عشية نهاية محاكمة ترامب: ترك الحكم إلى محكمة الانتخابات

31 يناير 2020
يصوّت مجلس الشيوخ اليوم على موضوع استدعاء الشهود (Getty)
+ الخط -
اليوم الجمعة يوم فاصل في محاكمة الرئيس دونالد ترامب في مجلس الشيوخ. في نهايته، وبعد 4 ساعات مخصصة لمناقشة موضوع الاستماع للشهود الكبار مثل جون بولتون، يصوّت المجلس على موضوع استدعاء الشهود للاستماع إلى إفاداتهم؛ إما أن يرفض، أو يوافق، أو ينتهي بتوازن مناصفة 50 – 50.
السيناريو الأول يتطلب تماسك الكتلة الجمهورية (53)، وبما يزيد عن 50 صوتاً. الثاني لا يتحقق إلا إذا حسم أربعة جمهوريين يميلون إلى تأييد استدعاء الشهود، أمرهم وصوّتوا في هذا الاتجاه. الثالث محتمل لو انضم ثلاثة فقط منهم إلى الديمقراطيين، بحيث ينتهي التصويت إلى مأزق عددي.
حتى وقت متأخر من ليل الخميس، وبعد نهاية جولة الأسئلة والأجوبة بين فريقَي الادعاء والدفاع، بدت كل هذه السيناريوهات واردة، وإن بدرجات متفاوتة. أقواها الأول، ولو أن احتمالاته تأرجحت بسرعة في اليومين الماضيين. هبط حظه بعد "قنبلة بولتون" في بداية الأسبوع، والتي أفادت بأن الرئيس كان ضالعاً في قضية أوكرانيا. لكن الميزان عاد وانقلب في أعقاب حملة سياسية وإعلامية صاخبة استهدفت الأربعة، وبما حمل معظمهم على مراجعة حساباته. وعاد وانتعش حظ الاحتمال الأول بعد مداخلة كبير محامي الرئيس آلن دارشويتز، التي أثارت ردود فعل قوية ضد الدفاع. تسويغه للمقايضة الأوكرانية بزعم أنها "تساعد الرئيس في انتخابه خدمة للمصلحة العامة"، بدا بمثابة فذلكة غريبة ومريبة، لكنها لم تكن كافية لإحداث الانقلاب المطلوب في الموقف. وبذلك، يبدو أن المعادلة رست على الأرجح على ردّ طلب الشهود بأكثرية 51 ضد 49، بعد انضمام شبه مؤكد لاثنين من الجمهوريين (السناتور ميت رومني وسوزان كولينز)، إلى الديمقراطيين؛ على أن يعقب ذلك، وبعد مناقشة الشكليات، تصويت المجلس على الحكم النهائي المتوقع أن يعفي الرئيس من الإدانة، وبغالبية الجمهوريين بين 51 و53 صوتاً. نهاية حاول زعيم الأقلية الديمقراطية السناتور تشاك شومر تأجيلها، بطلب تمديد المحاكمة لمدة أسبوع. ويبدو أنه لجأ عن يأس إلى هذه الورقة، لاستمالة الجمهوريين الراغبين في تأييد طلب الشهود، وقد يكرّر اقتراحه غداً، وإن كان يعرف عدم جدواه.

وإذا كان السيناريو الثاني مستبعداً، وربما بات في حكم الملغى في ضوء انضباط الصف الجمهوري وراء الرئيس وزعيم الأغلبية السناتور ميتش ماكونيل، فإن الثالث يبقى وارداً، ولو بنسبة ضئيلة. فحتى اللحظة، يحتاج خصوم الرئيس إلى سناتور جمهوري ثالث للإبقاء على مطلب الشهود، وبالتالي وقف الانتقال السريع إلى التصويت الأخير. أحد المرشحين لتعديل الكفة، السناتور لامار ألكسندر، الذي أعلن الخميس، بعد انتهاء الجلسة، عن عدم رغبته في سماع المزيد من الشهود "لأن الرئيس ارتكب خطأ ثبت حصوله، ولا يحتاج إلى المزيد من البراهين.. لكنه لا يستدعي العزل"، على حدّ تعبيره.
تبقى المراهنة على السناتور ليزا ميركاوسكي، التي لم تحسم موقفها بعد. انضمامها إلى الديمقراطيين ينتهي بالتصويت إلى المناصفة اللاحاسمة. عندئذ، يجد المجلس – المحكمة - نفسه أمام واحد من مخرجين: إما أن يدلي رئيس الجلسة القاضي الأول جون روبرتس بصوته لصالح هذا الطرف أو ذاك لحسم الأمر، وإما أن يصار إلى اجتراح مخرج بتدوير الزوايا، كأن يصار إلى تأجيل التصويت إلى ما بعد الاستماع إلى بعض الشهود بصورة عاجلة وغير علنية، على غرار ما جرى لحلّ العقدة التي سبق وواجهها القاضي بريت كافانو، أثناء مناقشة ترشيحه للمحكمة العليا، في لجنة العدل بمجلس الشيوخ. الاعتقاد أن روبرتس لن يتدخل، ولو أن هناك سابقة من هذا النوع في محاكمة الرئيس أندرو جونسون في 1868، ولذلك يُرجّح ألا تتسبب ميركاوسكي بهذا المأزق، وتبقى مع فريقها الجمهوري، خصوصاً وأن مثل هذا الخيار يخدم بالنهاية حساباتها الانتخابية، وتقديمها على مآخذها على الرئيس ترامب.

قوة الحجة مع الادعاء. سلاح الوقائع والأدلة الظرفية إلى جانبه، وباعتراف السناتور الجمهوري ألكسندر، لكن دينامية اللحظة مع فريق البيت الأبيض الذي يتجه إلى الاحتفال بحكم منتزع بقوة العدد والسياسة، وليس بقوة القانون. خصومه كسبوا معركة الاتهام، وخسروا جولة الإدانة. ويبقى صدور الحكم الأخير متروكاً لمحكمة الانتخابات في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
المساهمون