27 سبتمبر 2018
عن داعش .. ثانيةً
ما يجري تداوله في الإعلام، وما يجري في النشاط الدبلوماسي والسياسي، هو التركيز على تشكيل تحالف في مواجهة داعش. هذا ما فعلته أميركا منذ أكثر من عام، حينما شكلت تحالفاً من 42 دولة لـ "هزيمة" داعش. وهذا ما يدعو إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يرى ضرورة تشكيل تحالف يضم السعودية وتركيا والأردن والنظام السوري من أجل "هزيمة داعش". في العراق، يُحشد من أجل "هزيمة داعش"، وفي سورية، يقال إن ما يجري "حرب ضد داعش". وليصبح داعش القاسم المشترك لضم المتناقضين في تحالف واحد، طبعاً ضد "عدو وهمي" بكل معنى الكلمة، ليس لأنه غير موجود، بل لأنه أداة للقوى التي تطالب بتشكيل تحالف. هذا ما أشرنا إليه قبلاً، فالكل يلعب بداعش، والكل يستغلّه من أجل تحويل الصراع من طابعه الحقيقي إلى شكل وهمي، حيث حين ذاك "يهزم داعش"، وفي الحقيقة، تكون مهمته قد انتهت، فـ "يتبخّر".
المطلوب من لعبة داعش هو الأهم، ويتعلق برؤية كل طرف ما يريده في إطار ترتيب وضع المنطقة. هو البعبع الذي يستخدمه كل طرف من أجل الحصول على تنازلاتٍ، تحقق ما يريد، لكن كل هؤلاء الذين يستخدمون داعش متوافقون على نقطة مركزية واحدة: سحق الثورة، في العراق وفي سورية (وفي بلدان عديدة حدثت فيها ثورات أو يمكن أن تحدث فيها ثورات). لهذا، يغض الطرف المسيطر عليها، وهو أميركا، النظر عن استخدامات الأطراف الأخرى، ما دام الأمر يتعلق بسحق الثورة، وتفتيت تمرّد الشعب، وتحويل الصراع من ثورة ضد النظام إلى اشتباكات مع "قوى متطرفة". هذا ما جعل أميركا، "المالك الأساس" لداعش، و"صانعه" من كادرات دربتها خلال الحرب ضد السوفييت في أفغانستان، ومن خبرات كبيرة موظفة في "شركة أمنية خاصة"، ما جعلها تقبل دور تنظيم دولة العراق (أبو داعش) لتخريب الحراك الشعبي في المناطق الغربية من العراق، نهاية سنة 2012 وسنة 2013 إلى يناير/كانون الثاني 2014، حيث استغل نوري المالكي اسم داعش لكي يسحق الاعتصامات في ست محافظات عراقية. وفي سورية، كان دور داعش السيطرة على المناطق التي انسحبت منها السلطة، واعتقال كادرات الثورة السلمية والمسلحة أو قتلهم، وإقامة سلطة قروسطية تقول إنها تستند إلى الدين، لكن يعتمد الوهابية أساساً في فرض "دين" سطحي وشكلي، لا يتناسب مع الشعب، حتى المتدين منه.
لعب داعش دوراً مهماً في إرهاق الثورة وتشتيتها، ولم يواجه النظام إلا في لحظاتٍ، يبدو أن الهدف منها حصوله على السلاح، أو فك حصار قوات للنظام. وقد انطلق من فتوى تقول بأولوية قتال المرتدّ على الكافر، والمرتد هنا كل المسلمين الذين لا يقدمون الولاء له، ولا يخضعون لسلطته ولا يقبلون بالبغدادي خليفة للمسلمين. أما الكفرة (وهم الأقليات الطائفية والدينية) فليسوا في أولويته، الأمر الذي يُظهر أن قتاله منصبّ على قوى الثورة في العراق وسورية (حيث كان الحراك ممركزاً أكثر في المناطق "السنية")، فهي تنتمي إلى "المرتدّين".
بالتالي، القول بالتحالف ضد داعش يعني التحالف ضد "وهم"، لكنه يفرض التخلي عن الثورة، والقبول بسياسات الدول المسيّرة لداعش، في العراق، حيث يجب تعديل وضع الدولة لمصلحة تراجع دور إيران وتحت سيطرة أميركية. وفي سورية، إنهاء الثورة والقبول بأي حل تقرّره القوى المتحكمة باللعبة السياسية. أي تجاهل مطالب الثورة، والقبول بسلطةٍ هي إعادة إنتاج للنظام القائم بحجة الحرب على داعش.
