11 نوفمبر 2024
عن أنيسة مخلوف
تُذكّرنا وفاة والدة بشار الأسد، أنيسة مخلوف، الأسبوع الماضي، بأن هذه السيدة كانت من الشخصيات السورية التي فرض الاتحاد الأوروبي عليها، في مارس/آذار 2012، عقوباتٍ اقتصادية. ما دلَّ على يقينٍ لدى دوائر استخبارية أوروبية بأن ثمّة حصة من المسؤولية عليها عن بطش السلطة الحاكمة في سورية وفسادها. وكان لافتاً أن تنعى رئاسة الجمهورية السورية المتوفاة بوصفها "أرملة الرئيس الراحل حافظ الأسد"، لا بأنها والدة الرئيس الراهن، وهو ما لا يمكن أن يكون هفوةً بروتوكولية، بل يجوز حسبانُه ذريعةً لعدم نشر أخبارٍ عن تلقي بشار الأسد أي تعازي بوفاة والدته، وعن مشاركته في جنازتها. والمرجّح، في هذا كله، أن مقادير الخوف على المذكور وأمنه مهولة، وقد تكون التعليمات الإيرانية والروسية هي ما تقضي بعدم وجوده في أي جمعٍ من أيِّ نوع، أفراحاً أو أتراحاً، إلا بكيفياتٍ محسوبةٍ، وشديدة الإحكام.
من مفارقات ميتة أنيسة مخلوف عن 86 عاماً أن تشييعها وجنازتها لم يحظيا بموجبات المهابة التي تليق بامرأةٍ كانت شريكاً في صناعة المشهد السوري الموحش، خمسةً وأربعين عاماً، بالدموية المعلومة في عهدي حافظ الأسد ونجله، وكذا بفسادٍ فادحٍ ومكشوفٍ يرفع بيارقه إخوة هذه المرأة وأبناؤهم، ومنهم محمد مخلوف وولداه رامي وحافظ، وكذا عاطف نجيب، ابن أختها الذي كان صلفُه تجاه أبناء درعا، وكان مسؤولاً عن الأمن السياسي هناك، من أسباب اشتعال غضب الشعب السوري في ثورته، اليتيمة تالياً. وإلى هؤلاء من ذوي القربى للسيدة أنيسة، ثمّة غيرهم من العائلة وحواشيها، يعدّون عناوين ظاهرة للفساد المالي والسياسي والتجبّر الأمني على السوريين.
أما الراحلة نفسها، فإذا كان قد جرى كلامٌ كثيرٌ عن بقائها في الظل، فإن الكلام الأجدر بالانتباه أنها كانت الأقدر، ولا سيما بعد ترمّلها، على حماية أسرة حافظ الأسد، من أي زوابع أو شقاقٍ معلن، ونجاحها مشهود في هذا، وفي البال أن سلطتها على أنجالها هي التي منعت، مع الأسد المؤسس طبعاً، تهوّر أحدهم عندما فكّر بقتل آصف شوكت، لتجرؤ الأخير على طلب الزواج من أخته. وتالياً، صعد هذا، إلى موقعٍ رفيع في بنيان دولة المخابرات، قبل أن يقضي في تفجيرٍ معلوم، في غضون الثورة، مع نظراءَ له. وفيما النُّتف التي تتيسّر عن سيرة أنيسة شحيحة، إلا أن الإجماع فيها عريضٌ على أنها كانت قوية الشخصية، كيف لا وهي التي أصرّت على الزواج من الملازم أول حافظ الأسد، وكانت في الرابعة والعشرين، على الرغم من معارضة عائلتها الثريّة التي تنتسب إلى الحزب القومي السوري، فيما طالبُ القرب من عائلةٍ فقيرةٍ بعثية. وذاع أن تدخل شيوخٍ من الطائفة العلوية هو ما يسّر ذلك الزواج الذي كانت أنيسة، في غضونه، عوناً كبيراً لبعلها في كل ما خطّط له، ودبّره، ومضى فيه، فكانت من مصادر بعض أخباره عن رفاقه الذين أزاحهم في انقلاب 1971 مما كانت تلتقطه من زوجاتهم. وكانت، على ما قرأنا، "شديدة الذكاء" في تشجيع زوجها على جولاتِ البطش التي لم تتوقف ضد معارضيه، ومن يُشتبه بهم معارضين.
