يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطاً عالمية من كل الاتجاهات لم تُثنه عن فرض رسوم على السيارات المستوردة، إذ هبّت الدول الكبرى الصانعة السيارات اعتراضاً على سياسته الحمائية.
لكن الرئيس الأميركي بدأ يواجه موجة ضغوط داخلية ربما سيكون تأثيرها نوعياً في واضعي سياسة إدارته، بخاصةٍ مع مباشرة صانعي السيارات الأميركية ومورّديها ووكلائها بمضافرة جهود مشتركة في إطار "لوبي" ضاغط على ترامب، من أجل التراجع عن فرض التعرفات الجمركية المقترحة بنسبة 25% على السيارات ومكوّناتها المستوردة، مع تحذيرهم من أن تنفيذ القرار يعني ارتفاعاً للأسعار وتسريحاً للموظفين.
صحيفة "وول ستريت جورنال" كشفت اليوم الأربعاء، أن ممثلي مختلف قطاعات صناعة السيارات الأميركية قدّموا عريضةً مشتركةً أمس الثلاثاء، يطالبون فيها ترامب بالعودة عن تهديداته بفرض التعرفات على الاستيراد، مع خطط وضعوها لتسويق مطالبتهم على نطاق واسع من خلال إعلانات تجارية مدفوعة في الصحف الورقية وعبر المنصّات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، في سياق الضغط على الإدارة لتبديل سياستها التجارية.
تأتي هذه الخطوة بعدما قال اتحاد مصنّعي السيارات في الولايات المتحدة أواخر الشهر المنصرم، إنه سيبلغ إدارة ترامب بأن تهديده بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على سيارات الركاب المستوردة استناداً إلى اعتبارات الأمن القومي، سيكلف المستهلكين الأميركيين 45 مليار دولار سنوياً أو 5800 دولار لكل سيارة، وفق أرقام أوردتها "رويترز" في حينه.
بركويست أضافت قائلة: "في عموم البلاد، هذه الرسوم الجمركية ستلحق ضرراً بالمستهلكين الأميركيين عبر رسوم تبلغ حوالي 45 مليار دولار على أساس مبيعات السيارات للعام 2017".
واعتبرت أن "هذا سيلغي إلى حد كبير فوائد التخفيضات الضريبية". وقالت إن المستهلكين سيواجهون أيضا زيادة في تكاليف أجزاء السيارات المستوردة عندما يشترون مركبات من مصنعي السيارات الأميركيين والأجانب.
ضغوط أوروبية
وعلى الضفة الأخرى من الأطلسي، حذر الاتحاد الأوروبي مطلع الشهر الجاري من أن فرض الولايات المتحدة رسوما على وارداتها من السيارات ومكوناتها سيضر بقطاع صناعة السيارات الأوروبي، ومن المرجح أن يؤدي إلى إجراءات مضادة من الشركاء التجاريين على صادرات أميركية قيمتها 294 مليار دولار.
وقال الاتحاد، في خطاب من 10 صفحات أرسله إلى وزارة التجارة الأميركية، إن رسوم السيارات ومكوناتها غير مبررة ولا منطقية من الناحية الاقتصادية.
جاء ذلك بعدما أطلقت وزارة التجارة تحقيقا، بمبررات تتعلق بالأمن القومي، في 23 مايو/ أيار المنصرم بناء على توجيه من الرئيس ترامب الذي انتقد الاتحاد الأوروبي مراراً بخصوص فائضه التجاري مع الولايات المتحدة، وقيامه بفرض رسوم مرتفعة على السيارات.
وتفرض الولايات المتحدة في الوقت الحالي رسوماً على واردات السيارات بنسبة 2.5% وعلى الشاحنات بنسبة 25%، فيما يفرض الاتحاد الأوروبي رسوما نسبتها 10% على واردات السيارات من الولايات المتحدة.
وسبق ذلك إعلان ترامب أن الحكومة استكملت دراستها، وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراء في وقت قريب بعدما هدد في وقت سابق بفرض رسوم نسبتها 20% على جميع السيارات المجمعة في الاتحاد الأوروبي.
وصدّر الاتحاد الأوروبي سيارات بقيمة 37.4 مليار يورو (43.6 مليار دولار) إلى الولايات المتحدة في 2017، بينما استورد سيارات أميركية بقيمة 6.2 مليارات يورو.
ويقول الاتحاد الأوروبي إن الرسوم الأميركية أعلى على بعض السلع مثل الشاحنات. وقال في رسالته إن شركات من دول الاتحاد تنتج نحو 2.9 مليون سيارة في الولايات المتحدة بما يدعم 120 ألف وظيفة تزيد إلى 420 ألف وظيفة عند حساب وكلاء البيع ومتاجر بيع أجزاء السيارات.
حل وسط
في الرابع من الشهر الجاري، ذكرت صحيفة ألمانية أن سفير الولايات المتحدة لدى ألمانيا أبلغ رؤساء شركات ألمانية لصناعة السيارات بأن الرئيس ترامب سيعلق تهديدات لفرض رسوم على السيارات المستوردة من الاتحاد الأوروبي، إذا ألغى الاتحاد الرسوم الجمركية على السيارات الأميركية.
ونقلت "رويترز" عن صحيفة "هاندلسبلات" أن السفير ريتشارد غرينيل أبلغ مسؤولين تنفيذيين من شركات "دايملر" و"فولكسفاغن" و"بي.إم.دبليو"، خلال اجتماع، بأنه في المقابل يريد ترامب أن يلغي الاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية على واردات الاتحاد من السيارات الأميركية.
واستندت "هاندلسبلات" في تقريرها إلى أشخاص حضروا الاجتماع الذي عُقد في السفارة الأميركية في برلين، وأكدت حضور الرؤساء التنفيذيين للشركات الثلاث.