عندما يسخر الإعلام التونسي من النقاب

31 مارس 2016
تجد المنتقبات التونسيات أنفسهن في حالة من العزلة (Getty)
+ الخط -
تثير قضية ارتداء النقاب في الأماكن العامة جدلاً ملحوظاً في تونس حتى اليوم، وقد اتخذت أبعادا عديدة، خاصة مع ارتباطها بقضايا أمنية، تزامناً مع حدوث عمليات إرهابية متواترة في جهات عديدة بالبلاد. وكان حزب حركة المشروع قد اقترح مؤخراً مشروع قانون يمنع ارتداء النقاب في الأماكن العامة، هذا المشروع لقي تجاوباً من شريحة هامة من التونسيين، كما كان مادة للحوارات التلفزيونية والإذاعية.

يحمي الدستور التونسي حق المواطن في ممارسة طقوسه الدينية، حيث ينص الفصل السادس منه على أن "الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية"، غير أن الدستور وضع استثناءات لكل هذه الإجراءات التي تصب في خانة احترام حقوق الإنسان، حيث جاء في الفصل الـ49 من باب الحقوق والحريات، أن "القانون يحدد الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها".

ويمنع الفصل الـ29 من دستور تونس الجديد اتخاذ إجراءات قانونية ضد المواطنين بدون إثبات الجرم، حيث ينص الفصل الـ29 منه على أنه "لا يمكن إيقاف شخص أو الاحتفاظ به إلا في حالة التلبس أو بقرار قضائي، ويُعلم فورا بحقوقه وبالتهمة المنسوبة إليه".

ومن جديد، تجد المنتقبات التونسيات أنفسهن في حالة من العزلة وفي مواجهة التهم المختلفة، خصوصا مع التعاطي التجاري من بعض وسائل الإعلام لهذه القضية، إضافة إلى صمت الناشطين في مجال حقوق الإنسان أمام نداءات فئة من النساء التونسيات. فمؤخرا قامت إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة بإجراء مقابلة مع سيدة منتقبة، بالإضافة إلى أحد الناشطين الحقوقيين، وهو الصحافي حسن بن عثمان، الذي لم يتورع عن تعنيف المنتقبة لفظيا، عبر إيحاءات جنسية تفاعل معها الجمهور الحاضر ومقدم الفقرة الصحافي مراد الزغيدي. هذا المشهد المتكرر في الإعلام التونسي رافقه صمت من طرف الناشطين الحقوقيين في تونس، رغم أهمية المسألة ومسها المباشر بكرامة تونسيات اخترن لباسا يمثل معتقداتهن.



وعن تعامل الإعلام مع قضية النقاب والحريات الشخصية، قالت الناشطة الحقوقية والصحافية مريم البريبري، لـ"العربي الجديد": "وسائل الإعلام التونسية في أغلبها بعيدة كل البعد عن التعاطي المهني والمحايد والعلمي مع القضايا الجادة، نظرا لأنها تمثل توجهات أصحابها السياسية. وتعامل بعض الصحافيين غير المهني مع المنتقبات والتقليل من احترامهن يدل على ضعف أطروحة الإعلامي وخلطه بين الموقف الذاتي والموضوعي، وهو ما يثبت أن الإعلام التونسي لا يزال بحاجة إلى تمرين وإعادة هيكلة".

من جهة أخرى، أكدت الصحافية في صحيفة "الضمير" التونسية، إيمان غالي، لـ"العربي الجديد"، أن "إعادة الشعب التونسي إلى الوراء عبر قضايا عقائدية مفتعلة، كقضية النقاب، هو أمر يخدم أجندات سياسية معينة، خصوصا أن الدستور التونسي قد حسم النقاش في هذا الأمر". وحول التعاطي الحقوقي مع هذه المسألة، قالت: "الحقوقيون التونسيون يكيلون بمكيالين في ما يتعلق بالحقوق الفردية حسب ما يمكنهم ربحه من أرباح مادية". ووصفت الصحافية أغلب ناشطي حقوق الإنسان في تونس بـ"الفقاقيع التي تؤسس لمشاريع انتخابية تعمل على تقسيم الشعب لصالحها".
المساهمون