سجّل التاريخ، مساء يوم الجمعة، نقطة تحوّل في جنسية وديانة عمدة العاصمة البريطانية لندن، حين فاز صادق خان الآسيوي المسلم بالانتخابات بغالبية ساحقة غير مسبوقة، ليصبح بذلك أوّل عمدة مسلم لمدينة الضباب.
قد يعلم البعض أنّ خان نشأ في سكن يعود للبلدية في منطقة "توتينغ" في لندن، وأنّه أكمل دراسته الجامعية في الحقوق بجامعة "شمال لندن"، التي اندمجت عام 2002 بجامعة "غيلدهول" لتصبح معروفة باسم "جامعة لندن متروبوليتان".
ويبلغ خان 45 عاما، وهو ابن سائق الباص الباكستاني أمان الله خان والخيّاطة سهرون. واللافت أنّ خان تعلّم رياضة الملاكمة خلال نشأته للدفاع عن نفسه من العنف نتيجة العنصرية التي كان يواجهها آنذاك.
قبل خوضه الحياة السياسية، كان يريد أن يصبح طبيب أسنان في البداية، لكنّه تأثّر بأحد البرامج التلفزيونية عن المحاماة، وأصبح محاميا لحقوق الإنسان وهو لا يزال في مقتبل العمر. وفي عام 2004، ترشّح للانتخابات النيابية وفاز بها.
وديانة خان لا تخفى على أحد، خصوصاً أن منافسه السابق زاك غولد سميث، أكد عليها وذكرها بشكل متكرّر أثناء حملته الانتخابية، ما دفع خان إلى الرد عليه على "تويتر" بإنّه لا حاجة للإشارة باستمرار إلى كونه مسلما لأنّه سجّل ديانته على منشورات حملته.
حاول منافسو خان استخدام ديانته ضدّه، واتّهموه بأنه شارك متطرّفين المنصّة ذاتها عندما ألقى خطاباً، بيد أنّهم فشلوا أمام فوزه في ظروف ينظر فيها كثيرون إلى المسلمين بعين الريبة والحذر.
تتجلّى إنسانية خان، في مشاركته في الماراتون عام 2014، لجمع الأموال لـ "صندوق المحرومين"، وهو صندوق خيري يعالج مشاكل الفقر والحرمان في لندن، على الرّغم من أنّه ليس عدّاءً.
وتجدر الإشارة إلى أنّ خان أصدر كتاباً بعنوان:"الإنصاف ليس مجاملات: كيفية التواصل مع المسلمين البريطانيين".
في المقابل، لم ينج خان من أبناء جلدته الذين أصدروا فتوى ضدّه، بعد إعلانه شفهياً عن تأييد زواج المثليين جنسياً، وتصويته لصالح زواج المثليين عام 2013، واتّهم خان بأنّه مرتد وتظاهر الناس أمام الجامع الذي يصلّي فيه عام 2005، وقالوا إنّ كلّ من صوّت له سيذهب إلى الجحيم، كما وصلته تهديدات دفعته إلى ترتيب وضع زوجته وابنتيه تحت حماية الشرطة.
وعن حياته العائلية، تزوّج خان من سعدية زميلته في المحاماة، منذ 22 عاماً، ولديهما ابنتان في سنّ المراهقة.
وبغض النظر عن دين خان وعرقه، هو أوّل عمدة لبلدية لندن يفوز في الانتخابات بأغلبية ساحقة لم يعهد مثلها التاريخ.