19 ابريل 2021
عن زمن المفاجآت
لم يكن أحد يصدّق أن حلب ستدحر محاصريها خلال أربعة أيام، وستحاصرهم في اليوم الخامس. قبل فك الحصار، كانت جميع الأخبار تدور حول هجوم كاسح سيشنه النظام ومرتزقة إيران، بمعونة الطيران الروسي، لاحتلال كامل حلب، وردّها إلى بيت الطاعة الأسدي. وكنا نمسك قلوبنا خوفاً من سقوط مدينةٍ، تتركز فيها جميع قوى الصراع الداخلي/ العربي/ الإقليمي/ الدولي، ويرتبط بمعركتها مصير الشعب السوري، وشعوب أخرى في منطقتنا، وأوضاع دولية، تتكثف فيها على صورة جيوش متصارعة، وأسلحة متقاتلة، وخيارات متعارضة.
إلا أن مفاجأة هائلة كانت بانتظارنا، جسّدها هجوم عاصف، شنته المقاومة، بعد توحيد صفوفها، ورسم خطة عمليات مشتركة، نفذتها بتنسيق جهود طرفيها: الجيش الحر وجيش الفتح، اللذان هجم أحدهما من خارج المدينة، والآخر من داخلها، ثم التقيا، بعد بضعة أيام، في الراموسة، وفتحا معبراً فيها، وفكّا الحصار عن ثلاثمائة ألف مواطنة ومواطن، كان الأسد يتوهم أنه حاصرهم، وجعلهم أسراه.
لم يكن أحد يتخيل أنه سيكون للهجوم من الزخم ما سيمكّنه من طرد جيش النظام إلى خارج قلاع حصينة، عجز مقاتلو المعارضة عن الاقتراب منها أعواماً، ناهيك عن احتلالها، على الرغم من محاولاتهم المتكرّرة، وما قدّموه من شهداء على أسوارها. السؤال الذي يطرح نفسه: أين كان الأسديون والإيرانيون الذين يتأهبون لاقتحام حلب، وما الذي فعلوه لصد هجوم المقاومة المباغت؟ يبدو أنهم فرّوا، أو تفرّقوا أيدي سبأ، أو قتلوا، أو سقطوا أسرى، أو انسحبوا من معركةٍ أيقنوا أنهم لا يستطيعون خوضها.
هذه المفاجأة على الصعيد العسكري رافقتها مفاجأة على الصعيد السياسي، لعب فشل الانقلاب في تركيا دوره الكبير في إحداثها، جسّدها قرار أنقرة رفض حصار حلب، والعمل على كسره من خارج الالتزام بما كان يتم من تفاهمات أميركية/ روسية، وعلى وضع هجوم المقاومة في سياقٍ لا يريح واشنطن، يعطل خطة النقاط الثلاث التي كانت قد أعلنت عن بدء جهودٍ مكثفة، للتفاهم عليها مع روسيا، فتبخرت نقاطها جميعها، ولم "تتحول الهدنة إلى وقف إطلاق نار دائم"، أو "يقدّم كيري مقترحاً جديداً للحل"، كما تنص على ذلك نقطتها الثالثة. بدعمها الهجوم الناجح، أظهرت أنقرة كم يمكن لدورها أن يكون مؤثرا في الخطط التي يضعها الكبيران، وكم يمكنها العمل من خارج قراراتهما وخططهما، أميركية كانت أم روسية، وبين أن خيارات أنقرة لن تنضوي، بالضرورة وفي جميع الأحوال، ضمن السياق الذي تم التفاهم عليه بينهما، وأنها تستطيع خربطة شغلهم، والعمل بطرقٍ ليس من المحتم أن تكون جزئية أو وقتية المجريات والنتائج.
ما الذي سيترتب على المفاجأتين السورية والتركية؟ ثمّة احتمالاتٌ عديدة ممكنة، أهمها التالي: بدعمها الهجوم بعد المصالحة مع روسيا، وقبل زيارة الرئيس أردوغان سان بطرسبورغ، ومن دون النظر إلى ما يمكن أن يكون عليه رد فعل واشنطن، أعلنت تركيا في رسالةٍ واضحة إلى "كل من يهمه الأمر" أنها لن تتخلى عن السوريين وثورتهم، ولن تصالح نظامهم أو تنقذه، كما خالت أوساط عديدة، ولن تتردّد في إمدادهم بالعون الذي يمكّنهم من تغيير أوضاعهم العسكرية، وتالياً السياسية، إلى الحد الذي يجعلهم رقماً صعباً يستحيل تجاوزه، سواء في معادلات السياسات الإقليمية والدولية، أم في أي حل مقبل.
