كثيرون يعتبرون أن طلّة المسحراتي بزيّه العربي وطبلته تضفي على شهر رمضان رونقاً خاصاً، خصوصاً أنّ الصيداويين يُحافظون على هذه العادة جيلاً بعد آخر وأباً عن جد.
في حارات صيدا القديمة، وبين مقاهيها الشعبية، يجول الخمسيني، عبّاس قطيش، حاملاً طبلته ليوقظ الصائمين وقت السّحور، ويصيح: "يا نايم وحّد الدايم... يا نايم وحّد الله، قوموا على سحوركم، جايي رمضان يزوركم". ولا يمرّ قرب منزل إلا وتضاء أنواره. أما الساهرون فيسعدون حين يسمعون صوته ويرونه مرتدياً الثياب العربية، وكثيرون يطلبون التقاط صور معه.
منذ 20 عاماً يسحّر قطيش الناس. أوّل الليل يبدأ جولته الأولى بإيقاظ الناس عند الساعة الحادية عشرة ليلاً وحتّى الواحدة فجراً، يتنقّل بعدها في أحياء صيدا، التي تعجّ مقاهيها بالرواد، يتوقّف بينهم، ينشد بعض القصائد والأدعية الدينية، ويحرص بعض الأهالي على تقديم الطعام والشراب والحلوى، فيما أصحاب "المخابز" يقدّمون له المناقيش الساخنة.
بينما يقوم بجولته الأخرى، من الساعة الثانية حتّى الرابعة فجراً، ويجول خلالها بين المنازل في الحارات الضيّقة ليوقظ الناس على صدى صوت طبلته و"ترانيم" أدعيته، تراه يتوقّف بين الحين والآخر ليأخذ قسطاً من الراحة، يستعيد بها نبرة صوته التي كثيراً ما تبحُّ من التكرار.
لم يرث قطيش مهنة "المسحراتي" عن أبيه أو جده، بل تعلمها من "شيخ المسحّراتية" في صيدا، الحاج خضر السالم، "آخر الرعيل الأول"، حين كان يرافقه في جولاته.
حالياً يعاونه في جولاته المسحّراتي، أحمد قرصيفي، الذي يحمل فانوساً كهربائياً يضيء به عتمة الزواريب الضيقة حين يكون التيار الكهربائي مقطوعاً. يبقى على هذه الحال حتّى يرى هلال العيد. فيخرج أوّل أيّامه معايداً الناس في منازلهم على وقع قصائد العيد الخاصّة.
إقرأ أيضاً: المسحراتي: من بلال بن رباح حتى اليوم
ورغم أنّه لا يطلب أجراً، إلا أنّ بعض الجيران "يجودون" عليه بـ"العيدية"، فيفرح ويصمّم على مواصلة تطوّعه في العام التالي، وهو يقول لهم: "كل عام وأنتم بخير".
يتذكر أهالي صيدا القديمة المسحّراتي قديماً، عندما كانوا أطفالاً. يروي الكبار أنّهم كانوا يعشقون انتظاره، لمشاهدته والاستماع إلى صوته وهو ينقر على طبلته. تماماً كما يفعل أطفالهم اليوم. هو الباقي من تلك الأيّام بعد اختفاء الحكواتي.
أما الصفات التي يجب أن يتمتّع بها المسحراتي فهي: اللياقة البدنية والصحّة الجيدة، إذ عليه أن يسير يوميا مسافات طويلة. كذلك الصوت القويّ والنَّفَس الطويل، إضافة إلى حفظه تلاوة القصائد الخاصّة بالمناسبة. فالمطلوب منه عدم التوقّف عن الكلام والتنبيه والابتهال إلى الله طيلة فترة جولاته بين بيوت النائمين.
هكذا يبقى المسحّراتي حافظاً لذكريات المدينة مع ماضيها، وتكفي طلّته بالزيّ العربي التراثي، وطبلته وصوته، ليوقظ الناس ويدعو إلى التقوى، كي تحافظ له على موقع أساسي، كما لو أنّه جزء من هذا الشهر، يأتي معه، ويختفي مع انتهائه.
