عندما يسير العرب إلى جانب نتنياهو في باريس

13 يناير 2015
الملك الأردني في باريس (getty)
+ الخط -

اعتمدت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، صورة لخبر مشاركة الملك عبدالله الثاني، وعقيلته الملكة رانيا، في مسيرة باريس، تُظهر الملك يتوسط المشاركين، ويغيب عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لم يكن يفصله عن الملك والرئيس الفلسطيني محمود عباس، في الصوف الأولى سوى أمتار قليلة، في رسالة على فتور العلاقة الرسمية، ورغبة في عدم ظهور الملك بجوار شخص يعتبره الجزء الأكبر من الأردنيين "رأس الإرهاب".

غير أن الصورة المعتمدة في صحف أمس الاثنين في عمّان، سبقتها مئات الصور التي تداولها الأردنيون على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي وكأنه يتزعم المسيرة، لترفع منسوب غضبهم على المشاركة الملكية، وتهكمهم على مفارقة العصر التي يندد فيها إرهابي بالإرهاب، فكتب الصحافي عبدالله المبيضين على صفحته على "فيسبوك": "عندما يشارك إرهابيون في مظاهرة ضدّ الإرهاب فاقرأ على الدنيا الإرهاب".

كما كتب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الأردني (يساري)، سعيد ذياب، ساخطاً على "الانحطاط القيمي الذي وصل إليه العالم، أن يكون نتنياهو قاتل شعبنا في مقدمة المحتجين على الإرهاب". وتهكماً، تداول الأردنيون تحت هاشتاغ # نتنياهو_ضد_الإرهاب عشرات الصور لرئيس الوزراء الإسرائيلي خلال المشاركة، مذكرين مع الصور بجرائم إسرائيل، انطلاقاً من حرب غزة الأخيرة واغتيال الوزير زياد أبوعين، مروراً بالاعتداءات المتكررة على المقدسات، وصولاً إلى اللاجئين الفلسطينيين في الشتات والنكبة.

لكن الانتقادات لم تتوقف عند مشاركة نتنياهو في المسيرة، بل امتدت لتطال مشاركة العاهل الأردني والرئيس الفلسطيني، وتطال المشاركة العربية بمجملها، وسط ثناء على الموقف المغربي، بعد انسحاب وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، من المسيرة، بسبب رفع رسوم "مسيئة للإسلام"، فكتب الصحافي والمحلل السياسي، راكان السعايدة، على صفحته على "فيسبوك"، معجباً بالموقف المغربي: "مملكة المغرب تلعب سياسة؛ تناكف فرنسا، وتحرج الأشقاء العرب من على منصة تظاهرة باريس".

وحول المشاركة الأردنية، التي طالها نقد لاذع امتد ليطال شخص الملك، يقول السعايدة لـ"العربي الجديد" إن "المشاركة الأردنية، ويمكن إسقاط ذلك على المشاركات العربية، لم تتحسب جيدا"، وذلك على خلفية عوامل عدة، تتقدمها "المشاركة اﻹسرائيلية كدولة مارست الإرهاب على الشعوب العربية وبالخصوص الفلسطيني، إضافة إلى خلفيات الحدث المتعلقة بالإساءة للرسول"، وخصوصاً أنه "لم يحدث أن تفاعل الغرب على مستويات رسمية مع الإرهاب الذي مورس على العرب، وكل ما يحدث في الإقليم سببه الاحتلال الإسرائيلي والهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية الغربية على المنطقة ودعمها أنظمة غير ديمقراطية".

وفي السياق، اعتبر الصحافي، رئيس تحرير صحيفة "العرب اليوم" سابقاً، نبيل غيشان، في تدوينة على "فيسبوك"، أن "مشاركة الملك في المسيرة الباريسية لا تعني تأييد موقف الصحيفة الفرنسية غير المقبول.. بل هي تعبير عن استنكار الفعل الإجرامي بالقتل، ورفض تبريره دينياً، والدفاع عن الإسلام الذي لا يحض المؤمنين على القتل والانتقام"، وختم: "لا لشارلي إيبدو.. ولا للإرهاب".

في المقابل، ظهر من اعتبر أن المشاركة العربية في تظاهرة باريس كانت ضعيفة؛ على سبيل المثال، انتقد مدير مركز القدس للدراسات السياسية، عريب الرنتاوي، ضعف المشاركة العربية على مستوى القادة، ويقول إنه "كان ينبغي أن تكون المشاركة العربية أكثر من ذلك، لأننا المعنيون بتقديم صورة بديلة عن العرب المسلمين وعدم إخلاء الساحة لإسرائيل".

لكن على الرغم من المشاركة العربية الكثيفة في المسيرة الباريسية، يصف الرنتاوي في حديث لـ"العربي الجديد" إسرائيل بـ"الرابح الأكبر" من الحدث، من خلال توظيف نتنياهو للحادثة، في سياق أن "ما يجمع إسرائيل ودول الاعتدال العربي، هو الخطر الإيراني من جهة، والجماعات المتطرفة والإسلام السياسي من جهة أخرى". ويتابع: وجد نتنياهو فرصته لاستغلال الكراهية التي تجتاح أوروبا تجاه العرب والمسلمين، لحث اليهود على الهجرة إلى إسرائيل، على اعتبارها وطنهم الأول"، مشدداً على أن المشاركة العربية لا تعتبر تأييداً لموقف الصحيفة المخجل وغير المهني، ولا حتى للسياسة الفرنسية المنحازة.

وحول مشاركة الرئيس الفلسطيني، يجيب الرنتاوي أن "التسريبات تشير إلى أن مشاركة عباس جاءت بطلب وإصرار مباشرين من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، حتى لا تكون المسيرة فرصة لتسويق إسرائيل، التي تجمعها علاقة متوترة مع فرنسا حالياً، على خلفية دعمها لقرار إنهاء الاحتلال".

المساهمون