داعش اللعبة التي تُحرّك لمصلحة سياسات دول، بالتالي، يجب أن نفهم سياسات تلك الدول. وسنلمس أنه حين تتحقق هذه السياسات سوف "يتبخّر" داعش، ربما لكي يقوم بالدور نفسه في مكان آخر، فللشركة الأمنية الخاصة في زمن سيطرة الطغم المالية أدوار كثيرة.
المطلوب من لعبة داعش هو الأهم، ويتعلق برؤية كل طرف ما يريده في إطار ترتيب وضع المنطقة. هو البعبع الذي يستخدمه كل طرف من أجل الحصول على تنازلاتٍ، تحقق ما يريد، لكن كل هؤلاء الذين يستخدمون داعش متوافقون على نقطة مركزية واحدة: سحق الثورة، في العراق وفي سورية (وفي بلدان عديدة حدثت فيها ثورات أو يمكن أن تحدث فيها ثورات). لهذا، يغض الطرف المسيطر عليها، وهو أميركا، النظر عن استخدامات الأطراف الأخرى، ما دام الأمر يتعلق بسحق الثورة، وتفتيت تمرّد الشعب، وتحويل الصراع من ثورة ضد النظام إلى اشتباكات مع "قوى متطرفة". هذا ما جعل أميركا، "المالك الأساس" لداعش، و"صانعه" من كادرات دربتها خلال الحرب ضد السوفييت في أفغانستان، ومن خبرات كبيرة موظفة في "شركة أمنية خاصة"، ما جعلها تقبل دور تنظيم دولة العراق (أبو داعش) لتخريب الحراك الشعبي في المناطق الغربية من العراق، نهاية سنة 2012 وسنة 2013 إلى يناير/كانون الثاني 2014، حيث استغل نوري المالكي اسم داعش لكي يسحق الاعتصامات في ست محافظات عراقية. وفي سورية، كان دور داعش السيطرة على المناطق التي انسحبت منها السلطة، واعتقال كادرات الثورة السلمية والمسلحة أو قتلهم، وإقامة سلطة قروسطية تقول إنها تستند إلى الدين، لكن يعتمد الوهابية أساساً في فرض "دين" سطحي وشكلي، لا يتناسب مع الشعب، حتى المتدين منه.
لعب داعش دوراً مهماً في إرهاق الثورة وتشتيتها، ولم يواجه النظام إلا في لحظاتٍ، يبدو أن الهدف منها حصوله على السلاح، أو فك حصار قوات للنظام. وقد انطلق من فتوى تقول بأولوية قتال المرتدّ على الكافر، والمرتد هنا كل المسلمين الذين لا يقدمون الولاء له، ولا يخضعون لسلطته ولا يقبلون بالبغدادي خليفة للمسلمين. أما الكفرة (وهم الأقليات الطائفية والدينية) فليسوا في أولويته، الأمر الذي يُظهر أن قتاله منصبّ على قوى الثورة في العراق وسورية (حيث كان الحراك ممركزاً أكثر في المناطق "السنية")، فهي تنتمي إلى "المرتدّين".
بالتالي، القول بالتحالف ضد داعش يعني التحالف ضد "وهم"، لكنه يفرض التخلي عن الثورة، والقبول بسياسات الدول المسيّرة لداعش، في العراق، حيث يجب تعديل وضع الدولة لمصلحة تراجع دور إيران وتحت سيطرة أميركية. وفي سورية، إنهاء الثورة والقبول بأي حل تقرّره القوى المتحكمة باللعبة السياسية. أي تجاهل مطالب الثورة، والقبول بسلطةٍ هي إعادة إنتاج للنظام القائم بحجة الحرب على داعش.
داعش اللعبة التي تُحرّك لمصلحة سياسات دول، بالتالي، يجب أن نفهم سياسات تلك الدول. وسنلمس أنه حين تتحقق هذه السياسات سوف "يتبخّر" داعش، ربما لكي يقوم بالدور نفسه في مكان آخر، فللشركة الأمنية الخاصة في زمن سيطرة الطغم المالية أدوار كثيرة.