في حارات صيدا القديمة، وبين مقاهيها الشعبية، يجول الخمسيني، عبّاس قطيش، حاملاً طبلته ليوقظ الصائمين وقت السّحور، ويصيح: "يا نايم وحّد الدايم... يا نايم وحّد الله، قوموا على سحوركم، جايي رمضان يزوركم". ولا يمرّ قرب منزل إلا وتضاء أنواره. أما الساهرون فيسعدون حين يسمعون صوته ويرونه مرتدياً الثياب العربية، وكثيرون يطلبون التقاط صور معه.
منذ 20 عاماً يسحّر قطيش الناس. أوّل الليل يبدأ جولته الأولى بإيقاظ الناس عند الساعة الحادية عشرة ليلاً وحتّى الواحدة فجراً، يتنقّل بعدها في أحياء صيدا، التي تعجّ مقاهيها بالرواد، يتوقّف بينهم، ينشد بعض القصائد والأدعية الدينية، ويحرص بعض الأهالي على تقديم الطعام والشراب والحلوى، فيما أصحاب "المخابز" يقدّمون له المناقيش الساخنة.
بينما يقوم بجولته الأخرى، من الساعة الثانية حتّى الرابعة فجراً، ويجول خلالها بين المنازل في الحارات الضيّقة ليوقظ الناس على صدى صوت طبلته و"ترانيم" أدعيته، تراه يتوقّف بين الحين والآخر ليأخذ قسطاً من الراحة، يستعيد بها نبرة صوته التي كثيراً ما تبحُّ من التكرار.
لم يرث قطيش مهنة "المسحراتي" عن أبيه أو جده، بل تعلمها من "شيخ المسحّراتية" في صيدا، الحاج خضر السالم، "آخر الرعيل الأول"، حين كان يرافقه في جولاته.
حالياً يعاونه في جولاته المسحّراتي، أحمد قرصيفي، الذي يحمل فانوساً كهربائياً يضيء به عتمة الزواريب الضيقة حين يكون التيار الكهربائي مقطوعاً. يبقى على هذه الحال حتّى يرى هلال العيد. فيخرج أوّل أيّامه معايداً الناس في منازلهم على وقع قصائد العيد الخاصّة.
إقرأ أيضاً: المسحراتي: من بلال بن رباح حتى اليوم
ورغم أنّه لا يطلب أجراً، إلا أنّ بعض الجيران "يجودون" عليه بـ"العيدية"، فيفرح ويصمّم على مواصلة تطوّعه في العام التالي، وهو يقول لهم: "كل عام وأنتم بخير".
يتذكر أهالي صيدا القديمة المسحّراتي قديماً، عندما كانوا أطفالاً. يروي الكبار أنّهم كانوا يعشقون انتظاره، لمشاهدته والاستماع إلى صوته وهو ينقر على طبلته. تماماً كما يفعل أطفالهم اليوم. هو الباقي من تلك الأيّام بعد اختفاء الحكواتي.
أما الصفات التي يجب أن يتمتّع بها المسحراتي فهي: اللياقة البدنية والصحّة الجيدة، إذ عليه أن يسير يوميا مسافات طويلة. كذلك الصوت القويّ والنَّفَس الطويل، إضافة إلى حفظه تلاوة القصائد الخاصّة بالمناسبة. فالمطلوب منه عدم التوقّف عن الكلام والتنبيه والابتهال إلى الله طيلة فترة جولاته بين بيوت النائمين.
هكذا يبقى المسحّراتي حافظاً لذكريات المدينة مع ماضيها، وتكفي طلّته بالزيّ العربي التراثي، وطبلته وصوته، ليوقظ الناس ويدعو إلى التقوى، كي تحافظ له على موقع أساسي، كما لو أنّه جزء من هذا الشهر، يأتي معه، ويختفي مع انتهائه.