عاد موضوع عزل وإعفاء أئمة المساجد وخطباء الجمعة في المغرب إلى الواجهة، بعد قرار جديد لـوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية توقيف خطيب مسجد الشهداء في العاصمة الرباط، بسبب تناوله موضوع تحريم الاحتفالات برأس السنة الميلادية الجديدة في خطبته.
وقال الخطيب محمد العمراني في خطبته التي أثارت غضب وزارة الأوقاف المغربية، إنّ الاحتفال برأس السنة الميلادية لا يجوز عند المسلمين، لأن "الإسلام ينصّ على عيدين اثنين فقط، هما الأضحى والفطر"، فيما أفادت الوزارة بأن الخطبة انزاحت عن الضوابط الموضوعية، عبر إصدار أحكام بعيدة كل البعد عن روح التسامح والإخاء".
وأكد الخطيب في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أنّ الخطبة موضوع الجدل كانت عادية ولم تسجل أي احتجاج من الناس، إلى أن جاءت الوزارة بقرارها الذي يحترمه، لكنه يجهل مسوغاته الحقيقية، وخاصة أن الخطبة نفسها ألقاها مرات سابقة دون أن تثار ضده أيّ ضجة.
وفي السياق، رأى الخبير في الشأن الديني الدكتور إدريس الكنبوري في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن قضية إعفاء أو عزل الخطباء في المغرب تثير العديد من التساؤلات، لأنه لا توجد مرجعية واضحة أو لائحة واضحة من المحظورات، التي يتعين على الخطيب التقيد بها وعدم خرقها.
وقال الكنبوري: "بعض القرارات تكون شبه مزاجية ومجرد ردة فعل من الوزارة تجاه موقف معين، فمثلاً إعفاء الخطيب الذي تناول الاحتفال بالسنة الميلادية يبدو مفاجئاً، لأن الرجل انطلق من الفقه المالكي نفسه ولم يخرج عليه، والوزارة بررت الإعفاء بمبرر عام وفضفاض يمكن أن يستخدم ضد أي خطيب آخر، بحيث اعتبرت أن موقف الخطيب مناف للتسامح والإخاء".
واعتبر المتحدث أن هناك تخبطاً في التعامل مع موضوع الخطابة في المغرب، وأنّ الحل هو أن تضع الوزارة لائحة من القرارات أو التوصيات في المناسبات التي قد تثير إشكالاً، مثل العام الميلادي مثلاً، أو توجيه نص الخطبة مكتوباً إلى الخطيب حتى يمكن تلافي مثل هذه المشكلات".
ويشرح الكنبوري: "الخطيب قد ينطلق من اجتهاد خاصّ داخل الفقه المالكي نفسه، بحسب ثقافته وفهمه، بينما الوزارة لديها اجتهادها الخاص في النوازل، ولتقريب الفجوة بين الوزارة والخطيب على الوزارة أن تحدد من البداية ما يجوز وما لا يجوز، أما الإشارة دائماً إلى أن الخطيب خرق دليل الإمام والواعظ والخطيب، فهذا الدليل عام وهو لا يحدد تفاصيل كل شيء".
وقبل توقيف خطيب مسجد الشهداء بسبب خطبة رأس السنة الميلادية، كان خطيب آخر قد تعرض لقرار العزل من مهامّه بسبب خطبة له عن حملة مقاطعة بعض الموادّ الاستهلاكية، تحدث فيها عن تحريم الاحتكار وعن رفع الأسعار، بينما ارتأت الوزارة أنها خطبة خالفت ضوابط "دليل الإمام والخطيب والواعظ".