بمعركة حلب ونتائجها الباهرة، دخلت تركيا الساحة السورية من أعرض أبوابها، وطوت صفحة التقيّد بالرهانات والحسابات، الخارجية عموماً والأميركية خصوصاً، وأحدثت مفاجأة من العيار الثقيل، لا يُستبعد إطلاقاً أن تمهد لحل سياسي عادل، يحترم شعب سورية، ويستجيب لحقوقه: طال الزمن أم قصر.
إلا أن مفاجأة هائلة كانت بانتظارنا، جسّدها هجوم عاصف، شنته المقاومة، بعد توحيد صفوفها، ورسم خطة عمليات مشتركة، نفذتها بتنسيق جهود طرفيها: الجيش الحر وجيش الفتح، اللذان هجم أحدهما من خارج المدينة، والآخر من داخلها، ثم التقيا، بعد بضعة أيام، في الراموسة، وفتحا معبراً فيها، وفكّا الحصار عن ثلاثمائة ألف مواطنة ومواطن، كان الأسد يتوهم أنه حاصرهم، وجعلهم أسراه.
لم يكن أحد يتخيل أنه سيكون للهجوم من الزخم ما سيمكّنه من طرد جيش النظام إلى خارج قلاع حصينة، عجز مقاتلو المعارضة عن الاقتراب منها أعواماً، ناهيك عن احتلالها، على الرغم من محاولاتهم المتكرّرة، وما قدّموه من شهداء على أسوارها. السؤال الذي يطرح نفسه: أين كان الأسديون والإيرانيون الذين يتأهبون لاقتحام حلب، وما الذي فعلوه لصد هجوم المقاومة المباغت؟ يبدو أنهم فرّوا، أو تفرّقوا أيدي سبأ، أو قتلوا، أو سقطوا أسرى، أو انسحبوا من معركةٍ أيقنوا أنهم لا يستطيعون خوضها.
هذه المفاجأة على الصعيد العسكري رافقتها مفاجأة على الصعيد السياسي، لعب فشل الانقلاب في تركيا دوره الكبير في إحداثها، جسّدها قرار أنقرة رفض حصار حلب، والعمل على كسره من خارج الالتزام بما كان يتم من تفاهمات أميركية/ روسية، وعلى وضع هجوم المقاومة في سياقٍ لا يريح واشنطن، يعطل خطة النقاط الثلاث التي كانت قد أعلنت عن بدء جهودٍ مكثفة، للتفاهم عليها مع روسيا، فتبخرت نقاطها جميعها، ولم "تتحول الهدنة إلى وقف إطلاق نار دائم"، أو "يقدّم كيري مقترحاً جديداً للحل"، كما تنص على ذلك نقطتها الثالثة. بدعمها الهجوم الناجح، أظهرت أنقرة كم يمكن لدورها أن يكون مؤثرا في الخطط التي يضعها الكبيران، وكم يمكنها العمل من خارج قراراتهما وخططهما، أميركية كانت أم روسية، وبين أن خيارات أنقرة لن تنضوي، بالضرورة وفي جميع الأحوال، ضمن السياق الذي تم التفاهم عليه بينهما، وأنها تستطيع خربطة شغلهم، والعمل بطرقٍ ليس من المحتم أن تكون جزئية أو وقتية المجريات والنتائج.
ما الذي سيترتب على المفاجأتين السورية والتركية؟ ثمّة احتمالاتٌ عديدة ممكنة، أهمها التالي: بدعمها الهجوم بعد المصالحة مع روسيا، وقبل زيارة الرئيس أردوغان سان بطرسبورغ، ومن دون النظر إلى ما يمكن أن يكون عليه رد فعل واشنطن، أعلنت تركيا في رسالةٍ واضحة إلى "كل من يهمه الأمر" أنها لن تتخلى عن السوريين وثورتهم، ولن تصالح نظامهم أو تنقذه، كما خالت أوساط عديدة، ولن تتردّد في إمدادهم بالعون الذي يمكّنهم من تغيير أوضاعهم العسكرية، وتالياً السياسية، إلى الحد الذي يجعلهم رقماً صعباً يستحيل تجاوزه، سواء في معادلات السياسات الإقليمية والدولية، أم في أي حل مقبل.
بمعركة حلب ونتائجها الباهرة، دخلت تركيا الساحة السورية من أعرض أبوابها، وطوت صفحة التقيّد بالرهانات والحسابات، الخارجية عموماً والأميركية خصوصاً، وأحدثت مفاجأة من العيار الثقيل، لا يُستبعد إطلاقاً أن تمهد لحل سياسي عادل، يحترم شعب سورية، ويستجيب لحقوقه: طال الزمن أم قصر.