عليا عقل: لجوء من مخيم فلسطيني إلى آخر

02 مايو 2019
استقرّت في النهاية بمخيّم مار إلياس ببيروت (العربي الجديد)
+ الخط -

في فلسطين، أبصرت عليا علي عقل النور، غير أنّها لا تعلم اليوم إذا كانت يداها سوف تتمكنان من ملامسة ترابها، وقد تهجّرت من أرضها. وعليا من بلدة علما في الجليل، خرجت من فلسطين عندما كانت في الثامنة من عمرها، وهي ما زالت تذكر الرعب الذي شعرت به عندما هجم الصهاينة على القرى والمدن الفلسطينية.

تخبر عليا "العربي الجديد": "عندما خرجنا من فلسطين توجّهنا نحو بلدة بنت جبيل اللبنانية (جنوب)، حيث مكثنا ثلاثة أعوام. كان لي أخ من أمي يبلغ من العمر 26 عاماً توفي هناك. وبعد بنت جبيل، توجّهنا إلى مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين في صور (جنوب) وعشنا هناك خمسة أعوام". وتلفت عليا إلى أنّ "والدي كان نجّاراً في فلسطين، وكان يعمل في منشرة بحيفا، لكنّنا خرجنا من الوطن من دون أن نحمل معنا أيّ شيء".

تزوّجت عليا وانتقلت مع زوجها للعيش في مخيّم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين في شرق بيروت، وأنجبت فيه أولادها التسعة. تضيف: "لقد شهدنا معاناة كبيرة في تل الزعتر وسط الحصار، على الرغم من أنّ زوجي الذي انتقل للعمل في قطر كان يرسل إلينا المال. فالمواد الأساسية كانت مفقودة في المخيم". وتشير إلى أنّ "محمد، ابني البكر، استشهد في ذلك المخيم. حينها، كان زوجي موجودًا في المخيم، وقد أتى للاطمئنان علينا. عثرنا معاً على محمد جريحاً ملقى على الأرض. فاصطحبناه إلى أحد المستوصفات التي كانت خالية من المستلزمات الصحية المطلوبة. فغسل الممرضون هناك جرحه بالماء والملح وقالوا له: اذهب إلى البيت". وتكمل عليا سردها: "لكنّ ابني مات، فشعرت بضياع شديد، ورحت أصرخ من دون أن أدري ماذا أفعل. بعد ذلك قرّرنا الخروج من المخيم. لم يكن طريقنا آمناً، وقد تعرّضنا لمخاطر عدّة، وكاد زوجي أن يموت".




وتتابع عليا: "بعد خروجنا من مخيم تل الزعتر ونجاتنا، في سبعينيات القرن الماضي، توجّهنا إلى مخيم الرشيدية في صور. أهلي كانوا لا يزالون مستقرين في ذلك المخيم، فمكثنا هناك، عندهم، لمدّة ستة أشهر ونصف الشهر. من جهته، غادر زوجي لبنان ورجع إلى قطر ليستكمل عمله. في خلال مكوثنا هناك، راح طيران العدو الإسرائيلي يغير على المخيم. خفت أن يصاب أولادي بأذى، فحملتهم في أحد الأيام، عند الساعة الثالثة فجراً، وتوجّهت بهم إلى منطقة حارة حريك، في الضاحية الجنوبية لبيروت. بعد ذلك، عدنا إلى الجنوب، وتحديداً إلى منطقة الهلالية في صيدا (جنوب لبنان). لم نبقَ طويلاً هناك، وانتقلنا إلى مخيم مار إلياس للاجئين الفلسطينيين في غرب بيروت. منذ ذلك الحين، ما زلنا مستقرّين في هذا المخيم".
المساهمون