يحمل عامل النظافة الفلسطيني محمود عبد الرحمن (42 عاماً)، مكنسته السوداء على عربة صغيرة يدفعها أمامه بيدين أَرهقهما البرد الشديد وكثرة العمل، ويتنقل بحذر شديد بين تلك الأزقة الضيقة في أحد أحياء مدينة غزة التي يجمع منها أكياس القمامة، فشمس النهار لم تشرق بعد والظلام الدامس يحجب عنه رؤية معالم طريقه.
ويخرج عبد الرحمن من منزله في حي الزيتون، إلى الجنوب من مدينة غزة، قبل موعد أذان الفجر بساعة كاملة مع بقية زملائه ليبدأوا عملهم المرهق في كنس شوارع مدينتهم المحاصرة وجمع القمامة على عربات يدوية وأخرى تجرها الحيوانات.
ويعاني قطاع غزة من نقص كبير في عمال النظافة، فقد بلغ عددهم في غزة، المدينة الأكبر في القطاع، 400 عامل فقط يعملون على فترتين صباحية وليلية، في حين تحتاج المدينة إلى أكثر من 1000 عامل، بحسب بلدية غزة.
ويواجه قطاع غزة أزمة في كيفية التصرف بالنفايات الصلبة، في ظل الحصار الذي يعانيه منذ العام 2007، ما أدى إلى ظهور نحو 15 مكباً عشوائياً لها خلال العام الماضي، الأمر الذي يهدد بانتشار الأوبئة من جهة، وتلوث المياه الجوفية من جهة أخرى. وبحسب تقارير محلية، فإن حجم النفايات الصلبة التي يتم إنتاجها يومياً، يبلغ قرابة 1700 طن، تجمع من كافة محافظات غزة، ويتم التخلص منها في عدد من المكبات المرخصة، وعشرات أخرى عشوائية، وغير قانونية.
ويبدأ العامل الفلسطيني، الذي يعيل أسرة تتكوّن من 6 أفراد بالإضافة لوالدته العجوز، يومه بعد أن يستيقظ بصلاة قيام الليل، ليرتدي بعد ذلك ملابسه الشتوية البسيطة ويتوجه إلى مقر بلدية غزة ليتسلم معداته المتواضعة التي لا تزيد عن عربة يدوية ومكنسة ومجرفة.
وفي الساعة الخامسة صباحاً، قبيل أذان الفجر، يصل عبد الرحمن إلى منطقة عمله مع عدد قليل من زملائه في حي الرمال، غرب مدينة غزة، ويبدأ على الفور بجمع أكياس القمامة السوداء من أمام بوابات المنازل ويكنس جانبي الطريق.
ولا يمر كثير من الوقت حتى تمتلئ عربته الصغيرة بأكياس القمامة، فيتوجه لإفراغها في مكب نفايات قريب، ويعود ليكمل عمله، ويتخلل ذلك دقائق يجلس فيها للاستراحة يرتشف خلالها كأساً من الشاي يقدمه له بشكل يومي مالك أحد المتاجر الصغيرة.
وما أن يُنهي عمله، يعود عبد الرحمن لتسليم معداته في مقر البلدية ويتوجه بعد ذلك إلى منزله ليتناول طعام الغداء مع أفراد أسرته.
ولا يلبي ذلك الراتب الزهيد الذي يحصل عليه عبد الرحمن من بلدية غزة، كافة احتياجات منزله، فيضطر ليعمل خلال المساء في جمع قطع "البلاستيك" ويبيعها لأحد المصانع التي تعيد تدويرها بمبالغ زهيدة تساعده في سد رمق أطفاله.
ولعل أكثر ما يفاقم معاناة عامل النظافة الغزي تأخر راتبه الشهري، الذي بات في الفترة الأخيرة يحصل عليه كل فترة تصل إلى شهرين بسبب العجز المالي الذي تعاني منه بلديات القطاع، بسبب عدم تسلّم حكومة التوافق منذ تشكيلها لمسؤوليتها في غزة.
