03 مارس 2022
عن الإعلام ومكانة المرأة
قد تُحدث الثورات والحركات الشعبية الهادرة في أكثر من بلد عربي إنجازاتٍ ما على مستوى التغيير السياسي في الأنظمة، أو رؤوسها على أقل تقدير. قد تنجح الثورة السودانية في إنجاز نصر كامل، وربما لا يتحقق للانتفاضة الجزائرية النصر نفسه. وربما تخفق بعض الثورات في تحقيق أهدافها، كما كان مآل الثورتين في مصر وسورية، وربما تتبدّد الثورة، وتنقلب إلى حرب أهلية كما هوت الثورتان في اليمن وليبيا. لكن الأكيد أن كل هذه الهبات والانتفاضات والثورات قد أنجزت تغييراً ما، في مكان ما، داخل البنى السياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية في مجتمعاتها.
شهد الأسبوع الماضي ظاهرةً تستحق التوقف عندها لأهمية التغيير الذي تؤشر إليه، والمقصود الاهتمام اللافت لوسائل الإعلامين التقليدي والجديد ومنصاتهما بصورة الفتاة السودانية آلاء صلاح، المعروفة باسم كنداكة السودان وأيقونة ثورته الشعبية. احتفاء الإعلام، المحلي والعربي وحتى الدولي، بمشهد الفتاة التي اعتلت منصةً، وقادت حشداً من الرجال رددوا من ورائها كلمات "حبوبتي كنداكة"، يعني أن هناك تحولاتٍ في تعاطي الإعلام مع المرأة ودورها، بعد تجاهل طالت سنواته وتعدّدت مستوياته.
لسنوات طويلة، ظل حضور المرأة وتمثيلها في وسائل الإعلام (والحديث هنا لا يخص إعلام بلد بعينه) ناقصاً إن لم نقل مغبوناً، وتمثل هذا الغياب أو التغييب في مستويات ثلاثة: من حيث المحتوى، غلبت على المنتج الإعلامي صور نمطية مغلوطة، تكرّس الأدوار التقليدية للمرأة، أو تتعامل معها جسدا أو صورةً جنسيةً، لترويج السلع الاستهلاكية وتسويقها. وغالباً ما تحضر المرأة في أطر نمطية (المنزل والأسرة)، أو الحضور الجنسي، أو الظهور الثانوي المساعد، وتبدو أقل موثوقيةً، ضعيفة. وبالتأكيد لا تعكس هذه الصور حقيقة حياة المرأة المتنوعة وإسهاماتها في المجتمعات وحراكها. ولا تغبن المؤسسات الإعلامية المرأة في ما تبثه من محتويات إعلامية وحسب، إذ إن تمثيل المرأة داخل المؤسسات الإعلامية، وخصوصا في غرف التحرير لا يزال ضئيلاً، وإن اضطرت المؤسسات للاستعانة بقدراتٍ نسائية، فغالباً ما يتم توظيفها في مواقع متواضعة، تخص تغطية مواضيع الأسرة والتدبير المنزلي، أو الموضة والتجميل... إلخ، وهي أدوار لا تخرج عن الصورة النمطية للمرأة، بل تكرّسها في مكان العمل.
أضف إلى ذلك، في المستوى الثالث، لا يُرى أي حضور للمرأة في مواقع صنع القرار داخل المؤسسات الإعلامية. ومن المهم التأكيد هنا أن هذه الحال لا تخصّ البلدان العربية ومؤسساتها الإعلامية حصراً، بل هي ظاهرةٌ تنسحب حتى على الدول الأكثر تقدّما وديمقراطية. أضف إلى ذلك أن النساء العاملات في المؤسسات الإعلامية لسن أحسن حالاً من نظيراتهن العاملات في قطاعات ومهن أخرى، إذ يعانين من التمييز مع أقرانهن من الرجال في الأجور والامتيازات، كما يواجهن كثيرا من التمييز الجندري، ناهيك عن تعرّضهن للتحرش اللفظي والجسدي.
قد يفسر غياب المرأة عن غرف التحرير ومواقع القيادة في المؤسسات الإعلامية ضعف حضور المرأة، وغياب صوتها في المحتوى الإعلامي الذي تنتجه وتنشره المنصّات الإعلامية بمختلف أشكالها. وإن حضرت المرأة في البرامج والمواد الإعلامية والصحافية، فإن صوتها مصدرا للأخبار والمعلومات، حتى وهي في موقع المسؤولية لا يزال هامشياً، إذ غالباً ما تميل وسائل الإعلام إلى الحصول على المعلومات من مصادر ذكورية، مع فرد المساحات الأوسع للخبراء وصناع القرار من الرجال.
توضح تقارير هيئات دولية معتبرة أن النسبة المئوية الإجمالية للقصص الإخبارية التي تتعلق بالنساء لا تتجاوز 37% (معدل وسطي لمختلف مناطق العالم)، بينما لا تتجاوز القصص التي تتحدى الصور النمطية الجندرية نسبة 4%. أما حضور المرأة في غرف التحرير، وغرف إدارة المؤسسات الإعلامية، فلا يزال يراوح عند نسبٍ بسيطةٍ ومُخجلة.
