لطالما اتسم المجتمع العراقي بكثرة الزيارات الودية بين الأقارب والجيران والأصدقاء. إلا أن أسباباً كثيرة طرأت على الواقع الاجتماعي، وأدت إلى تراجع نسبة الزيارات بين العائلات، من بينها موجات النزوح والهجرة والسفر والتنقل الدائم نتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة، فضلاً عن أسباب اجتماعية أخرى.
في هذا الإطار، تقول الموظّفة سهى سعدون (53 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنّ لديها الكثير من أوقات الفراغ، إلا أن عوائق عدة تمنعها من التواصل مع أقربائها. وتضيف: "عند زيارتي لهم، أرى أن الجميع يتحدث بتحفّظ، إضافة إلى كثرة المجاملات على الرغم من أن المواضيع التي نتحدث فيها عامة ولا تخص أحداً". وتشير إلى أن لغة التحفظ تجعلها تشعر بأنّها شخص غير مرغوب فيه، وأن هذا المكان لا يخصها. بالتالي، تقلّصت زياراتها تدريجياً، وباتت تقتصر على أوقات ومناسبات رسمية، مثل الأعياد أو الزواج أو حتى تأدية واجب التعزية.
توضح سعدون، التي تعمل في شركة أهلية للصناعات الغذائية، أن نسبة الزيارات بين الأقارب تراجعت بشكل ملحوظ بعدما تغيرت عادات وتقاليد المجتمع، وبات التواصل عبر المواقع الإلكترونية. في السابق، لم يكن الزائر يطلب إذناً للزيارة، بل كانت زيارة الأهل والأقارب عفوية ومن دون مواعيد مسبقة. لكن الأمور تغيّرت، وطغت المشاكل وضغوط الحياة والانشغالات على التواصل الحقيقي وصلة الأرحام، ما يدعو إلى القلق، على حد قولها.
اقــرأ أيضاً
من جهتها، ترى الصيدلانية فاطمة أحمد (24 عاماً)، أنّ التباعد بين الأقارب هو نتيجة حتمية لمتغيرات كثيرة في الحياة، خصوصاً التكلف والتصنع، لتأخذ الزيارات طابعاً رسمياً. كما باعد السفر بشكل أو بآخر بين الأقارب، واختلفت الاهتمامات. ويفكر كثيرون في قضاء الأوقات في المتنزهات والأسواق التجارية بدلاً من زيارة الأقارب. تضيف: "يمكن القول إن الأولويات تغيرت، وحتى الواجبات. على سبيل المثال، باتت زيارة الأقارب والاطمئنان على الجيران والأصدقاء من الأمور الثانوية، وغالباً ما يعتذر الناس بسبب عدم تأديتها". وتذكر أنّ شقيقتها بحثت عن أعذار لتفادي زيارة بيت خالتها التي لم ترَها منذ أكثر من شهر.
ويقول سلطان (33 عاماً)، لـ"العربي الجديد": "بعد النزوح مع بعض الأقارب، تغيّرت عاداتنا بحكم المنطقة التي نزحنا إليها في عام 2014، وانشغل كل منا في توفير مستلزمات الحياة اليومية وتذليل الصعاب التي مررنا بها. وقبل ذلك، كنا نتزاور على الأقل مرتين في الأسبوع، أو نتناول الطعام في بيت جدي أو أحد أعمامي. لكن الأمر تغير حتى بعد عودتنا إلى أطراف بغداد، محل إقامتنا قبل النزوح".
يضيف سلطان، الذي يعمل في مجال برمجة الكومبيوتر: "بعد عودتنا إلى بيوتنا كنا أكثر انشغالاً. أعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في الحد من الزيارات بين العائلات. مواقع التواصل الاجتماعي في الحقيقة أدت إلى انشغال كل فرد عن التواصل مع الآخر، خصوصاً أقرب الناس إليه".
من جهتها، توضح الباحثة الاجتماعية رؤى الجبوري، أن أسباباً عدة جعلت أفراد المجتمع ينشغلون عن القيام بهذه الزيارات، منها اختلاف طبيعة العمل والانشغال بأمور كثيرة وصغيرة. كما أن تعدّد وسائل الترفيه والعلاقات الاجتماعية خارج العائلة، وحضور الحفلات والندوات، جعلت عدداً كبيراً من العائلات تستبدل التواصل مع أقاربها وزيارتها بأمور أخرى، لا سيما بعد عام 2003. تضيف لـ"العربي الجديد": "الاهتمام الزائد بالمظاهر والماديات والتباهي والتكلف، كلّها أسباب ساهمت بشكل أو بآخر في قلة التواصل وانحسار الزيارات في المناسبات الرسمية وشبه الرسمية. سابقاً، كانت العائلات العراقية تجتمع بصورة شبه يومية ضمن ما يعرف بشاي العصرية، أي وقت العصر".
