عشائر الأنبار جدار الصدّ الأردني لمواجهة "داعش"

23 يناير 2015
متطوعون من أبناء عشائر الأنبار لقتال "داعش"(أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -
لا يفصل الجنود الأردنيين عن مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) سوى بضعة كيلومترات من الأراضي الصحراوية المنبسطة تتخللها وديان طبيعية ضيقة، تشكّل مصدر قلق للأردنيين، إذ عادة ما تحاول مجموعات مسلّحة من "داعش" استغلالها للتقدّم أكثر نحو الحدود، التي تحوّلت الى أرض مقفرة بعد سنوات طويلة من ضجيجها بالحركة التجارية بين البلدين.

وشكّلت تلك المنطقة، خلال السنوات الماضية، شريان حياة للعراقيين طيلة فترة الحصار الاقتصادي على العراق ما بين عامي 1991 و2003. ومنذ بدء حملتها على "داعش"، تشنّ طائرات التحالف الدولي غارات بشكل منتظم على مواقع مختلفة من تلك المنطقة في محاولة للقضاء على نفوذ التنظيم على الحدود المحاذية للأردن، غير أن تلك العمليات الجوية لم تحقق إنجازا، إذ لا تزال رايات "داعش" السوداء تلوح على مقربة من الجنود الأردنيين، الذين يستميتون في الدفاع عن مواقعهم.

عندها وجد الأردن نفسه مضطراً للتحرك بخطوات سريعة، لكفّ خطر "داعش" عن حدوده، فأقدم على دعم العشائر المناهضة للتنظيم والموجودة في محافظة الأنبار، في خطوة يأمل من خلالها أن تشكل تلك العشائر حاجز صدّ منيعاً أمام تقدم تنظيم الدولة إلى الأردن أو تهديده باجتياح أراضيه، أو على الأقل أن تُشغل تلك العشائر "داعش" في الأنبار، وتمنعه من التطلع نحو الجنوب الغربي من الأنبار، حيث حدوده مع العراق.
ويكشف مسؤول عراقي رفيع في حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي عن موافقة العراق على المبادرة الأردنية بتدريب أبناء العشائر ودعمهم، مؤكداً أنهم سيغادرون إلى مدينة معان الأردنية، حيث توجد قاعدة للجيش الأردني هناك، سيتم تدريبهم فيها.
ويضيف المصدر الذي يشغل منصباً وزارياً، وفضل عدم نشر اسمه، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن نحو 2400 من أبناء العشائر السنية ومن عشائر الأنبار حصراً، ستغادر بناءً على طلب أردني، ويتوقع أن يتم تجهيزهم بعد دورة التدريب السريعة المقررة ثلاثة أسابيع بأسلحة متطورة لقتال داعش".
وفي السياق نفسه، يوضح القائد العسكري الجديد لقوات أبناء العشائر المنتشرة في مناطق أعالي الفرات القريبة من الأردن الشيخ ناظم عطا الله الجغيفي لـ "العربي الجديد" "نحن حاجز صدّ أخير، وإذا نجح "داعش" في القضاء على أبناء العشائر، عندها لن يبقى أمامه سوى الأردن بعد سقوط الحدود مع سورية بشكل كامل، وتعذر وصول قوات عراقية على حدود الأردن مرة أخرى بعد انسحابها إلى قاعدة عين الأسد واحتلال "داعش" مواقعها".
ويضيف الجغيفي "نحن نقاتل التنظيم في سياق حرب عصابات وهجمات عشوائية، وحقق ذلك الأسلوب نجاحا كبيرا في مشاغلته وتكبيده خسائر، لكننا نعاني من نقص الأسلحة والذخائر، ووعد الأردن بتزويدنا بما يلزم، وباركت بغداد هذا، لذا يمكن القول إننا أمام ثلاث أشهر حاسمة يجب علينا أن نستغل الدعم الأردني لنا في تحقيق تقدم"، واصفاً الدعم الأردني للعشائر بأنه تبادل منفعة.
بدوره، يكشف مستشار حكومة الأنبار المحلية للشؤون الأمنية العقيد فرج الدليمي، لـ"العربي الجديد"، عن بداية علاقة جديدة بين العشائر والحكومة الأردنية، ترعاها مخابرات الأخيرة تحوي على عدّة مصالح مشتركة.

ويقول الدليمي "هناك مصالح مشتركة بين عشائر الأنبار والحكومة الأردنية، أولها "داعش" والتصدّي له، وثانيها إجهاض سعي المليشيات الشيعية الموالية لإيران من الدخول إلى الأنبار أسوة بصلاح الدين ونينوى، والتي ترافقها عادة قوات إيرانية من الحرس الثوري، وسيكون مزعجاً للأردن وجود مثل تلك القوات على حدودها بقدر قلقها من وجود (داعش)".
وأشار إلى أنّ "مقاتلي العشائر سيجدون في الدعم الأردني أفضل معين لهم على الاستمرار في التصدي لـ (داعش)، خاصة أن غالبية قادة وشيوخ القبائل نقلوا أسرهم إلى عمان، بينما يستمرون هم بالقتال في الأنبار ضدّ تنظيم (داعش) مع مقاتليهم".
وتعتبر منطقة الكسرة الحدودية بين العراق والأردن أقرب مناطق المواجهة بين "داعش" والجيش الأردني، الذي بدأ منذ أسبوعين ببناء منظومة أمنية على حدوده، في مقابل تلك المنطقة، مثل السياج الكهربائي والأسوار الإسمنتية العالية، فضلاً عن الخنادق التي يتحصن فيها الجنود، فيما يمكن ملاحظة سلاح الجو الملكي الأردني، بحركة مستمرة على مدار الساعة يراقب حدوده مع العراق.
ويعتبر رئيس مجلس عشائر الأنبار الشيخ حميد الفهداوي، أنّ دعم مقاتليه من قبل الدول المجاورة، ليس منّة منهم، لأنهم في الأخير يحاربون بالنيابة عنهم.
ويقول الفهداوي لـ "العربي الجديد" "نحن كشيوخ عشائر نرحب بأي دعم عربي، فهو أفضل من الغربي والإيراني أو الروسي، ونتمنى أن يقفوا معنا قبل أن يضطروا للزجّ بأبنائهم على الحدود للتصدّي ودفع (داعش) عن مدنهم".
ويبيّن أنّ "الوجبة الأولى من أبناء العشائر سيغيرون مجريات المعارك على الأرض بعد عودتهم من دورة التدريب السريعة في الأردن مجهزين بالمعدات اللازمة". وتوقع أن تستمر عمليات الكرّ والفرّ في الأنبار بين "داعش" من جهة، والعشائر والقوات العراقية من جهة ثانية، حتى نهاية العام الجاري، إذ سيكون التنظيم بعدها منهكاً ليتحول إلى عصابات متفرقة، وهو ما سيسهل استعادة أجزاء كبيرة من الأنبار إلى سلطة القانون، ومن ضمنها المنطقة الحدودية مع الأردن.
المساهمون