عشية التظاهرات في العراق... قوى سياسية تتحدث عن مخاوف وتصورات المرحلة الحالية

24 أكتوبر 2019
بدت بغداد ومدن أخرى في حالة استنفار أمني(مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -
قبيل ساعات قليلة من موعد استئناف التظاهرات في العراق، غداً الجمعة، تتباين ردود فعل القوى والكتل السياسية المختلفة، بين متخوف من مآلات التظاهرات الحالية، ومؤيد لها ومعتبر أنّها السبيل الوحيد للتغيير في ظل تكرار الفشل الحكومي والبرلماني، مع ترسيخ فكرة المحاصصة الطائفية التي أسسها الأميركيون في العملية السياسية، عقب غزوهم البلاد عام 2003.

وبدت العاصمة العراقية بغداد ومدن جنوب ووسط البلاد، في حالة استنفار أمني، مع انتشار لقوات الأمن، وسط تهافت العراقيين على الأسواق لشراء الاحتياجات الضرورية، تخوفاً من فرض السلطات حظراً للتجوال، على غرار ما حدث مطلع الشهر الحالي.

وتتخوف الجهات الحكومية والسياسية من عبور المتظاهرين، يوم غد الجمعة، إلى المنطقة الخضراء، حيث مقرّ الحكومة والبرلمان ومؤسسات الدولة، خصوصاً أنهم في التظاهرات حاولوا ذلك، لكن بسبب العنف المفرط ضدهم، لم يستطيعوا عبور جسر الجمهورية، وسط بغداد، المؤدي إلى المنطقة ذات التحصين الأمني.

وتقول المتحدثة باسم "ائتلاف النصر" آيات مظفر نوري، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إن "استقالة الحكومة هي من الخيارات المطروحة بسبب ضغط الشعب والمرجعية وبعض الكتل، ومنها (النصر)، الذي يرى أن لا فرصة للحكومة بعد، وقد خسرت فرصتها الأخيرة، خصوصاً بعد نتائج التحقيقات التي جاءت مخيبة للآمال".

وبيّنت نوري أنّ "تظاهرات يوم غد، الجمعة، هي التي ستحدّد مصير هذه الحكومة، وخصوصاً أن المتظاهرين سينقسمون إلى قسمين، متظاهرون عفويون مطالبهم تُختصر بإقالة الحكومة، خصوصاً بعد نتائج اللجان التحقيقية المخيبة للآمال، ومتظاهرو التيار الصدري الذين حددوا مطالبهم في نقطتين، الأولى تلبية مطالب المتظاهرين، والثانية إقالتها، في حال عدم تلبية هذه المطالب". وأضافت: "نعتقد نحن في ائتلاف النصر أن تحقيق هذه المطالب صعب، في ظل ضعف الأداء الحكومي بصورة عامة، وعدم وجود ركائز أساسية لتلبيتها، وخاصة أن أغلبها فيها جوانب مالية، كما ننتظر كيفية تعامل الحكومة، والخوف من تدخل طرف ثالث كما حصل في التظاهرات السابقة، وهذه المرة سيتجه البلد إلى الفوضى، وبالتالي ستنحسر الحلول والفرص أمام الجميع".

وأكدت أنّ "الحكومة اليوم عاجزة عن تلبية أبسط المطالب، لذلك فإنّ إقالتها هي الحل الوحيد، ونحن في (النصر) ماضون بإقالتها وفق آليات دستورية".

بدوره، قال السياسي والوزير في الحكومة السابقة محسن الشمري، في اتصال مع "العربي الجديد"، إنّ "التحقيق الذي أجرته الحكومة أغلق كل الأبواب للتواصل بينها وبين المتظاهرين"، وبيّن أنّ "المعالجات التي أجراها البرلمان والحكومة أثبتت أنهما في وادٍ بعيد عن الشعب، فالمتوقع أن تستمر التظاهرات وتستقيل الحكومة في النهاية، والتي لن تكون بعيدة. بمعنى آخر، عمر الحكومة هذه قصير".

أما القيادي في جبهة "الإنقاذ والتنمية" أثيل النجيفي، فأكد أنه "من الطبيعي أن المتظاهرين يعبرون عن غضبهم وعدم رضاهم عن الوضع الحالي، لكنهم لا يملكون الآليات أو الصلاحيات لتغيير عمل الدولة العراقية وتحسين وضعها، ومن يملك تلك الآليات والصلاحيات هي السلطة الحاكمة".
وقال النجيفي في حديث مع "العربي الجديد"، إن "التصحيح والتغيير من عدمهما يرجعان إلى السلطة الحاكمة، وهل ترى تلك السلطة أن هذه التظاهرات دليل على غضب الشعب وإمكانية استمرار الوضع على ما هو عليه، أم أنها تريد الاحتفاظ بمكاسبها وترفض التغيير، وتتهم من يطالب بالتغيير بالتآمر، وغيرها من الاتهامات التي تطلقها على المتظاهرين؟".
وحذر من أنه "إذا سلكت السلطة الحاكمة طريق قمع وقتل المتظاهرين، فإنّ الأمور ستذهب إلى خطر كبير في العراق، ونتوقع أن العراق مقبل على فترة من الفوضى الجديدة، التي تحول البلاد إلى سيطرة أمراء حروب منتشرين في مناطق مختلفة، فلغاية الآن لم نلمس من السلطة الحاكمة أي فهم لحقيقة هذه التظاهرات أو استيعاباً للمخاطر التي سوف تنتج عنها، بل معظمهم يريد أن يستغل هذه الفرصة من أجل جني مزيد من المكاسب".
وختم القيادي في جبهة "الإنقاذ والتنمية" بقوله إنه "يبدو أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لا يعرف ما يجري في العراق، فهو دائماً يتحدث وكأنما هناك صورة ثانية غير التي يعرفها الجميع والتي تجري في البلاد، ولا ندري هل هناك طبقة منعت وصول المعلومات الحقيقية لعبد المهدي أو أنه يفهم الأمور بهذه الطريقة".


من جانبه، قال القيادي في ائتلاف "دولة القانون" سعد المطلبي، لـ"العربي الجديد"، إنه "بكل تأكيد، الضغط الجماهيري سوف يحقق ما يريده، والحكومة مجبرة على أن تلبي بعض مطالب المتظاهرين، ونحن مع المطالب المشروعة والسلمية للمتظاهرين، وحق أي مواطن أن يطالب بحقوقه وفق الطرق السليمة".
وبيّن المطلبي أن "الأجهزة الأمنية العراقية تم ضربها بشكل قوي في نتائج تحقيق اللجنة الوزارية العليا، ولهذا هي بتظاهرات يوم غد لن تتخذ أو تستخدم أي إجراءات عنيفة، وسوف تنسحب، ونتوقع أن بعض المتظاهرين سيتجاوزون ويخرجون عن الطرق السلمية، باستغلال موقف ضعف الأجهزة الأمنية"، متوقعاً حدوث فوضى بتظاهرات غد.

في المقابل، قال رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي، لـ"العربي الجديد"، إن "تظاهرات يوم غد ستكون أكثر قوة وأوسع مشاركة، وسوف تنضم محافظات جديدة لهذه الاحتجاجات".
وبيّن الهاشمي أن "سبب ذلك أن الشارع العراقي لم يقتنع بالقرارات والإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة، وكذلك نتائج التحقيقات بشأن قتل وقمع المتظاهرين لم تكن موفقة ولم تكن مقنعة للجمهور، ولهذا تظاهرات يوم غد ستكون مختلفة تماماً عن تظاهرات 1 أكتوبر/تشرين الأول".