهود، أهمها تأثير الهجمات الإرهابية التي ضربت جهات مختلفة من البلاد.
وتصنف ديون القطاع السياحي لدى المصارف بالمتعثرة، وهو ما جعل البنوك التي تواصل تمويل القطاع محل انتقاد كبير من قبل العاملين في بقية القطاعات الاقتصادية.
ويتهم العاملون في قطاعي الصناعة والزراعة المصارف بالتساهل في إقراض المؤسسات السياحية مقابل وضعها لشروط مجحفة لتمويل بقية القطاعات بالرغم من أن التجربة أثبتت أن القطاع السياحي من أكثر القطاعات تأثرا بالأوضاع الأمنية وأكثرها هشاشة.

المساهمون