ويقول عبد الرحمن، لـ"العربي الجديد": "عملنا شاق جداً وأعدادنا قليلة؛ فجمع أكياس القمامة وإيصالها لمكب النفايات، وكنس الطرقات، يجهدنا كثيراً، في المقابل نحصل على أجر زهيد جداً لا يزيد عن 800 شيكل إسرائيلي (200 دولار)، لا تكفي لسد شيء من احتياجات أسرنا، لذلك نضطر للعمل في الفترة المسائية لسد رمق أطفالنا".
ويضيف: "حتى ذلك الأجر الزهيد بتنا في الآونة الأخيرة نحصل عليه كل شهرين أو حتى ثلاثة أشهر بدلاً من أن نتلقاه بشكل شهري، الأمر الذي يزيد ظروفنا الاقتصادية سوءاً".
ويتمنى عبد الرحمن أن تسمح السلطات الإسرائيلية بإدخال مواد البناء لقطاع غزة ليعود إلى عمله في "القصارة"، الذي تركه منذ أكثر من خمسة أعوام.
وتسبب الحصار الإسرائيلي والحروب المتتالية على قطاع غزة، خلال الأعوام القليلة الماضية، في ارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 80%، ونسبة البطالة إلى 60%، وفق إحصائية أصدرتها اللجنة الشعبية لمواجهة حصار غزة.
وتفرض إسرائيل حصاراً على غزة منذ سيطرة حركة حماس عليه عام 2007، اشتمل على تقنين حرية تنقل الأفراد والبضائع من القطاع وإليه، وتقليص مساحة الصيد في عرض البحر لمسافة لا تزيد على ستة أميال بحرية، بالإضافة لتقنينها دخول المحروقات ومواد البناء، ومنعها دخول العشرات من البضائع والمواد الخام اللازمة لتشغيل المصانع في غزة.
وكانت الحكومة الفلسطينية قد وقعت العام الماضي، اتفاقاً مع البنك الدولي لتمويل مشروع لإدارة النفايات في قطاع غزة بقيمة 32 مليون دولار. وقالت وزارة الحكم المحلي وقتها، إن المشروع يهدف لخدمة أكثر من 750 ألف مواطن في قطاع غزة.
اقرأ أيضا: سائق التوك توك..مهنة خريجي الجامعات والأطفال في مصر
اقرأ أيضا: بائعة البخور..تركت التعليم بسبب فقر أسرتها
اقرأ أيضا: صبّاب القهوة.. مهنة على مفترقات طرق غزّة
ويخرج عبد الرحمن من منزله في حي الزيتون، إلى الجنوب من مدينة غزة، قبل موعد أذان الفجر بساعة كاملة مع بقية زملائه ليبدأوا عملهم المرهق في كنس شوارع مدينتهم المحاصرة وجمع القمامة على عربات يدوية وأخرى تجرها الحيوانات.
ويعاني قطاع غزة من نقص كبير في عمال النظافة، فقد بلغ عددهم في غزة، المدينة الأكبر في القطاع، 400 عامل فقط يعملون على فترتين صباحية وليلية، في حين تحتاج المدينة إلى أكثر من 1000 عامل، بحسب بلدية غزة.
ويواجه قطاع غزة أزمة في كيفية التصرف بالنفايات الصلبة، في ظل الحصار الذي يعانيه منذ العام 2007، ما أدى إلى ظهور نحو 15 مكباً عشوائياً لها خلال العام الماضي، الأمر الذي يهدد بانتشار الأوبئة من جهة، وتلوث المياه الجوفية من جهة أخرى. وبحسب تقارير محلية، فإن حجم النفايات الصلبة التي يتم إنتاجها يومياً، يبلغ قرابة 1700 طن، تجمع من كافة محافظات غزة، ويتم التخلص منها في عدد من المكبات المرخصة، وعشرات أخرى عشوائية، وغير قانونية.
ويبدأ العامل الفلسطيني، الذي يعيل أسرة تتكوّن من 6 أفراد بالإضافة لوالدته العجوز، يومه بعد أن يستيقظ بصلاة قيام الليل، ليرتدي بعد ذلك ملابسه الشتوية البسيطة ويتوجه إلى مقر بلدية غزة ليتسلم معداته المتواضعة التي لا تزيد عن عربة يدوية ومكنسة ومجرفة.
