عندما تبدأ الرجولة من شدّ المسند

18 ابريل 2017
يدلّ المسند على صلابة البيت (العربي الجديد)
+ الخط -

حسام رشيد الميعاري، أبو حسام، هو واحد من أولئك الذين ما زالوا يحافظون على بعض المقتنيات التي ظلت إرثاً فلسطينيّاً. يعيش حسام في مخيم عين الحلوة، في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، ويعمل نجاراً في محلّه الواقع في المخيم، وهو يحرص على المحافظة على المقتنيات المتوارثة عن الأجداد في فلسطين. يشارك في معارض عديدة لعرض المقتنيات التراثية التي جمعها، إما عن طريق شرائها أو حصل عليها عن طريق أقارب، وذلك بهدف التعريف بها وبأهميتها في تراث الشعب الفلسطيني. ومن بين مقتنياته بابور الكاز، والآلات القديمة، وإبريق القهوة والشاي، والمهباج، وطبق الطعام، والمسند، والعديد من المقتنيات الأخرى التي كانت توجد في معظم البيوت الفلسطينية، وبخاصة البيوت الميسورة الحال.

يتكلم حسام عن المسند الذي كان موجوداً في معظم البيوت الفلسطينية، وبخاصة تلك التي تعتمد في عيشها على الرعي. يروي حسام قصة المسند كالتالي: "المسند كان يُحشى بالقش والقصب. وعملية جمع القش كانت صعبة وتحتاج وقتاً. يدلّ المسند على صلابة البيت. عندما يأتي أهل العريس لزيارة أهل العروس، أول ما كان يلفت نظرهم لم تكن الأواني التي يقتنيها الأهل، إنما المسند الموضوع على الأرض. فإذا كان المسند الموضوع على الأرض مشدوداً، فإن هذا يعني أن الكلمة في البيت هي للرجل، بينما إن لم يكن مشدوداً بشكل جيد، فهذا معناه أنه ليست للرجل كلمة، فكانوا يتركون العروس".



يتابع حسام: "كان الرجل يشدّ قصب المسند الذي يصنع من قش النخيل والقصب، وكانت المرأة تخيط وجه القماش. إذا كان القصب رخواً، كانت المرأة تغرز المسلّة في داخل المسند بخيطان الخيش وتشدّه حتى يتصلب. وبعدها تخيطه وتضعه على الأرض مع غيره من المساند. فإذا أتقنت عملها تكون الكلمة حينها للرجل، أما عكس ذلك فيعني أن المرأة هي التي لها الكلمة في البيت. المسند كان مهماً دائماً بالنسبة لأهل العريس". يضيف: "لم يكن جميع الناس يملكونه، لأنه مكلف جداً. ومن كانوا يعملون في الرعي هم من كانوا يقتنون المساند، لأنهم كانوا يجمعون القش والقصب خلال رعيهم، إذا تمكنوا من ذلك. كما كانوا يهتمون بجلد الخراف، وبمغزل الصوف".

يقول حسام إن ما يقوم به من جمع للمقتنيات "هو للحفاظ على تراث أجدادنا، وحتى يكون إرثاً لأولادنا. أسعى من خلال المعارض التي أشارك فيها، سواء في مدينة صيدا، أو في بيروت، أو في الجنوب اللبناني ككل، إلى نشر هذه الثقافة التي كان أهلنا يتغنّون بها، ويحرصون عليها".