عمّان تفتّش عن الموسيقى

30 مايو 2015
فرقة "سول 47"
+ الخط -

ليس بجديد القول إن المشهد الموسيقي الرسمي في الأردن في أزمة، فالتراث الشعبي مهمّش لصالح الأغنية الوطنية "الجديدة" التي هي أقرب إلى دعاية سياسية لأجهزة الدولة. والأغنية الأردنية المعاصرة - إن صح التعبير - تكاد لا تكون موجودة. لذا لا يبدو الحديث عن الذائقة العامة في الموسيقى منطقياً؛ في ظلّ هذا المشهد المستمر منذ سنوات، والذي زادت حدته مع الأحداث السياسية في البلدان المجاورة.

من ناحية أخرى، لا تتوقف الفعاليات الموسيقية على مدار العام، وهي في معظمها بتنظيم خاص أو من قبل السفارات والمراكز الثقافية الأجنبية، كـ "مهرجان عمان للجاز"، و"مهرجان الموسيقى الصوفية". قد يبدو وصف مهرجان أحياناً مبالغاً فيه لبعض هذه الفعاليات نظراً لمحدوديتها، لكنها تؤمّن حضوراً يكفي استمراريتها.

وبالطبع مهرجانات الصيف الرئيسية لا تزال حاضرة، "جرش" سيستضيف بعض نجوم ـ الأغنية التجارية ـ العرب، مثل عبد الله الرويشد ونانسي عجرم ووائل كفوري، وفعاليات أخرى مميزة مثل الموريتانية معلومة بنت الميداح، في حين يعود "مهرجان الفحيص" هذه السنة بعد تأجيله العام السابق إثر العدوان الإسرائيلي على غزة.

بطبيعة الحال، يسعى الشباب - القادر على الاطّلاع على الثقافات الموسيقية المغايرة - نحو مشهد غير رسمي يكتشف نفسه ويجرّب من خلاله، وذلك في غياب للنقد الموسيقي المحلي. هؤلاء غالبيتهم من الطبقة المتوسطة القادرة كذلك على شراء آلات موسيقية وتكوين فرق متعددة المستويات.

إذ ظهرت فرق "روك عربي" و"ميتال" وجاز وموسيقى إلكترونية وهيب هوب، والصعوبات التي تواجه تلك الفرق مختلفة، ففي حين قد تشتكي بعض الفرق من ندرة الدعم المادي، يُجبَر محبّو موسيقى "الميتال" على العودة إلى "الأندرغراوند" مع اتهامات "عبادة الشيطان" التي لا تزال حاضرة بقوة.

الجمهور الشبابي حاضر في معظم الأحيان، ويطالب بالمزيد. وحفلات الفرق المحلية تجلب حضوراً يتفوق في الكثير من الأحيان على حضور الفرق الأجنبية المستضافة من قبل السفارات، وحتى على بعض فعاليات المهرجانات الحكومية الكبيرة. لكن يبقى التوق لإنتاجات محلية مميزة مصحوباً بندرة فعلية في التميّز.

أسماء قليلة في الساحة لفنانين وفرق برزت في السنوات الأخيرة، واستطاعت جذب جمهور لها، محلياً وحتى عربياً، لا تزال متواجدة على الساحة بتفاوت. ففرقة "أوتوستراد" بقيادة يزن الروسان لا تزال تحظى بجمهور أينما عزفت، سواء في الأردن أو في مصر مثلاً، رغم عدم تقديم جديد منذ إصدارها الأول. وكذلك الحال مع فرقة الروك "المربع" التي تُحضّر لإصدار ألبومها الثاني، والتي انسحب منها أخيراً طارق أبو كويك، مع حمزة أرناؤوط الذي انسحب أيضاً من "أوتوستراد" ليعملا مع موسيقيين آخرين من فلسطين على مشروع فرقة "47soul" في لندن، التي تتبنى نمطاً موسيقياً جديداً باسم "shamstep"، متأثرين بالموسيقى الشعبية والدبكات في بلاد الشام.

فرقة الروك العربي "جدل" لا تزال حاضرة أيضاً هذه الأيام، بجانب الموسيقي والمؤلف يعقوب أبو غوش الذي يشرف على إنهاء ألبومه الثاني. وكذا الأمر مع عازف العود طارق الجندي الذي يطلق إصداره الجديد قريباً. كما صدر جديد لفنان الراب المعروف بـ "كاز الأمم"، وكانت المطربة لارا عليان أطلقت ألبومها الأول "حلوة"، وتحضر حالياً لعمل جديد. فيما لا يزال مشهد الهيب هوب يحتفظ بشعبيته المحدودة.

بعيداً عن جدل السائد والبديل وأزمة المحدودية، لا يزال المشهد الموسيقي الشبابي في عمّان ينمو، وإن كان ببطء، معوّلاً على استمرارية فنانيه في ظل غياب جو تنافسي.
المساهمون