وفي الساعة الخامسة صباحاً، قبيل أذان الفجر، يصل عبد الرحمن إلى منطقة عمله مع عدد قليل من زملائه في حي الرمال، غرب مدينة غزة، ويبدأ على الفور بجمع أكياس القمامة السوداء من أمام بوابات المنازل ويكنس جانبي الطريق.
ولا يمر كثير من الوقت حتى تمتلئ عربته الصغيرة بأكياس القمامة، فيتوجه لإفراغها في مكب نفايات قريب، ويعود ليكمل عمله، ويتخلل ذلك دقائق يجلس فيها للاستراحة يرتشف خلالها كأساً من الشاي يقدمه له بشكل يومي مالك أحد المتاجر الصغيرة.
وما أن يُنهي عمله، يعود عبد الرحمن لتسليم معداته في مقر البلدية ويتوجه بعد ذلك إلى منزله ليتناول طعام الغداء مع أفراد أسرته.
ولا يلبي ذلك الراتب الزهيد الذي يحصل عليه عبد الرحمن من بلدية غزة، كافة احتياجات منزله، فيضطر ليعمل خلال المساء في جمع قطع "البلاستيك" ويبيعها لأحد المصانع التي تعيد تدويرها بمبالغ زهيدة تساعده في سد رمق أطفاله.
ولعل أكثر ما يفاقم معاناة عامل النظافة الغزي تأخر راتبه الشهري، الذي بات في الفترة الأخيرة يحصل عليه كل فترة تصل إلى شهرين بسبب العجز المالي الذي تعاني منه بلديات القطاع، بسبب عدم تسلّم حكومة التوافق منذ تشكيلها لمسؤوليتها في غزة.
ويقول عبد الرحمن، لـ"العربي الجديد": "عملنا شاق جداً وأعدادنا قليلة؛ فجمع أكياس القمامة وإيصالها لمكب النفايات، وكنس الطرقات، يجهدنا كثيراً، في المقابل نحصل على أجر زهيد جداً لا يزيد عن 800 شيكل إسرائيلي (200 دولار)، لا تكفي لسد شيء من احتياجات أسرنا، لذلك نضطر للعمل في الفترة المسائية لسد رمق أطفالنا".
ويضيف: "حتى ذلك الأجر الزهيد بتنا في الآونة الأخيرة نحصل عليه كل شهرين أو حتى ثلاثة أشهر بدلاً من أن نتلقاه بشكل شهري، الأمر الذي يزيد ظروفنا الاقتصادية سوءاً".
ويتمنى عبد الرحمن أن تسمح السلطات الإسرائيلية بإدخال مواد البناء لقطاع غزة ليعود إلى عمله في "القصارة"، الذي تركه منذ أكثر من خمسة أعوام.
وتسبب الحصار الإسرائيلي والحروب المتتالية على قطاع غزة، خلال الأعوام القليلة الماضية، في ارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 80%، ونسبة البطالة إلى 60%، وفق إحصائية أصدرتها اللجنة الشعبية لمواجهة حصار غزة.
وتفرض إسرائيل حصاراً على غزة منذ سيطرة حركة حماس عليه عام 2007، اشتمل على تقنين حرية تنقل الأفراد والبضائع من القطاع وإليه، وتقليص مساحة الصيد في عرض البحر لمسافة لا تزيد على ستة أميال بحرية، بالإضافة لتقنينها دخول المحروقات ومواد البناء، ومنعها دخول العشرات من البضائع والمواد الخام اللازمة لتشغيل المصانع في غزة.
وكانت الحكومة الفلسطينية قد وقعت العام الماضي، اتفاقاً مع البنك الدولي لتمويل مشروع لإدارة النفايات في قطاع غزة بقيمة 32 مليون دولار. وقالت وزارة الحكم المحلي وقتها، إن المشروع يهدف لخدمة أكثر من 750 ألف مواطن في قطاع غزة.
اقرأ أيضا: سائق التوك توك..مهنة خريجي الجامعات والأطفال في مصر
اقرأ أيضا: بائعة البخور..تركت التعليم بسبب فقر أسرتها
اقرأ أيضا: صبّاب القهوة.. مهنة على مفترقات طرق غزّة