خلال عطلتي، كنت مع أمي عند صديقها، في منزل على شاطئ البحر. وجدتُ المنزل كبيراً، لكن أمي قالت إن منزل صديقها صغير. وجدتُ أن منزل صديقها أكبر من منزلنا، لكنها قالت إن ذلك لا يعني أي شيء. أنا أجد أن ذلك يعني أن منزل صديقها أكبر من منزلنا.
صحيح أن لا إنترنت في منزل صديقها، ولا بث تلفزيوني بواسطة الكابل. في منزلنا، يتوفّر الكابل والإنترنت، لكننا لا نلتقط المحطات التي تبثّ بطولة كرة القدم البرازيلية. مرةً، طلبتُ لعيد ميلادي المحطات التي تبثّ البطولة البرازيلية، لكن أمي مانعت. وأبي أيضاً.
أمرٌ آخر مختلف خلال هذه العطلة، هو أن أمي رفضت الذهاب إلى الشاطئ. كان الطقس جميلاً، ولطالما عشقت أمي الشمس. تملك سراويل سباحة "بيكيني" كثيرة. في اليوم الأول، سمعتها تقول لصديقها إنها لا تريد الذهاب إلى الشاطئ لأنها تجد نفسها سمينة. أجاب صديقها أنه كان عليها أن تقول له ذلك قبل مجيئنا؛ لأنه لو عرف ذلك لما جاء معها إلى منزل الشاطئ. هل كان سيأتي معي، إذاً؟ لا أعرف. ولم أكن أعرف أيضاً أن أمي كانت تجد نفسها سمينة. بالنسبة إليّ، إنها مثلما كانت دائماً. قبل ولادتي، كانت مختلفة. هذا أمر أعرفه اليوم. أمرٌ كان من المفترض أن يبكيني، لكن ذلك لم يحصل.
صحيح أن صديقها سمين، لكنه يحبّ الذهاب إلى الشاطئ. على الشاطئ، حيث يملك منزلاً، ثمة أشخاص سمينون كثيرون يمضون وقتهم في الأكل. كان يريد أن أرافقه، أن آكل القريدس وأشرب الجعّة على الشاطئ. لكن لا يمكن للاعب كرة القدم أن يأكل طوال النهار، لا على الشاطئ ولا في منزله. وحتى لو كنتُ بالغاً، لن أمضي وقتي في شرب الجعّة، لا على الشاطئ ولا في المنزل، لأن لاعب كرة القدم لا يشرب الجعّة.
أمرٌ لم أكن أعرفه، وصرتُ أعرفه اليوم، هو أن أبي أيضاً يشرب الجعّة. لكن أمي تقول إن أبي لم يعد يمارس كرة القدم. تُخطئ مرةً أخرى. لأن مبارياته لا تُبثّ على التلفاز، فإن ذلك لا يعني أنه لا يمارس كرة القدم. ثم أبي يطلّ على الشاشة حين لا يلعب كرة القدم. برامج كثيرة تحبّه. برامج كثيرة لا تتحدث عن كرة القدم، إطلاقاً. برامج مع فتيات ترقص. برامج مع رجال يغنّون. برامج تقدّم هدايا للناس. ثمة أشياء كثيرة لا تعرفها أمي. لا تعرف أن تتستّر على الأشياء.
تشاجرت مع صديقها لأنه يحبّ أن يمضي نهاره على الشاطئ في الأكل والشرب. لكنني أعرف أنه، بينما كان معي على الشاطئ، يأكل ويشرب طوال النهار، أمضت أمي النهار في المنزل وهي تأكل. هل كانت تشرب أيضاً؟ لا أعرف. أعرف أنها كانت تأكل، لأنها أكلت الأشياء التي اشتراها صديقها لي. أكلت المعكرونة. حتى أنه قال لي إنه من المهم أن آكل هذه المعكرونة، لأن على جميع الرياضيين أن يأكلوا الكثير من المعكرونة. حين اكتشفنا، أنا وهو، أنها أكلت معكرونتي، اعتقدتُ أنه سيؤنّبها، لكنه لم يفعل. قال فقط إنني سأكون يوماً لاعب كرة قدم ثرياً إلى حد يمكّنني من شراء المعكرونة من إيطاليا، بينما هي ستأكل دائماً معكرونة برازيلية. وجد تعليقه مضحكاً. لكن أمي لم تجده مضحكاً، ولا أنا.
