06 نوفمبر 2024
عصف ذهنيّ.. البولدوزر يحسم
سواء ستشهد إسرائيل انتخابات مبكرة في الصيف القريب أو لا، سيكون السجال في خضمها متمحورًا بالأساس في قضايا فساد مؤسسة الحكم، على خلفية الشبهات الحائمة حول رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.
وفي الشأن السياسي، سينجلي أكثر فأكثر مبلغ تغلغل الإجماع إزاء غاية الاستيطان في أراضي 1967 بين الأحزاب الصهيونية كافة. بكلمات أخرى، في حال إجراء انتخاباتٍ، ستمضي إسرائيل نحوها، وهي أشدّ تمسكًا بسياسة الضمّ والتوسّع، التي لم تكفّ عنها يومًا. أما الرؤية حيال "حلّ الدولتين" التي لا ينفكّ بعضهم يروّج رسوخها في مسلكية السياسة الإسرائيلية العامة، فتبقى لا أكثر من ضريبة كلامية، بينما هي في الممارسة غائمة، ومغلّفة بكل ما في مقدوره أن يفضي إلى مزيدٍ من تمكين دولة الاحتلال وتعزيز أمنها من جهة، وإلى استئصال كل ما من شأنه أن يجعل أي دولةٍ فلسطينيةٍ عتيدة قادرة على الحياة، وخصوصًا في كل ما يتعلّق بمورّدي الأرض والحيّز العام، من جهة أخرى موازية ومكمّلة.
في آخر انتخابات جرت في إسرائيل عام 2015، نُشرت تعليقاتٌ كثيرةٌ أعادت إلى الأذهان أن التوقع أن يؤدي اعتلاء معسكر الوسط - اليسار سدّة الحكم إلى إبطاء نمو الاستيطان في الأراضي المحتلة مُبالغٌ فيه، حتى بالاستناد إلى الإحصاءات المتعلقة بهذا الصدد.
ووفقًا لتلك التعليقات، في عام 1993 دخلت تعهدات حكومة رابين بتجميد إقامة مستوطنات جديدة في أراضي 1967 حيز التنفيذ، وانتهت بتوقيع اتفاقية أوسلو الأولى. لكن على الرغم من ذلك، وخلال فترة تلك الحكومة، ازداد عدد المستوطنين بـ10% سنويًا، باعتباره "نموًا طبيعيًا"، واستمر البناء في المستوطنات القائمة. وكان انتخاب نتنياهو لرئاسة الحكومة (1996) بمثابة مؤشّرٍ إلى انخفاض معدل النمو في عدد المستوطنين إلى نحو 8% سنويًا. وفي العام الأخير لنتنياهو في الحكم (1999) بلغ معدل النمو نحو 7%، وهي تقريبًا النسبة نفسها لعام إيهود باراك الكامل رئيس حكومة في 2000، والذي بدأت وانتهت فيه محادثات كامب ديفيد. وتسببت انتفاضة الأقصى (خريف 2000) بإبطاء نمو المستوطنين، وبعد انتهائها (2003) التزمت الحكومة بإخلاء بؤر استيطانية غير شرعية، برزت نتيجة تجميد إقامة مستوطنات رسمية جديدة. وإبّان حكومة إيهود أولمرت (2006- 2009)، التي شارك فيها حزب العمل، استقر معدل النمو عند ما يقارب 5% سنويًا، لكن مع عودة نتنياهو إلى السلطة (2009)، وهو الذي جمّد الاستيطان في مرحلة معينة، انخفض معدل النمو إلى نحو 4% سنويًا.
وأكد كاتب التعليق أن الاستنتاج الحتميّ من هذه المعطيات، هو أن حكومات الوسط - اليسار لا تبطئ معدل النمو في المستوطنات، بل العكس هو الصحيح. ولهذا تفسيران:
الأول، أن تلك الحكومات تحظى بدعم الدول المؤيدة للسلام، ولذا لا تُواجه سياستها الاستيطانية كما يحدث مع حكومات اليمين. وتدل الوقائع على أن التغيير في موقف الدول من قضية الاستيطان بمجرد الانتقال من حكومة أولمرت إلى حكومة نتنياهو كان بارزًا. الثاني، قدرة الصمود المنخفضة نسبيًا لحكومات الوسط - اليسار في مواجهة المستوطنين.
لا بُدّ أيضًا من إيراد ملاحظة إضافية: في الوقت الذي تركّز أغلبية المعارضة الإسرائيلية لحكم نتنياهو جهودها الرامية إلى إسقاطه، على فساده مع أقطاب حزبه وحكومته، فإن هذه المعارضة، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والاحتلال، تتماشى مع أبرز طروحاته، وخصوصا إزاء الاستيطان، والقدس، والمطالب الأمنية، وسائر قضايا التسوية النهائية، وكذلك حيال مقولة عدم وجود شريك فلسطينيّ، ومطلب الاعتراف بإسرائيل دولة يهوديّة.
وبعد هذا كله، تؤكد وجوب الانفصال ديمغرافيًا عن الفلسطينيين، حتى من طريق خطوات أحادية الجانب، إنما من دون الحاجة إلى الانسحاب إلى خطوط 1967، ومن دون حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ومن دون القدس.
