عندما يصبح التشكيك بأهلية ترامب حديث الساعة في واشنطن

24 اغسطس 2017
ترامب خلال مشاهدته الكسوف بلا نظارة (نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -



في البداية تردّد التعبير على لسان خصومه. حذّروا من أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب غير مؤهل للرئاسة، لأنّه يفتقر لمؤهلاتها وشروطها ومواصفاتها. اعتبر أنصاره أنّ هذا الكلام بضاعة انتخابية لعرقلة حملته. ردّوا بأنّ افتقاره للتجربة والخلفية السياسية، لا يمنعه من اكتساب الأهلية لو فاز بالرئاسة، خاصة إذا أحاط نفسه بمستشارين وخبراء في إدارة دفة الحكم. تماماً كما فعل كثيرون ممن سبقوه. صمد الردّ وفاز ترامب.

بعد تولي الرئيس مهامه ومع توالي هفواته، تجدّد التحذير من هذا العطب وعواقبه. قالوا إنّه تحامل وانحياز الخصوم، لتشويه الصورة وإفشال أجندة الرئيس. لكنّ الدائرة توسعت في الأيام الأخيرة وصار التخوّف أخطر. لم يعد يقتصر على الخصوم بل انضم إليهم أقرب وأقوى حلفاء الرئيس والمحسوبون على خندقه، ما عزّز صدقية القلق بشأن مؤهلاته.

فعندما يخرج رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل، عن صمته وهدوئه المعروف ليقول في مجالسه الخاصة التي سرّبت المعلومات وربما بموافقته، إنّه "في حيرة من أمره بشأن رئاسة ترامب"، عندئذ تصبح المسألة أكثر جدّية ومدعاة للتخوّف. خاصة وأنّه يضع علامة استفهام حول "فهم ترامب للرئاسة"، ويبدي دهشته من "انعدام رغبة الرئيس في التعرّف على الأولويات الأساسية للحكم واستيعابها".

ثم تعزّزت الريبة أكثر، عندما أدلى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور الجمهوري بوب كروكر، بتصريح أخذ فيه على الرئيس بأنّه "لم يقو بعد على إظهار اتزانه ولا حتى بعض الكفاءة المطلوبة"؛ مبدياً تخوّفه من "تعرّض البلاد لخطر كبير". والمعروف عن السناتور أنّه هو الآخر شديد التحفّظ والهدوء.

الأهم والأوضح إلى جانب كونه الأخطر، هو ما صدر عن المدير السابق لمكتب الاستخبارات الوطنية، الأبرز من بين وكالات الاستخبارات الأميركية الـ17 والتي تنسق بينها كلها، جيمس كلابر، عندما قال في مقابلة متلفزة: "لدي ما يحملني على التشكيك في أهلية ترامب لتولّي الرئاسة". لاسيما فيما يتعلق بصلاحياته "لاستخدام الخيار النووي.. أمر مخيف جداً". كلام كلابر كان له وقع الصاعقة. فالرجل موثوق وأمني مخابراتي محترف، بحوزته من المعلومات ما لا يعرفها غير القلة. وما أدلى به يدعم ما صدر في هذا السياق عن كثيرين من المراقبين كما من بين الديمقراطيين خصوم الرئيس.

النائب الديمقراطي آدم شيف، سبق ورسم علامة استفهام حول "قدرات" الرئيس. زميلته النائبة جاكي سبير ذهبت إلى حدّ الدعوة لإزاحة الرئيس بموجب المادة 25 من الدستور، بزعم أنّه "مضطرب وغير متزن عقلياً".

هذا عدا عن الكتابات والتحليلات في وسائل الإعلام، مثل مقالة يوجين روبنسون في "واشنطن بوست" اليوم. واللافت أنّ الكلام من هذا القبيل بات يجاهر به أصحابه بصورة علنية وصريحة. هناك مما يقال في هذا المجال، لا يخلو من الانحياز السياسي. أو من التقاط الفرصة لتصفية حسابات سياسية. لكنّ انضمام فريق من الجمهوريين إلى فريق المشككين، جعل من الموضوع مادة تستوقف المراقبين والرأي العام، من باب أنّ في الأمر ما يدعو للنظر فيه. كما أنّه يحمل على التساؤل فيما إذا كان شيوع هذه النغمة يندرج في سياق التحضير لتطورات قادمة، يدري بها العارفون ويعملون على تهيئة الأجواء لها.

والجدير بالذكر أنّ أحد أسباب خروج السناتور ماكونيل عن طوره في ملاحظاته عن الرئيس، كان ما سمعه من هذا الأخير من كلام يشبه التأنيب "لأنّ السناتور رفض حمايته من التحقيقات الروسية".

الرئيس ترامب بات محاصراً بثلاثة من الوزن الثقيل: تحقيقات خطيرة، خصومات واسعة، ومؤهلات مشكوك فيها، والأكيد أنّ معركته قاسية وسط انقسامات سياسية وعنصرية عميقة.




المساهمون