امرأةٌ عاشت زوجةً لحافظ الأسد عقوداً، إلى الحد الذي تُعرّف أرملةً له في وفاتها، نصدّق بشأنها ما طالعنا عن غضبها الشديد من ولدها بسبب خروج الجيش السوري من لبنان، وإنْ شجعته تالياً، إلى أبعد الحدود، في استخدام أقسى وسائل الحل الأمني ضد ثورة السوريين. ومعلوم أن ولدها هذا يحوز "شرعيّته" في رئاسة سورية، من حادث سيرٍ أودى بشقيقه الأكبر الذي كان يُعدّ لولاية عهد والده، والمرجّح أن أنيسة ماتت مكلومةً بفقد نجلها هذا (ونجلٍ آخر قيل إن الهيروين قتله). وإلى ما سبق، نُصدّق، أيضاً، ما نقلته هيلاري كلينتون، عن سعود الفيصل، قوله لها، إن عائلة بشار، بقيادة أنيسة مخلوف، لن تسمح له بالتعاون مع خطةٍ لإنهاء العنف، والبدء في تحول سياسي. .. وإذ تقول العرب إن فلاناً ابن أبيه، تدليلاً على تمثله شمائل أبيه أو مخازيه، يجوز، هنا، القول، إن بشار الأسد ابن أبيه، وأمه أيضاً.
من مفارقات ميتة أنيسة مخلوف عن 86 عاماً أن تشييعها وجنازتها لم يحظيا بموجبات المهابة التي تليق بامرأةٍ كانت شريكاً في صناعة المشهد السوري الموحش، خمسةً وأربعين عاماً، بالدموية المعلومة في عهدي حافظ الأسد ونجله، وكذا بفسادٍ فادحٍ ومكشوفٍ يرفع بيارقه إخوة هذه المرأة وأبناؤهم، ومنهم محمد مخلوف وولداه رامي وحافظ، وكذا عاطف نجيب، ابن أختها الذي كان صلفُه تجاه أبناء درعا، وكان مسؤولاً عن الأمن السياسي هناك، من أسباب اشتعال غضب الشعب السوري في ثورته، اليتيمة تالياً. وإلى هؤلاء من ذوي القربى للسيدة أنيسة، ثمّة غيرهم من العائلة وحواشيها، يعدّون عناوين ظاهرة للفساد المالي والسياسي والتجبّر الأمني على السوريين.
أما الراحلة نفسها، فإذا كان قد جرى كلامٌ كثيرٌ عن بقائها في الظل، فإن الكلام الأجدر بالانتباه أنها كانت الأقدر، ولا سيما بعد ترمّلها، على حماية أسرة حافظ الأسد، من أي زوابع أو شقاقٍ معلن، ونجاحها مشهود في هذا، وفي البال أن سلطتها على أنجالها هي التي منعت، مع الأسد المؤسس طبعاً، تهوّر أحدهم عندما فكّر بقتل آصف شوكت، لتجرؤ الأخير على طلب الزواج من أخته. وتالياً، صعد هذا، إلى موقعٍ رفيع في بنيان دولة المخابرات، قبل أن يقضي في تفجيرٍ معلوم، في غضون الثورة، مع نظراءَ له. وفيما النُّتف التي تتيسّر عن سيرة أنيسة شحيحة، إلا أن الإجماع فيها عريضٌ على أنها كانت قوية الشخصية، كيف لا وهي التي أصرّت على الزواج من الملازم أول حافظ الأسد، وكانت في الرابعة والعشرين، على الرغم من معارضة عائلتها الثريّة التي تنتسب إلى الحزب القومي السوري، فيما طالبُ القرب من عائلةٍ فقيرةٍ بعثية. وذاع أن تدخل شيوخٍ من الطائفة العلوية هو ما يسّر ذلك الزواج الذي كانت أنيسة، في غضونه، عوناً كبيراً لبعلها في كل ما خطّط له، ودبّره، ومضى فيه، فكانت من مصادر بعض أخباره عن رفاقه الذين أزاحهم في انقلاب 1971 مما كانت تلتقطه من زوجاتهم. وكانت، على ما قرأنا، "شديدة الذكاء" في تشجيع زوجها على جولاتِ البطش التي لم تتوقف ضد معارضيه، ومن يُشتبه بهم معارضين.
امرأةٌ عاشت زوجةً لحافظ الأسد عقوداً، إلى الحد الذي تُعرّف أرملةً له في وفاتها، نصدّق بشأنها ما طالعنا عن غضبها الشديد من ولدها بسبب خروج الجيش السوري من لبنان، وإنْ شجعته تالياً، إلى أبعد الحدود، في استخدام أقسى وسائل الحل الأمني ضد ثورة السوريين. ومعلوم أن ولدها هذا يحوز "شرعيّته" في رئاسة سورية، من حادث سيرٍ أودى بشقيقه الأكبر الذي كان يُعدّ لولاية عهد والده، والمرجّح أن أنيسة ماتت مكلومةً بفقد نجلها هذا (ونجلٍ آخر قيل إن الهيروين قتله). وإلى ما سبق، نُصدّق، أيضاً، ما نقلته هيلاري كلينتون، عن سعود الفيصل، قوله لها، إن عائلة بشار، بقيادة أنيسة مخلوف، لن تسمح له بالتعاون مع خطةٍ لإنهاء العنف، والبدء في تحول سياسي. .. وإذ تقول العرب إن فلاناً ابن أبيه، تدليلاً على تمثله شمائل أبيه أو مخازيه، يجوز، هنا، القول، إن بشار الأسد ابن أبيه، وأمه أيضاً.