عمال ليبيا: انقسام نقابي وحقوق ضائعة

01 مايو 2018
العمالة غير الشرعية تفاقم مشكلة عمال ليبيا (فرانس برس)
+ الخط -
لم تحصل مسعودة محمد، العاملة في الشركة العامة للإلكترونات (حكومية) على مستحقاتها المالية منذ 3 سنوات، بسب تداخل الاختصاصات بين وزارة الصناعة والاقتصاد بشأن تفعيل المصنع، وتقول لـ"العربي الجديد": "لا نحصل على حقوقنا". 


ويشير فتحي محمد، العامل في شركة مقاولات، إلى أنه يعمل من دون تعاقد قانوني مع صاحب الشركة، وإن مرتّبه يُحوّل إليه في نهاية الشهر، متسائلاً: "هل يوجد اتحاد عمالي أم لا؟"، ملاحظاً أنه في حقبة نظام القدافي كان هناك اتحاد منتجين ساعد العديد من العمال لاستعادة عملهم في شركات، لكن الآن "لا يوجد شيء".

وفيما يصف محمد علي، العامل في شركة طيران خاصة، الواقع بأن العمل جيد في القطاع الخاص والراتب يفوق الحد الأدنى للأجور لدرجة الضعفين، لكن يؤكد أنه "لا توجد حقوق لك، وقرار إنهاء الخدمة بيد المسؤول في الشركة، ناهيك عن عدم وجود تأمين صحي وعقد عمل".

أما الحرفي بشير الطرابلسي، فأشار بدوره إلى أن عمال ليبيا عانوا على مرّ العصور من القهر والإذلال والعمل ليل نهار من دون الحصول على أبسط الحقوق، لكن العمال حالياً يبحثون عن حقوقهم الضائعة، ولا آذان صاغية إليهم من الحكومات، "فالحرفيون يتلاشون واتحادات العمال اسم فقط".



من جهته، أوضح رئيس اتحاد عمال ليبيا عبدالسلام التيمي لـ"العربي الجديد" أن هناك 300 ألف منتسب إلى الاتحاد في مختلف أنحاء البلاد، موزّعين على 19 اتحاداً فرعياً و12 نقابة.

وأوضح أن الاتحاد يعاني الأمرّين، إذ لا تجاوب من الحكومات السابقة والحالية بشأن مطالب العمال سوى الوعود، ومنها أن مقر الاتحاد لا يزال تحت سيطرة مليشيا مسلحة منذ أكثر من عامين.

وأكد أن اتحاد عمال ليبيا يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، بعيداً من التجاذبات السياسية، مضيفاً أن "عراقيل تواجه الاتحاد بشأن المشكلات التي تواجه العمّال من أرباب العمل، وكذلك الحكومات المتعاقبة".

ووصف رئيس اتحاد عمال النفط في ليبيا، منير أبو السعود، الاتحاد بأنه "مقصوص الجناحين، جناح كسّره الانقسام السياسي، وآخر محاربة السلطات الحكومية للسيطرة على الاتحادات ومنعها من القيام بدورها".

وفي تصريحات لـ"العربي الجديد" قال إن المؤسسة الوطنية للنفط تحارب الاتحاد، وآذانها لا تصغي إلى حقوق العمال من تأمين صحي وزيادة رواتب بنسبة 67%، في وقت تستمر مشكلات العمال الناتجة من القرارات التعسفية للفصل الإداري وغير ذلك، على رغم أن عمال النفط مرابطون في العمل بحقول النفط.

ويوجد في ليبيا اتحادا عمّال، يدّعي كل منهما الشرعية، أحدهم "اتحاد عمال ليبيا" الموجود في طرابلس، و"الاتحاد الوطني للعمال في ليبيا" الموجود في بنغازي، ولكل منهما نشاط ومقارّ إدارية ولديهما فروع في مختلف أنحاء البلاد.



اتحاد عمال ليبيا ألغاه نظام القدافي مطلع سبعينيات القرن الماضي، وأُسّس على أنقاضه اتحاد المنتجين تحت إشراف النظام الحاكم، ثم زحف على المنشآت الاقتصادية، فأصبحت العلاقة بين العامل ورب العمل "ظالمة"، ما تسبب في انتقال جميع الوحدات الإنتاجية إلى الدولة.

ويلاحظ خبراء أن اتحاد عمال ليبيا "حبر على ورق"، إذ قبل الحديث عن اتحاد العمال، عليهم أن يبحثوا عن عمال أولاً.

كما لم تُحل مشكلات الوحدات الإنتاجية المتوقفة على الإنتاج مند الثورة والبالغ عددها 160 وحدة اقتصادية ملّكها نظام القدافي للعاملين فيها، وأبرزها مصانع الغزل والنسيج واللدائن والمشروبات والأغذية.

إلى ذلك، عانى العمال الليبيون على مرّ التاريخ بظروف قاسية واضطهاد وقلة الأجور وسوء الأحوال المعيشية، فكانت الصناعات التقليدية هي مورد الرزق للعائلات.

وقال الباحت الاقتصادي بشير محمد، إن أول إضراب للعمال حصل سنة 1928 عندما قررت الموانئ الإيطالية تقليص أجور العمال الليبيين بنسبة 15% إبّان الاحتلال الإيطالي، لكن العمال رفضوا القرار وأُعيدت إليهم أجورهم كاملةً بعد إضراب دام أياماً.

وأشار أيضاً إلى أن وعي الطبقة العاملة في ليبيا أنتج إنشاء مكتب للعمال عام 1943، فكانت بداية متواضعة، لكنه بعد فترة أصبح أداة فاعلة لحل المشكلات العمالية.

وعقب استقلال ليبيا، أُسّس اتحاد عمال ليبيا في خمسينيات القرن الماضي، ولعب دوراً كبيرا في الحركة العمالية، وساهم في تغيير تشريعات في تلك الفترة، وأبرزها قانون العمل الصادر عام 1952. وبعد ثورة فبراير/ شباط 2011، أُعيد إحياء اتحاد عمال ليبيا.

المساهمون