27 سبتمبر 2018
عن وحشية مافيا حاكمة
كان النظام السوري يبدو شاذاً في التعامل مع الثورة، بالقياس إلى النظامين السابقين في تونس ومصر، وحتى اليمن (لم يُتح لنظام معمر القذافي في ليبيا ممارسة الأمر ذاته)، فقد مارس الوحشية منذ البدء، وقرَّر أن يسحق الثورة من دون تردد. ربما كان مصير رئيسي تونس ومصر المخلوعين هو ما جعل النظام المذكور يقرِّر الحسم العنيف، لكي لا يكون مصيره مشابهاً. لكنه كان السبّاق إلى ممارسة العنف العاري، مستغلاً تماسك النظام، والخشية الإقليمية والعالمية من توسّع الثورات العربية أكثر.
لكننا نلمس الآن أن النظم العربية، خصوصاً التي حدثت فيها ثورات، تميل إلى أن تمارس ما مارسه النظام السوري، بعد أن لمست أن كل سياسات المناورة التي قامت بها لم تُفلح في كبح ثورية الشعب، فقد ناورت الطبقة المسيطرة و"الدولة" من خلال إبعاد الرئيس، انطلاقاً من أنه هو السلطة، لكي تنهي تمرُّد الشعب، وتجعله يعتقد أنه انتصر، لكن الشعب الجائع الذي قبل هذه المناورة، معتقداً أن "النظام الجديد" سوف يحقق مطالبه، لمس أن تغيير الرئيس لم يغيّر وضعه، وأنه ما زال فقيراً وجائعاً وبلا عمل. لهذا عاد إلى الحركة، إلى الاحتجاج، وقام بثورة أخرى في مصر. لهذا، بات خطاب النظم يعتمد على التخويف من مصيرٍ مشابه لسورية وليبيا، ولقد عمل بعضها (مصر) على التشديد الأمني والهيمنة الشاملة على الإعلام، والاعتقال. وخلال ذلك كله، كان خطاب التخويف من الإرهاب هو الخطاب المركزي، مع عمليات قتلٍ هنا أو هناك من أجل تأكيد "جدية" الإرهاب. وهو الخطاب الذي كان يلاصق خطاب التخويف من وضع سورية وليبيا، لأن التمرّد مع وجود الإرهاب يعني سيطرة "داعش"، هذا الوحش الذي بات إله النظم، والحاجة الموضوعية من أجل استخدام العنف والسحق والاعتقال، والتخويف معاً.
بالتالي، يمكن تلخيص الأمر أن النظم ناورت أولاً، وحين فشلت المناورة استخدمت خطاب الإرهاب المرتبط بممارساتٍ إرهابية، ومن ثم بالتخويف من مصير سورية وليبيا. لكن ذلك كله لم يَفِدْ، لأن الشعوب لم تستكن، ولم تتراجع عن تمرّدها. فكيف لجائعٍ أن يقبل الموت هادئاً؟ وكيف لا "يُجنُّ"، وهو عاجز عن توفير لقمة خبز؟ ربما هذا ما لا تفهمه النظم، لهذا تميل إلى أن يقبل الشعب بالسكينة، على الرغم من الجوع، و"الموت جوعاً"، في تجاهلٍ كامل لوضع "بيولوجي" يدفع الجائع إلى التمرّد "رغماً عنه"، حيث لا خيار أمامه، فهو يقع بين الموت والموت. وهو خيار مثاليٌّ لحدوث التمرّد، حيث يكسر حاجز الخوف من الموت على يد النظام.
لذلك كله، بات خطاب النظم يقوم على التهديد، فانتقلنا من التخويف (والضغط الأمني) إلى التهديد. إلى التهديد بممارسة أقصى أنواع العنف. إلى استخدام الجيش، وإلى التهديد بالسحق، و"خسارة المستقبل". "كشَّرت النظم عن أنيابها" إذن، ولم يبق أمامها وهي تواجه ثورة الشعوب سوى خيار بشار الأسد. وهذا الأمر يعني أن الأزمة عميقة إلى الحدّ الذي يجعل الصراع حدّياً، ويعني أن أحد طرفيه يجب أن ينتصر أو يُسحق. لهذا، تهدد النظم بسحق الشعوب، وتُعلي من نبرتها التهديدية باستخدام أقصى الوحشية. بالتالي، ليس أمامها خيار سوى الوحشية. وهنا، يصبح بشار الأسد المثال، على الرغم من أنه تحوّل إلى كاريكاتور نظام بلا أرجل، سوى الاحتلال الخارجي. حيث لم تَفِدْ كل وحشيته في أن يظلّ قادراً على الحكم، إلا بدعم قوى خارجية، وبعد تدمير البلد. بالتالي، بات الأسد مثالاً على الرغم من فشله، وهذا ما يشير إلى ضيق ممكنات النظم للخروج منتصرة.