تصبح الأشياء أكثر طرافةً حين يشرب الناس الجعّة، أعرف ذلك اليوم، لأن صديق أمي، قبل أن يشرب الجعّة، رأى أنه من التفاهة أن تجد نفسها سمينة وترفض الذهاب إلى الشاطئ وتأكل معكرونتي. تساءلتُ لماذا لم يكن أبي يجلب لي المعكرونة، لكني لم اتساءل يوماً إن كان فعلاً سميناً قبل أن يقول صديق أمي لها إن أبي سمين. بعد ذلك، عدتُ إلى التفكير بالمعكرونة، ولاحظتُ أن ثمة أشياء كثيرة لا يجلبها أبي لي.
أهداني كرةً ربح فريقه يوماً مباراةً بها. حين أهداني الكرة، اعتقدتُ أنه يريدني أن أكون مثله، لاعب كرة قدم محترفاً. سألته إن كان يريدني أن أصبح لاعب كرة قدم محترفاً. ضحك. قلتُ في نفسي عندئذ أن ثمة أشياء أقولها تُضحك الناس. لكنني لا أتذكّر أنني سبق وأضحكتك، يا معلّمتي.
انسحب صديق أمي لأخذ قيلولة، فقلتُ لها إنها ستأكل كل المعكرونة التي تريدها حين أصبح لاعب كرة قدم محترفاً. أجهشت في البكاء. قلتُ في نفسي إنها ليست المرة الأولى التي أقول فيها شيئاً يجعل أمي تبكي. إذن، في حال أبكيتك يوماً، يا معلّمتي، لا تقلقي، إنها طبيعتي.
كل يوم نجد على الشاطئ أطفالاً يلعبون الكرة. مرةً، سألتهم إن كان بإمكاني اللعب معهم. كانوا أكبر مني بقليل، لكن لم يكن بينهم سوى واحد يلعب جيداً. لا أظن أنهم أحبّوا كثيراً أن أسألهم إن كان بإمكاني اللعب معهم. لذا، أخذتُ الكرة وبدأت ألعب بخفّة بها. إنه أمر أتقنه جيداً، القيام بحركات خفّة بالكرة. لكنهم لم يعلّقوا على ذلك. أرادوا فقط التحدّث عن كرتي. كرتي أفضل بكثير من كرتهم. إنها الكرة التي أعطاني إياها أبي، إذاً فهي أفضل من كرات كثيرة. إنها كرة لاعبين محترفين. كرة محترفة إلى حد دفعهم إلى سؤالي عمّا هي. قلتُ لهم: والدي أعطاني إياها. لم يكونوا قد رأوا مثل كرتي قط. لم يكونوا قد رأوا أشياء أخرى كثيرة غيرها، لكنهم كانوا يعرفون مَن هو أبي. في الواقع، كانوا يعرفون إلى حد أنهم نعتوني بالكذّاب، حين قلتُ لهم من هو أبي. حسناً، أنا الذي أكذب الآن، لأن الحقيقة أن بعضهم لم يقل لي إنني أكذب، لأنه لم يكن يعرف من هو أبي. أعتذر. أرجو ألّا تدفعك كذبتي إلى البكاء.
بعد ذلك، انطلقتُ في اللعب معهم، بكُرتي. لكنني، حين كنتُ ألعب، لم أكن أفكّر في اللعب. كنتُ ألعب وأنا أقول في نفسي إنه من المحتمل أن يراني شخص راشد فيرغب في أخذي إلى مركز تدريب لإجراء امتحان لي. هكذا ألعب دائماً. لم أقل ذلك أبداً لأحد، وأعرف أن ذلك سيضحكك بالتأكيد.
