عن ألف عراقية مختطفة لدى "داعش"

21 سبتمبر 2018
(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

لا تزال أكثر من ألف فتاة تركمانية عراقية مختطفة من قبل عناصر تنظيم "داعش" عقب احتلال التنظيم منطقة تلعفر في نينوى، ذات الأغلبية التركمانية، ومنذ صيف عام 2014، لم يُعرف مصيرهنّ، فلا الحكومة العراقية تعرف أماكن احتجازهن، ولا المؤسسات والمنظمات الحقوقية والمدنية تملك الطريقة الناجعة للتواصل معهن وتحريرهن. وفي الوقت الذي تُتهم فيه الحكومة العراقية بالتقصير بشأن ملف متابعة المختطفات من المكوّن التركماني، تؤكد الحكومة أن قواتها العسكرية والاستخباراتية لم تتمكن من الوصول إلى أثر واضح لهن، في حين تؤكد جهات تركمانية أن "التنظيم اقتاد الفتيات إلى مدينة الرقة السورية، وكان هناك تواصل محدود مع عدد منهن من أجل تحريرهن، إلا أن الاتصالات انقطعت عقب تحرير الرقة من قبضة التنظيم على يد قوات سورية الديمقراطية".

ودخلت النكبة التركمانية مع نظيرتها الأيزيدية عامها الرابع، فبعد سيطرة "داعش" في أغسطس/ آب 2014، على مناطق سنجار وربيعة وزمار في نينوى، ارتكبت جرائم عديدة ضد هاتين الأقليتين، إذ قتل المئات من الرجال الأيزيديين فيما مورست عمليات التعذيب حتى الموت بحق المئات ممن لم يهربوا، وتم سبي الآلاف من النساء والأطفال، وافتُتح لهم أول سوق "نخاسة" في الألفية الثالثة في مناطق في نينوى ومن ثم سورية، وعُرضت النساء التركمانيات والأيزيديات "للبيع" من قبل التنظيم مقابل مبالغ مالية، وتم تقديم بعضهن كهدايا، يقوم "أمير أو والي داعش" بمنحها لآخرين بغرض المتعة الجنسية.

وروت النائبة في البرلمان العراقي عن المكون التركماني، نهلة الهبابي، حادثة اختطاف النساء التركمانيات، بعد اقتحام تلعفر والسيطرة على جبل سنجار في محافظة نينوى، قائلة لـ"العربي الجديد"، إن "تنظيم داعش حين اقتحم بسياراته وعناصره المسلحة الحدود العراقية السورية، لم يصدق أحد من الأهالي هذا الخبر، حتى أن بعض التركمان الشيعة بقوا في تلعفر ولم يخرجوا، والكثير منهم هربوا باتجاه جبل سنجار بهدف العبور إلى إقليم كردستان"، مبينة أن "التنظيم تمكن في صيف 2014، من محاصرة قضاء تلعفر، وقتل معظم رجاله، ومن ضمنهم والدي، والسيطرة على الأطفال والنساء، ومن ثم توجهت قوة من التنظيم إلى جبل سنجار وتمكنت أيضاً من اختطاف واقتياد عدد كبير من النساء ممن لم يستطعن الهرب".

وقالت إن "عدد المختطفين من التركمان، بلغ مع بداية سيطرة داعش على محافظة نينوى، 1300 مختطف، ولكنه قتل 300 منهم، وحتى الآن لدى داعش 1000 تركماني غالبيتهم من النساء والأطفال، ومصيرهم مجهول"، مشيرة إلى أن "داعش يؤمن بفكرة اغتصاب الفتاة الأيزيدية ومن ثم بيعها، ولكن يعتقد أن الفتاة التركمانية الشيعية لا بد أن تُحرق بعد اغتصابها، إذ حرق العديد من الفتيات، ولكن لا نعرف العدد بالضبط. وبعدها أفتى داعش بإمكانية بيع التركمانية والتمتع بالأموال الوافدة من بيعها".

وأكملت أن "الحكومة العراقية مقصّرة بشأن متابعة ملف التركمانيات المختطفات، كذلك الأجهزة الأمنية، مثل الاستخبارات والأمن والوطني، لأن أموال العراق تُصرف عليهم لكن من دون التوصل إلى أي نتيجة، وقد كان من المفترض أن تعمل الحكومة على إقحام عناصرها الأمنية بين صفوف داعش من أجل تحرير المختطفات، وحالياً لا توجد أي جهة عراقية تتابع قضية المختطفات".