ربما تؤدي وحشية النظم إلى قتل أعلى، وتدمير أكبر، لكنها لن تستطيع الانتصار. وإذا كانت مسارعة النظام السوري إلى استخدام الوحشية هي التي جعلته يصمد بعض الوقت، قبل أن يحتاج "داعمين"، فإن النظم الأخرى لن تستطيع ذلك. بالضبط لأن الصراع الطبقي اخترق الدولة ذاتها، والأزمة طاولت بنيتها. لهذا، سيكون ميل النظام إلى الوحشية هو القرار الذي يفضي إلى تفكّك الدولة ذاتها أمام جبروت الشعب.
لكننا نلمس الآن أن النظم العربية، خصوصاً التي حدثت فيها ثورات، تميل إلى أن تمارس ما مارسه النظام السوري، بعد أن لمست أن كل سياسات المناورة التي قامت بها لم تُفلح في كبح ثورية الشعب، فقد ناورت الطبقة المسيطرة و"الدولة" من خلال إبعاد الرئيس، انطلاقاً من أنه هو السلطة، لكي تنهي تمرُّد الشعب، وتجعله يعتقد أنه انتصر، لكن الشعب الجائع الذي قبل هذه المناورة، معتقداً أن "النظام الجديد" سوف يحقق مطالبه، لمس أن تغيير الرئيس لم يغيّر وضعه، وأنه ما زال فقيراً وجائعاً وبلا عمل. لهذا عاد إلى الحركة، إلى الاحتجاج، وقام بثورة أخرى في مصر. لهذا، بات خطاب النظم يعتمد على التخويف من مصيرٍ مشابه لسورية وليبيا، ولقد عمل بعضها (مصر) على التشديد الأمني والهيمنة الشاملة على الإعلام، والاعتقال. وخلال ذلك كله، كان خطاب التخويف من الإرهاب هو الخطاب المركزي، مع عمليات قتلٍ هنا أو هناك من أجل تأكيد "جدية" الإرهاب. وهو الخطاب الذي كان يلاصق خطاب التخويف من وضع سورية وليبيا، لأن التمرّد مع وجود الإرهاب يعني سيطرة "داعش"، هذا الوحش الذي بات إله النظم، والحاجة الموضوعية من أجل استخدام العنف والسحق والاعتقال، والتخويف معاً.
بالتالي، يمكن تلخيص الأمر أن النظم ناورت أولاً، وحين فشلت المناورة استخدمت خطاب الإرهاب المرتبط بممارساتٍ إرهابية، ومن ثم بالتخويف من مصير سورية وليبيا. لكن ذلك كله لم يَفِدْ، لأن الشعوب لم تستكن، ولم تتراجع عن تمرّدها. فكيف لجائعٍ أن يقبل الموت هادئاً؟ وكيف لا "يُجنُّ"، وهو عاجز عن توفير لقمة خبز؟ ربما هذا ما لا تفهمه النظم، لهذا تميل إلى أن يقبل الشعب بالسكينة، على الرغم من الجوع، و"الموت جوعاً"، في تجاهلٍ كامل لوضع "بيولوجي" يدفع الجائع إلى التمرّد "رغماً عنه"، حيث لا خيار أمامه، فهو يقع بين الموت والموت. وهو خيار مثاليٌّ لحدوث التمرّد، حيث يكسر حاجز الخوف من الموت على يد النظام.
لذلك كله، بات خطاب النظم يقوم على التهديد، فانتقلنا من التخويف (والضغط الأمني) إلى التهديد. إلى التهديد بممارسة أقصى أنواع العنف. إلى استخدام الجيش، وإلى التهديد بالسحق، و"خسارة المستقبل". "كشَّرت النظم عن أنيابها" إذن، ولم يبق أمامها وهي تواجه ثورة الشعوب سوى خيار بشار الأسد. وهذا الأمر يعني أن الأزمة عميقة إلى الحدّ الذي يجعل الصراع حدّياً، ويعني أن أحد طرفيه يجب أن ينتصر أو يُسحق. لهذا، تهدد النظم بسحق الشعوب، وتُعلي من نبرتها التهديدية باستخدام أقصى الوحشية. بالتالي، ليس أمامها خيار سوى الوحشية. وهنا، يصبح بشار الأسد المثال، على الرغم من أنه تحوّل إلى كاريكاتور نظام بلا أرجل، سوى الاحتلال الخارجي. حيث لم تَفِدْ كل وحشيته في أن يظلّ قادراً على الحكم، إلا بدعم قوى خارجية، وبعد تدمير البلد. بالتالي، بات الأسد مثالاً على الرغم من فشله، وهذا ما يشير إلى ضيق ممكنات النظم للخروج منتصرة.
ربما تؤدي وحشية النظم إلى قتل أعلى، وتدمير أكبر، لكنها لن تستطيع الانتصار. وإذا كانت مسارعة النظام السوري إلى استخدام الوحشية هي التي جعلته يصمد بعض الوقت، قبل أن يحتاج "داعمين"، فإن النظم الأخرى لن تستطيع ذلك. بالضبط لأن الصراع الطبقي اخترق الدولة ذاتها، والأزمة طاولت بنيتها. لهذا، سيكون ميل النظام إلى الوحشية هو القرار الذي يفضي إلى تفكّك الدولة ذاتها أمام جبروت الشعب.