عمليات التجميل في إيران.. موضة الجيل الجديد

18 أكتوبر 2014
وجوه كثيرة رسمت ملامحها عمليات التجميل (كافيه كاظمي/Getty)
+ الخط -
في شوارع طهران، وجوه كثيرة رسمت ملامحها عمليات التجميل. ويتكرّر مشهد شابات وشبان وضعوا ضمادات على أنوف رُسِمت بدقّة. فبين تجميل الأنوف والشفاه والحواجب وبين رغبة بالنفخ والشدّ والحقن بالجلّ أو بالدهون الطبيعيّة، تزدحم العيادات الخاصة والمستشفيات في البلاد بشكل دائم.
وتشيع عمليات التجميل، حتى إن البعض يكرّرها أكثر من مرّة، تماشياً مع الموضة كما يقولون. فتتحوّل إلى ظاهرة اجتماعيّة يراها إيرانيّون كثر ظاهرة طبيعيّة، فيما يجد المتخصصون في المجال الاجتماعي أنها تحوّلت إلى "آفة".
وتشير البيانات الرسميّة إلى أن عمليات التجميل في إيران ازدادت خلال العقدَين الماضيَين بنسبة 80%، بحسب تقرير نشرته مجلة "همشهري" الإيرانيّة. كذلك، كانت النقابة الدوليّة لجراحي التجميل قد نشرت في عام 2013 تقريراً يصنّف إيران في المرتبة الأولى في الشرق الأوسط، وفي المرتبة العاشرة في عدد عمليات التجميل. وتجدر الإشارة إلى أن المرتبتَين الأولى والثانية من نصيب البرازيل والولايات المتحدة الأميركيّة على التوالي.
لكن إيران تحتفظ بالمرتبة الأولى في العالم، لجهة عدد عمليات تجميل الأنف. ويوضح رئيس نقابة أطباء التجميل عبد الحسن إمامي أن ما بين 25 و35 ألف عمليّة تجميل تجرى في إيران سنويا، 60% منها عمليات تجميل للأنف، لافتاً إلى أنها مرغوبة من قبل الشابات والشبان على حدّ سواء.
وفي دراسة أجرتها كليّة العلوم الاجتماعيّة في جامعة طهران شملت 426 امرأة، تبيّن أن ثلثهنّ أجرين عمليات تجميل مختلفة، ومعظمهنّ قمنَ بتجميل أنوفهنّ.
وأوضحت الدراسة ذاتها أن 45.5% من الذين يخضعون لعمليات تجميل هم من الطبقة الوسطى، فيما 37.9% من الطبقة الغنيّة، و16.7% من الطبقة الفقيرة. وهؤلاء في معظمهم يلقون تشجيعاً دائماً من قبل أصدقائهم وعائلاتهم، مما يعني أن الأمر ليس شائعاً وحسب، بل هو محبّب ومرغوب.
إلى ذلك، يشير استطلاع للرأي نشره متخصصون في كليّة العلوم الاجتماعيّة، إلى أن أكثر من نصف الذين لجأوا إلى عمليات التجميل أجروها ليبدوا بحالة أفضل، وليحصلوا على شكل أجمل. أما نسبة ضئيلة لا تتجاوز 8%، فقد تحدّثت عن رغبة في لفت الأنظار.
بالنسبة إلى حقي، "الأنف الصغير هو الأجمل دائماً". وحقي امرأة في الأربعينيات أجرت عمليّة لأنفها مرّتَين، ناهيك عن عمليات بسيطة أخرى في وجهها. تقول إن أرنبة الأنف المرتفعة لم تعد على الموضة كما كانت من قبل في العالم كله. لذا، "اضطررت إلى تغيير شكله". وأكثر من ذلك، فقد أقنعت ابنتَيها بإجراء العمليّة في سنّ مبكرة، حرصاً منها على أن تكونا أجمل. وهو ما يساعدهما في إيجاد فرص عمل، ويجعلهما أكثر تقبلاً من قبل الأصدقاء، بحسب تعبيرها.
ويجمع متخصصون نفسيّون واجتماعيّون على أن السبب الأساسي لهذا التهافت على عمليات التجميل هو نفسيّ بالدرجة الأولى. فمعظمهم تزيد ثقتهم بأنفسهم بعد إجراء هذا النوع من العمليات.
ويشير جرّاح التجميل غلام رضا أميريان إلى أن 40% ممن يجرون العمليات المختلفة ليسوا بحاجة ماسة إليها. وهو ما يسبّب آثاراً جانبيّة لدى كثيرين مع مرور الزمن، ولا سيّما عمليات تجميل الأنف التي قد تتسبّب بمشاكل في التنفّس.
إضافة إلى الدافع النفسي، ثمّة سبب آخر يدفع الإيرانيّين وبكثرة إلى ارتياد عيادات أطباء التجميل. وهو الكلفة التي تعتبر أقل من بلدان أخرى. فتجميل الأنف على سبيل المثال يكلّف ما بين 800 وثلاثة آلاف دولار أميركي، بينما تتراوح كلفته في بلدان أخرى ما بين 5 و15 ألف دولار. والعمليات الأخرى كالحقن والشد، لا تتجاوز الألف دولار.
لكن الكلفة في إيران تختلف بحسب الطبيب واسمه وعيادته وخبرته وحتى تخصصه. فالقانون يسمح للمتخصّصين في جراحة التجميل وجراحة الفك والأنف والأذن والحنجرة، بإجراء هذا النوع من العمليات. لكن ثمّة آخرون يقومون بها في عياداتهم من دون حيازتهم الترخيص، لذا تكون أجرتهم متدنيّة.
وعمليات التجميل تحوّلت إلى "آفة اجتماعيّة" كما يقول متخصّصون. كيف لا وعدد كبير من "المدمنين" عليها، يسحبون قروضاً من المصارف لإجرائها، لا سيّما أن النسبة العظمى من الراغبين بها من الطبقة الوسطى.
ويشدّد المتخصص الاجتماعي مصطفى اقليما على أن حلّ المشكلة لا يكون بالتركيز عليها وعلى مضارها وحسب، وإنما بإيجاد حلول لمشكلات اجتماعيّة أخرى. ويشرح "أوّلها حلّ بطالة الشباب الإيراني، مما سيجعلهم يفكّرون في الإنتاج والعمل بدلاً من المظهر، ويمنحهم ثقة في النفس".
المساهمون