11 نوفمبر 2024
عن "اعتزال" محمد علي
أعلن المقاول والفنان المصري، محمد علي، اعتزال العمل السياسي، والعودة إلى أعماله الخاصة. وذلك بسبب عدم تلبية المصريين نداءه بالنزول إلى الشوارع والتظاهر في ذكرى ثورة 25 يناير. وعلى الرغم من محاولته إظهار التأثر والإحباط، لم يكن محمد علي مصدوماً أو حزيناً، وهو يعلن، في مقطع فيديو قصير، اعتزاله العمل السياسي. على الرغم من أنه كان، حتى اليوم السابق مباشرة، يتكلم بحماس، ويدعو بهمّة إلى التظاهر، والنزول لإطاحة رأس السلطة في مصر. بل كان يحدّد خطواتٍ محدّدة ونصائح تفصيلية لعملية التظاهر والمسارات التي ينبغي اتباعها وآليات التحرّك والمناورة مع قوات الأمن. لذا، يبدو الانقلاب المفاجئ في موقفه غير منطقي، بل لا يتسق مع طبيعة شخصيته البراغماتية التي تكشفت تدريجياً من خلال إطلالاته المرئية منذ ظهوره مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي.
ربما أصيب علي بخيبة أمل، ولو بقدرٍ يكفي لأن يتراجع قليلاً عن تحرّكاته لتغيير الوضع القائم في مصر، فهو ربما اغترّ باستجابة بعض المصريين له في 20 سبتمبر/ أيلول الماضي، فظن أن دعوته إلى التظاهر في يناير ستلقى استجابة أوسع. كأن مجرد مطالبة المصريين بالنزول ستنتج نسخة جديدة من ثورة يناير. أو ربما لم ينتبه علي إلى وجود اختلافات كثيرة بين أجواء يناير عن سبتمبر، وأن الفارق بين 2011 و2020 أبعد وأعمق كثيراً من حساب السنوات. ليس محمد علي غافلا، ولم يكن بمفرده، فقد كشف أول من أمس أن معه فريقاً يساعده. ما يعني ضمنياً أن قرار الانسحاب، أو "الاعتزال" كما أسماه، ليس فردياً. لكن هذا بذاته يعني أن السبب ليس بالتأكيد الصدمة من موقف المصريين السلبي تجاه الدعوة إلى التظاهر في ذكرى ثورة يناير. لأن من غير المنطقي أن يكون علي، ومن يساعدونه جميعاً، على القدر نفسه من السذاجة السياسية، وأن يكونوا جميعاً مغيبين أو واهمين، حتى عشية ذكرى "25 يناير"، ثم فجأة يفيقون جميعاً أيضاً ويدركون حقيقة المشهد!
مؤكّد أن محمد علي ورفقاءه كانوا يتوقعون ما جرى، وأن شيئاً كبيراً لم يكن ليحدث في الذكرى التاسعة للثورة، فاختار التراجع، وتعليق نشاطه أو إبطاءه، بعد مرور الذكرى وليس قبلها. لذا لا ينبغي تصديق أن محمد علي اعتزل العمل السياسي، إذ لم يمارسه أصلاً. أما دوره الأصلي "تعليق الجرس في رقبة القط" فسيظل الأقرب إليه والأنسب لتركيبته وشخصيته. لذا، يمكن بسهولة توقّع أن يغيب علي عن المشهد فترة قصيرة، قد لا تزيد عن شهور قليلة، ثم يعود ليضرب من جديد، بمعلوماتٍ وفضائح تثير مُجدّداً حمية المصريين. وكما كان ظهوره الأول في سبتمبر/ أيلول الماضي، أي بعيداً عن المناسبات السنوية المعروفة مثل 25 يناير، فالأرجح أن عودته لن ترتبط بذكرى يناير أو غيرها، بل ربما سيكون هذه المرة أشدّ حرصاً على عدم التقيد بموعد معين. بعد أن أثبتت السلطة الحاكمة في مصر كفاءة عالية في الاستعداد لمواجهة الاستحقاقات المحدّدة مسبقاً.
مقابل كل ما سبق، يجب الإقرار بأن شعبية محمد علي تراجعت، وانفض المصريون تدريجياً عن متابعته والتفاعل معه. وكان ذلك أحد أبرز أسباب سلبية المصريين إزاء دعواته وتحرّكاته خلال الأشهر التي تلت "20 سبتمبر". ربما كان ذلك ما دفعه إلى تغيير نهجه قبل شهر فقط من موعد ذكرى يناير، فحاول التنسيق بين مجموعات المعارضين في الخارج، وتبنّى فكرة إبرام وثيقة تجتمع حولها فصائل المعارضة المصرية، غير أن محاولاته تعثّرت، فلم ينجح في توحيد الساسة المعارضين، بعد أن فقد تأثيره عند المواطنين العاديين. فحلّت ذكرى 25 يناير، وهو لا حصّل هذا ولا احتفظ بذاك.
مؤكّد أن محمد علي ورفقاءه كانوا يتوقعون ما جرى، وأن شيئاً كبيراً لم يكن ليحدث في الذكرى التاسعة للثورة، فاختار التراجع، وتعليق نشاطه أو إبطاءه، بعد مرور الذكرى وليس قبلها. لذا لا ينبغي تصديق أن محمد علي اعتزل العمل السياسي، إذ لم يمارسه أصلاً. أما دوره الأصلي "تعليق الجرس في رقبة القط" فسيظل الأقرب إليه والأنسب لتركيبته وشخصيته. لذا، يمكن بسهولة توقّع أن يغيب علي عن المشهد فترة قصيرة، قد لا تزيد عن شهور قليلة، ثم يعود ليضرب من جديد، بمعلوماتٍ وفضائح تثير مُجدّداً حمية المصريين. وكما كان ظهوره الأول في سبتمبر/ أيلول الماضي، أي بعيداً عن المناسبات السنوية المعروفة مثل 25 يناير، فالأرجح أن عودته لن ترتبط بذكرى يناير أو غيرها، بل ربما سيكون هذه المرة أشدّ حرصاً على عدم التقيد بموعد معين. بعد أن أثبتت السلطة الحاكمة في مصر كفاءة عالية في الاستعداد لمواجهة الاستحقاقات المحدّدة مسبقاً.
مقابل كل ما سبق، يجب الإقرار بأن شعبية محمد علي تراجعت، وانفض المصريون تدريجياً عن متابعته والتفاعل معه. وكان ذلك أحد أبرز أسباب سلبية المصريين إزاء دعواته وتحرّكاته خلال الأشهر التي تلت "20 سبتمبر". ربما كان ذلك ما دفعه إلى تغيير نهجه قبل شهر فقط من موعد ذكرى يناير، فحاول التنسيق بين مجموعات المعارضين في الخارج، وتبنّى فكرة إبرام وثيقة تجتمع حولها فصائل المعارضة المصرية، غير أن محاولاته تعثّرت، فلم ينجح في توحيد الساسة المعارضين، بعد أن فقد تأثيره عند المواطنين العاديين. فحلّت ذكرى 25 يناير، وهو لا حصّل هذا ولا احتفظ بذاك.