"القبيلة ليست مجرد أشخاص، بل أرض، والانتماء القبلي مشكلة لأنه يولّد دائما الخلاف والعداء مع الآخر، وهذا موجود في بلاد عربية كثيرة بشكل أخطر مما هو عليه في مصر"، هكذا تحدث رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة محمد عفيفي، معلقا على أحداث العنف الأخيرة التي نشبت في مدينة أسوان الجنوبية، والتي أودت بحياة نحو 30 من قبيلتي بني هلال والدابودية.
المشكلة تكمن، حسبما قال عفيفي لـ"العربي الجديد"، كون "النوبيون كانت لهم أرض ومكان، ولكن مع بناء السد العالي حدثت عملية التهجير، واقتربت الأماكن التي يقطنون بها مع الأماكن التي تقطن بها باقي القبائل، ومن هنا يحدث الاحتكاك، فالتهجير ألغى الفصل المكاني بين القبائل وبعضها". وأوضح قائلا "هناك بعض القبائل العربية في أسوان، تتباهي بأصولها العربية، ولذلك فمسألة الخلافات هذه قديمة، ولكن كانت محدودة".
ويضيف عفيفي: "الحادث الأخير يثير علامات استفهام كثيرة؛ فعدد القتلى الكبير لم يحدث قبل ذلك، فضلا عن أن النوبيين شعب طيب ووديع"، لافتا إلى أنه "من الممكن تخيل أحداث عنف كهذه، وبشكل أعمق، في محافظة مثل قنا، لأن بها العديد من القبائل العربية والفلاحين والهوّارة والمسيحيين، لكن أسوان من المفترض أن قبائلها من أهدأ القبائل"، بحسب قوله.
وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية، سعيد صادق، إن "المجتمع المصري قبل الثورة كانت تنتشر به ظواهر العنف الجماعي مثل حادثة الكشح التي حدثت في محافظة سوهاج نهاية عام 1999، وعقب الثورة، هذا النمط من العنف الجماعي انتشر في مناطق كثيرة في مصر نتيجة لدخول الأسلحة عبر الحدود مع الدول المختلفة، وضعف الحكومات المتعاقبة وغياب الأمن، إضافة إلى عملية تسييس للمجتمع ككل".
واعتبر صادق أن "ما حدث في أسوان هو نتيجة حساسيات عرقية متراكمة، وهو ما عكسه التمثيل بالجثث الذي يحمل رسائل أهمها شيطنة الآخر، والتقليل من شأنه بما يسمح للقاتل بالتمثيل بجثته".
وقالت أستاذ علم الاجتماع في جامعة عين شمس، سامية خضر، إن الأزمة ليست متعلقة بأسوان فقط، وذلك لأن المصريين الآن مخترقون من مخابرات دول عدة، تحاول الوصول لمصر للسيناريو السوري".
وأضافت أن هذا الاختراق يحتاج أن تتعامل المخابرات المصرية بشكل أقوي، بحيث يكون هناك عمليات استباقية لا تنتظر وقوع الحوادث من هذا النوع.