أعترف أن الفتى الأكبر سنّاً منا كان يلعب جيداً جداً، وأنني حسدته. لكن يجب القول أيضاً إن حارس مرمانا كان سيئاً، وعادةً، يمكن للاعب ممتاز أن يعوّض فريقاً حارس مرماه سيئ. لم أقدر على التعويض. إن تمالكتِ نفسك من الضحك، سأشكرك لاحقاً. أرغب في البكاء بسبب ذلك. هل يمكننا أن نبقي الأمر سرّاً، أي رغبتي في البكاء؟
بعد المباراة، فعل أفضل لاعب في الفريق الآخر شيئاً أفرحني. قال لي إنه يعرف من هو أبي، ودعاني إلى منزله لمشاهدة كل الأشياء التي يملكها حول كرة القدم. في اللحظة التي دعاني فيها، قلتُ في نفسي إنه يريد معاقبتي، لأنني ارتكبتُ خلال المباراة خطأ ضده. خطأ غير طفيف. حتى أنه كريه. خطأ لا أرغب في أن يرتكبه أحد ضدي، وإن كنت أعرف الإفلات من الأخطاء، بما فيها الأخطاء الشريرة. لقد أعقتُ تقدّمه. إعاقة من دون الكرة. ليست إعاقة خطيرة؛ لأن اللاعب لا ينزلق على ملعب رملي. لكنها إعاقة. لا أحب ارتكاب أخطاء. على الآخرين ارتكاب أخطاء ضدّي، فأنا مهاجِم وأسجّل أهداف. لكنني ارتكبتُ خطأ ضده، كما قلت لكِ. عندها، احتجّ مطوّلاً على ذلك، وظننتُ أنه كان سيضربني، لكنه عدل عن ذلك. ربما كان يرغب في ضربي، لكنه لم يفعل، لا أعلم لماذا.
منزله أفضل من منزل صديق أمي، لأن الكابل والإنترنت متوافران. متوافران حتى في غرفته المليئة بالأشياء عن كرة القدم. يملك ميداليات وكؤوس. لم أكن أعرف كلمة "كأس". يلعب في فريق المدينة. أقصد أنه لا يلعب مع المحترفين، بل مع نادي فتيان المدينة الذين سيصبحون محترفين يوماً ما. لذلك يملك كل هذه الميداليات والكؤوس.
أطلعني على كل ميدالياته وكؤوسه وروى لي قصة كل ميدالية وكل كأس. ثم دخل على الشبكة الافتراضية وكتب اسم أمي في محرّك البحث. سألته كيف يعرف اسم أمي. أجاب أنه يعرف اسمها لأنه يعرف اسم أبي. سألته: أمي معروفة؟ قال لي: نعم، انظر.
نظرتُ. صور كثيرة لأمي حين لم تكن بعد سمينة، لأنه كيف يمكن لشخص سمين لا يريد الذهاب إلى الشاطئ، أن تكون له صور بهذا الشكل على الإنترنت؟
لم أقل شيئاً، لكنه ضحك. الآن أعرف أنه يمكنني إضحاك الناس حتى حين لا أقول أي شيء. لكني أبكيتُ أمي حين رجعتُ إلى منزل صديقها وأخبرتها بكل شيء.
* Toni Marques كاتب من مواليد ريو دي جانيرو (البرازيل)، 1964. له ثلاثة كتب قصصية. عمل مراسلاً في نيويورك لصحيفة O Globo، ومحرراً في محطة Globo TV. في 2015، ستبث محطة HBO، فرع البرازيل، مسلسل "مانيفيكا 70" الذي يرتكز على السيناريو الذي كتبه تحت العنوان نفسه.
ترجمة عن الفرنسية: أنطوان جوكي