المرأة العربية شريكة أساسية في صنع الـثورات، وفي النضال ضد الفساد والديكتاتورية، وكل امرأة هي كنداكة تصنع تغييراً في موقعها، وصار من الحتمي إحداث ثورةٍ لتغيير وضع المرأة في مخرجات الإعلام وداخل مؤسساته.
شهد الأسبوع الماضي ظاهرةً تستحق التوقف عندها لأهمية التغيير الذي تؤشر إليه، والمقصود الاهتمام اللافت لوسائل الإعلامين التقليدي والجديد ومنصاتهما بصورة الفتاة السودانية آلاء صلاح، المعروفة باسم كنداكة السودان وأيقونة ثورته الشعبية. احتفاء الإعلام، المحلي والعربي وحتى الدولي، بمشهد الفتاة التي اعتلت منصةً، وقادت حشداً من الرجال رددوا من ورائها كلمات "حبوبتي كنداكة"، يعني أن هناك تحولاتٍ في تعاطي الإعلام مع المرأة ودورها، بعد تجاهل طالت سنواته وتعدّدت مستوياته.
لسنوات طويلة، ظل حضور المرأة وتمثيلها في وسائل الإعلام (والحديث هنا لا يخص إعلام بلد بعينه) ناقصاً إن لم نقل مغبوناً، وتمثل هذا الغياب أو التغييب في مستويات ثلاثة: من حيث المحتوى، غلبت على المنتج الإعلامي صور نمطية مغلوطة، تكرّس الأدوار التقليدية للمرأة، أو تتعامل معها جسدا أو صورةً جنسيةً، لترويج السلع الاستهلاكية وتسويقها. وغالباً ما تحضر المرأة في أطر نمطية (المنزل والأسرة)، أو الحضور الجنسي، أو الظهور الثانوي المساعد، وتبدو أقل موثوقيةً، ضعيفة. وبالتأكيد لا تعكس هذه الصور حقيقة حياة المرأة المتنوعة وإسهاماتها في المجتمعات وحراكها. ولا تغبن المؤسسات الإعلامية المرأة في ما تبثه من محتويات إعلامية وحسب، إذ إن تمثيل المرأة داخل المؤسسات الإعلامية، وخصوصا في غرف التحرير لا يزال ضئيلاً، وإن اضطرت المؤسسات للاستعانة بقدراتٍ نسائية، فغالباً ما يتم توظيفها في مواقع متواضعة، تخص تغطية مواضيع الأسرة والتدبير المنزلي، أو الموضة والتجميل... إلخ، وهي أدوار لا تخرج عن الصورة النمطية للمرأة، بل تكرّسها في مكان العمل.
أضف إلى ذلك، في المستوى الثالث، لا يُرى أي حضور للمرأة في مواقع صنع القرار داخل المؤسسات الإعلامية. ومن المهم التأكيد هنا أن هذه الحال لا تخصّ البلدان العربية ومؤسساتها الإعلامية حصراً، بل هي ظاهرةٌ تنسحب حتى على الدول الأكثر تقدّما وديمقراطية. أضف إلى ذلك أن النساء العاملات في المؤسسات الإعلامية لسن أحسن حالاً من نظيراتهن العاملات في قطاعات ومهن أخرى، إذ يعانين من التمييز مع أقرانهن من الرجال في الأجور والامتيازات، كما يواجهن كثيرا من التمييز الجندري، ناهيك عن تعرّضهن للتحرش اللفظي والجسدي.
قد يفسر غياب المرأة عن غرف التحرير ومواقع القيادة في المؤسسات الإعلامية ضعف حضور المرأة، وغياب صوتها في المحتوى الإعلامي الذي تنتجه وتنشره المنصّات الإعلامية بمختلف أشكالها. وإن حضرت المرأة في البرامج والمواد الإعلامية والصحافية، فإن صوتها مصدرا للأخبار والمعلومات، حتى وهي في موقع المسؤولية لا يزال هامشياً، إذ غالباً ما تميل وسائل الإعلام إلى الحصول على المعلومات من مصادر ذكورية، مع فرد المساحات الأوسع للخبراء وصناع القرار من الرجال.
توضح تقارير هيئات دولية معتبرة أن النسبة المئوية الإجمالية للقصص الإخبارية التي تتعلق بالنساء لا تتجاوز 37% (معدل وسطي لمختلف مناطق العالم)، بينما لا تتجاوز القصص التي تتحدى الصور النمطية الجندرية نسبة 4%. أما حضور المرأة في غرف التحرير، وغرف إدارة المؤسسات الإعلامية، فلا يزال يراوح عند نسبٍ بسيطةٍ ومُخجلة.
المرأة العربية شريكة أساسية في صنع الـثورات، وفي النضال ضد الفساد والديكتاتورية، وكل امرأة هي كنداكة تصنع تغييراً في موقعها، وصار من الحتمي إحداث ثورةٍ لتغيير وضع المرأة في مخرجات الإعلام وداخل مؤسساته.