تحرير الرقة من قبضة "داعش"، جعل تواصل منظمة "تولاي" المعنية بشؤون تركمان العراق، مع المختطفات في سورية، أمراً مستحيلاً، بحسب رئيسة المنظمة هيمان رمزي محمود، التي قالت لـ"العربي الجديد"، إنه "خلال شهر إبريل/ نيسان الماضي، تواصلنا مع أسرتين تركمانيتين كانتا في مدينة الرقة بسورية، وحاولنا تحريرهما من خلال تقديم الأموال لعناصر تنظيم داعش في سورية، لكن التمويل لم يسعفنا. وتواصلنا مع جهات رسمية في حكومتي العراق وكردستان، لكن لم نتوصل إلى الحصول على الأموال، لأن القانون العراقي لا يقبل بإعطاء الأموال للإرهابيين". وبيّنت أن "الأحزاب التركمانية والشخصيات والجهات الدينية لم تساعدنا على إخراج الأسر التي كانت محتجزة في مناطق سورية، ولدينا محاولات جديدة نأمل بأن نصل من خلالها إلى نتيجة مطمئنة".

ولفتت إلى أنه "من أصل 1300 مواطن أيزيدي اختطف على أيدي تنظيم داعش، تم تحرير 40 فتاة فقط، وحالياً الفتيات في مدينة النجف (جنوب العراق)، ويرفضن التعليق على أي أمر، ونحاول الآن بالتعاون مع أهاليهن أن ندخلهن بدورات لإعادة التأهيل النفسي"، مشيرة إلى أن "السياسيين الأيزيديين والمنظمات المدنية الأيزيدية تمكنت من تحرير الكثير من المختطفات بعد الحصول على دعم مالي من الأمم المتحدة ومساعدات الاتحاد الأوروبي، ونحن قمنا بالخطوات نفسها التي قام بها الأيزيديون ولكن لم نوفق في ذلك".

من جانبه، قال الناشط التركماني علي البياتي إن "الساسة التركمان لم يهتموا لأمر الفتيات المختطفات، على عكس الأيزيديين الذين انطلقوا إلى العالم من أجل إنقاذ نسائهم"، موضحاً في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الكثير من الأسر التركمانية لم تبلغ حتى الآن الجهات الأمنية أو الحكومية بأن بناتها قد اختطفن بسبب الأعراف العشائرية والخجل، وبعض الأسر لم تستقبل الفتيات اللاتي تحررن بسبب الشعور بالعار، ولهذا السبب عدد التركمانيات المختطفات متفاوت وغير معلوم، لكنه يراوح بين 600 و1200".

وتابع: "نعمل حالياً على كتابة تقارير إلى الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان في العراق، وتوجيهها أيضاً إلى الحكومة العراقية. غالبية التركمانيات المختطفات من تلعفر وما زلن يتواجدن في سورية، ولكن لا نعرف بأي منطقة".

وبعد استعادة قضاء تلعفر بواسطة القوات العراقية، وبمساندة "الحشد الشعبي"، في يوليو/ تموز 2017، بحثت القوات في جيوب المدينة وأحيائها ولكن دون التوصل إلى أي إشارة تدل على مكان وجود المختطفات، بحسب المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي. وقال الحديثي لـ"العربي الجديد"، إن "ملف متابعة قضية المختطفين العراقيين، هو موضع اهتمام ومتابعة مباشرة من قبل الحكومة والجهات المعنية المكلفة بهذا الملف، ولكن عقب انتهاء العمليات العسكرية ضد داعش، لم نجد أثراً للمختطفين من التركمان في المناطق العراقية المحررة، وبرغم هذا، فالعمل ما زال متواصلاً من أجل معرفة أماكنهم ومصيرهم، ونحاول التأكد من معلومة نقلهم إلى سورية أو تركيا، مثلما يشاع".

وأردف أن "الأوامر الأمنية الخاصة بالبحث والتقصي عن مصيرهم ما زالت نافذة، بالتنسيق مع منظمات حقوقية وإنسانية مدنية، على المستوى الدولي والإقليمي، والحكومة تعمل حالياً بشتى السبل على تحريرهم وإعادتهم إلى ذويهم، وهم جزء من مسؤولية الحكومة، والموضوع لم يتم إهماله". وعن التنسيق العراقي مع النظام السوري بشأن المختطفين، أشار الحديثي إلى أن "الوضع في سورية معقد وليس واضحاً، لأن أكثر من جهة تعمل على أرض سورية، وما يزال تنظيم داعش يسيطر على مناطق قريبة من الأراضي العراقية وهناك تعقيدات في حركة القوات في سورية، وبالتالي نعمل بشكل متواصل على تحديد مكان وجود المختطفين العراقيين".