عناصر الأمن السوري يبطشون ويحصدون الغنائم

23 نوفمبر 2015
نقاط تفتيش لأخذ الإتاوات من المواطنين (فرانس برس)
+ الخط -
قبل اندلاع الثورة السورية، تقاسمت الغالبية الساحقة من عناصر قوات الأمن التابعة للنظام السوري الفقر مع الأغلبية الساحقة من السوريين. لكن تلك الحقيقة لم تمنع قوى الأمن من أن تكون رأس الحربة في التصدي للاحتجاجات الشعبية في مدينة درعا، والتي كانت قد شهدت خلال السنوات السابقة على الثورة أكبر زيادة في معدلات الفقر. رافق قمع السكان تزايد كبير في سلطة ونفوذ قوات الأمن، ولاحقاً الجيش والمليشيات التابعة للنظام، والتي راحت تجني منافع وثروات استثنائية تضاف إلى الراتب الهزيل، وتتمثل في الإتاوات والنهب والسلب والابتزاز والخطف.
بلغ متوسط راتب رجل الأمن قبل اندلاع الثورة في سورية بين 200-250 دولاراً، ومع هذا الراتب المتدني الذي لا يكاد يكفي لسد الاحتياجات الغذائية الأساسية للعائلة، كان موظفو قطاع الأمن يواجهون صعوبات كبيرة في زيادة دخولهم.

إذ كانت أحد الطرق الرئيسية لزيادة الدخل، من خلال العمل خارج أوقات الدوام الرسمي في مهن عديدة، كسائق سيارة أجرة، أو كبائع منتجات وسلع مختلفة في زاوية ما من الشارع. كانت أعمال رجال الأمن تلك شائعة إلى درجة خلقت انطباعاً عاماً لدى الكثير من السوريين بأن معظم سائقي سيارات الأجرة أو الباعة المتجولين يعملون في فترة النهار لصالح أحد الأجهزة الأمنية، ويسخرون بذلك عملهم الليلي لمراقبة الناس، بحسب الناشط خليل محمد.

اقرأ أيضاً:إحصاءات غير دقيقة تسقط على عتبة الثورة السوريّة

تحسين الدخل

"لكن اندلاع الثورة السورية شكل فرصة ذهبية لقوات الأمن من أجل تحسين المستوى المادي لحياتها وزيادة دخلها بطرق غير مشروعة وبمستويات كبيرة لم تكن لتحلم بها من قبل"، بحسب ما يقول الباحث مناف الشريف لـ"العربي الجديد". ويضيف: "قبل الثورة كان رجال الأمن والمسؤولون في القطاع الأمني يجدون طرقاً لتحقيق إضافات على دخولهم، ولكن بعد الثورة توسعت تلك الشريحة، وباتت الغنائم وفيرة تصيب الجميع مع استثناءات قليلة".
يقول الناشط السوري غيث الكيلاني: "بدأ رجال الأمن يتقاضون تعويضات لقاء الساعات الإضافية التي كانوا يقضونها خارج ساعات عملهم لقمع المظاهرات ومراقبة الأحياء وهي عمليات كانت تتم على مدار الساعة ليلاً ونهاراً. ومن ثم يحصدون الغنائم جراء اعتقال الناس وتفتيش المنازل والمحال التجارية التي كانت تتعرض للسرقة".

يؤكد ذلك صاحب أحد المحال التجارية في العاصمة دمشق لـ "العربي الجديد" إذ "كانت دورية الأمن التي باتت ترابط دائماً في نقطة معينة تتلقى وجبات الطعام من بعض أصحاب المحال التجارية. البعض كان يقدمها تزلفاً فيما يقدمها آخرون خشية من رجال الأمن". ويضيف:" مع مرور الوقت صار لعناصر الأمن سطوة أكبر ويطلبون من محل ما، أن يشغل لديه أشخاص معينين وبالطبع ليس بوسعه أن يرفض".
أحد أهم الوسائل التي اتبعها النظام لمكافأة رجال الأمن على جهودهم من دون زيادة رواتبهم هي غض النظر عن السرقات أثناء اقتحام البيوت. كما ظهرت تجارة واسعة، أدرت أموالاً طائلة على رجال الأمن وهي تقاضي مبالغ مالية لطمأنة الأهالي عن أوضاع ذويهم السجناء. يقول أبو سهيل الذي كان يريد الاطمئنان عن ابنه: "طلب رجل أمن مئة ألف ليرة سورية، ليطلعنا على مكان احتجازه، وبعد أن نقل لنا بعض المعلومات، طلب مئتي ألف ليرة لإطلاق سراحه".

مكاسب كبيرة

باتت الحواجز الأمنية مصدراً واسعاً للثروة أيضاً، إذ تتقاضى الحواجز تعرفة مرور لكي تدع الشاحنات المحملة بالبضائع أن تمر دون تفتيش أو لتسهيل مرورها.
هكذا تعوض تلك "الغنائم" التي يستحوذ عليها عناصر قوات الأمن انخفاض رواتبهم التي تدهورت قيمتها الشرائية بصورة أكبر مع مرور الوقت بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية، وارتفاع الأسعار. يقول الباحث مناف الشريف:" إن الدفعة الأولى من قوات الأمن حصدت مكاسب كبيرة، لكن الأعداد تزايدت لاحقاً مع سيطرة الجيش والمليشيات، كما تراجعت قدرة النظام على دخول الأحياء السكنية في مناطق المعارضة لتمارس عمليات السلب والنهب". هكذا يستنتج الشريف أن الغالبية العظمى من قوات النظام عادت إلى وضع ما قبل الثورة، فيما يتمتع كبار الضباط بأموال الغنائم التي باتت محدودة.

اقرأ أيضاً:سورية: 7.6 ملايين نازح يصارعون من أجل البقاء
المساهمون