وهو في الجوهر الانفصال نفسه الذي سبق أن طبّقه أريئيل شارون حيال قطاع غزة عام 2005، من دون أن يتخلّى عن اعتقاده المتأصّل أن البلدوزر والشقق الاستيطانية هي التي تحسم الحدود في نهاية المطاف.
وفي الشأن السياسي، سينجلي أكثر فأكثر مبلغ تغلغل الإجماع إزاء غاية الاستيطان في أراضي 1967 بين الأحزاب الصهيونية كافة. بكلمات أخرى، في حال إجراء انتخاباتٍ، ستمضي إسرائيل نحوها، وهي أشدّ تمسكًا بسياسة الضمّ والتوسّع، التي لم تكفّ عنها يومًا. أما الرؤية حيال "حلّ الدولتين" التي لا ينفكّ بعضهم يروّج رسوخها في مسلكية السياسة الإسرائيلية العامة، فتبقى لا أكثر من ضريبة كلامية، بينما هي في الممارسة غائمة، ومغلّفة بكل ما في مقدوره أن يفضي إلى مزيدٍ من تمكين دولة الاحتلال وتعزيز أمنها من جهة، وإلى استئصال كل ما من شأنه أن يجعل أي دولةٍ فلسطينيةٍ عتيدة قادرة على الحياة، وخصوصًا في كل ما يتعلّق بمورّدي الأرض والحيّز العام، من جهة أخرى موازية ومكمّلة.
في آخر انتخابات جرت في إسرائيل عام 2015، نُشرت تعليقاتٌ كثيرةٌ أعادت إلى الأذهان أن التوقع أن يؤدي اعتلاء معسكر الوسط - اليسار سدّة الحكم إلى إبطاء نمو الاستيطان في الأراضي المحتلة مُبالغٌ فيه، حتى بالاستناد إلى الإحصاءات المتعلقة بهذا الصدد.
ووفقًا لتلك التعليقات، في عام 1993 دخلت تعهدات حكومة رابين بتجميد إقامة مستوطنات جديدة في أراضي 1967 حيز التنفيذ، وانتهت بتوقيع اتفاقية أوسلو الأولى. لكن على الرغم من ذلك، وخلال فترة تلك الحكومة، ازداد عدد المستوطنين بـ10% سنويًا، باعتباره "نموًا طبيعيًا"، واستمر البناء في المستوطنات القائمة. وكان انتخاب نتنياهو لرئاسة الحكومة (1996) بمثابة مؤشّرٍ إلى انخفاض معدل النمو في عدد المستوطنين إلى نحو 8% سنويًا. وفي العام الأخير لنتنياهو في الحكم (1999) بلغ معدل النمو نحو 7%، وهي تقريبًا النسبة نفسها لعام إيهود باراك الكامل رئيس حكومة في 2000، والذي بدأت وانتهت فيه محادثات كامب ديفيد. وتسببت انتفاضة الأقصى (خريف 2000) بإبطاء نمو المستوطنين، وبعد انتهائها (2003) التزمت الحكومة بإخلاء بؤر استيطانية غير شرعية، برزت نتيجة تجميد إقامة مستوطنات رسمية جديدة. وإبّان حكومة إيهود أولمرت (2006- 2009)، التي شارك فيها حزب العمل، استقر معدل النمو عند ما يقارب 5% سنويًا، لكن مع عودة نتنياهو إلى السلطة (2009)، وهو الذي جمّد الاستيطان في مرحلة معينة، انخفض معدل النمو إلى نحو 4% سنويًا.
وأكد كاتب التعليق أن الاستنتاج الحتميّ من هذه المعطيات، هو أن حكومات الوسط - اليسار لا تبطئ معدل النمو في المستوطنات، بل العكس هو الصحيح. ولهذا تفسيران:
الأول، أن تلك الحكومات تحظى بدعم الدول المؤيدة للسلام، ولذا لا تُواجه سياستها الاستيطانية كما يحدث مع حكومات اليمين. وتدل الوقائع على أن التغيير في موقف الدول من قضية الاستيطان بمجرد الانتقال من حكومة أولمرت إلى حكومة نتنياهو كان بارزًا. الثاني، قدرة الصمود المنخفضة نسبيًا لحكومات الوسط - اليسار في مواجهة المستوطنين.
لا بُدّ أيضًا من إيراد ملاحظة إضافية: في الوقت الذي تركّز أغلبية المعارضة الإسرائيلية لحكم نتنياهو جهودها الرامية إلى إسقاطه، على فساده مع أقطاب حزبه وحكومته، فإن هذه المعارضة، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والاحتلال، تتماشى مع أبرز طروحاته، وخصوصا إزاء الاستيطان، والقدس، والمطالب الأمنية، وسائر قضايا التسوية النهائية، وكذلك حيال مقولة عدم وجود شريك فلسطينيّ، ومطلب الاعتراف بإسرائيل دولة يهوديّة.
وبعد هذا كله، تؤكد وجوب الانفصال ديمغرافيًا عن الفلسطينيين، حتى من طريق خطوات أحادية الجانب، إنما من دون الحاجة إلى الانسحاب إلى خطوط 1967، ومن دون حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ومن دون القدس.
وهو في الجوهر الانفصال نفسه الذي سبق أن طبّقه أريئيل شارون حيال قطاع غزة عام 2005، من دون أن يتخلّى عن اعتقاده المتأصّل أن البلدوزر والشقق الاستيطانية هي التي تحسم الحدود في نهاية المطاف.