وتؤكّد الجبوري على أهمية عودة العادات والتقاليد الإيجابية، خصوصاً زيارة العائلات والأقارب، لأن مثل تلك الروابط تعيد العلاقات الاجتماعية إلى نصابها، وتزيد من تماسك الأسر، وتعزز أواصر المحبة والاحترام بين أفراد العائلة والأقارب والأصدقاء والجيران. كما أن التواصل على أرض الواقع يقلل من الاحتقان الطائفي ويقلل العداوات، خصوصاً أن غالبية العائلات العراقية، وبنسبة 60 إلى 70 في المائة، متصاهرة. ولا شك أن عودة الأمور إلى سابق عهدها تحتاج إلى وقت وجهد.
في هذا الإطار، تقول الموظّفة سهى سعدون (53 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنّ لديها الكثير من أوقات الفراغ، إلا أن عوائق عدة تمنعها من التواصل مع أقربائها. وتضيف: "عند زيارتي لهم، أرى أن الجميع يتحدث بتحفّظ، إضافة إلى كثرة المجاملات على الرغم من أن المواضيع التي نتحدث فيها عامة ولا تخص أحداً". وتشير إلى أن لغة التحفظ تجعلها تشعر بأنّها شخص غير مرغوب فيه، وأن هذا المكان لا يخصها. بالتالي، تقلّصت زياراتها تدريجياً، وباتت تقتصر على أوقات ومناسبات رسمية، مثل الأعياد أو الزواج أو حتى تأدية واجب التعزية.
توضح سعدون، التي تعمل في شركة أهلية للصناعات الغذائية، أن نسبة الزيارات بين الأقارب تراجعت بشكل ملحوظ بعدما تغيرت عادات وتقاليد المجتمع، وبات التواصل عبر المواقع الإلكترونية. في السابق، لم يكن الزائر يطلب إذناً للزيارة، بل كانت زيارة الأهل والأقارب عفوية ومن دون مواعيد مسبقة. لكن الأمور تغيّرت، وطغت المشاكل وضغوط الحياة والانشغالات على التواصل الحقيقي وصلة الأرحام، ما يدعو إلى القلق، على حد قولها.
من جهتها، ترى الصيدلانية فاطمة أحمد (24 عاماً)، أنّ التباعد بين الأقارب هو نتيجة حتمية لمتغيرات كثيرة في الحياة، خصوصاً التكلف والتصنع، لتأخذ الزيارات طابعاً رسمياً. كما باعد السفر بشكل أو بآخر بين الأقارب، واختلفت الاهتمامات. ويفكر كثيرون في قضاء الأوقات في المتنزهات والأسواق التجارية بدلاً من زيارة الأقارب. تضيف: "يمكن القول إن الأولويات تغيرت، وحتى الواجبات. على سبيل المثال، باتت زيارة الأقارب والاطمئنان على الجيران والأصدقاء من الأمور الثانوية، وغالباً ما يعتذر الناس بسبب عدم تأديتها". وتذكر أنّ شقيقتها بحثت عن أعذار لتفادي زيارة بيت خالتها التي لم ترَها منذ أكثر من شهر.
ويقول سلطان (33 عاماً)، لـ"العربي الجديد": "بعد النزوح مع بعض الأقارب، تغيّرت عاداتنا بحكم المنطقة التي نزحنا إليها في عام 2014، وانشغل كل منا في توفير مستلزمات الحياة اليومية وتذليل الصعاب التي مررنا بها. وقبل ذلك، كنا نتزاور على الأقل مرتين في الأسبوع، أو نتناول الطعام في بيت جدي أو أحد أعمامي. لكن الأمر تغير حتى بعد عودتنا إلى أطراف بغداد، محل إقامتنا قبل النزوح".
يضيف سلطان، الذي يعمل في مجال برمجة الكومبيوتر: "بعد عودتنا إلى بيوتنا كنا أكثر انشغالاً. أعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في الحد من الزيارات بين العائلات. مواقع التواصل الاجتماعي في الحقيقة أدت إلى انشغال كل فرد عن التواصل مع الآخر، خصوصاً أقرب الناس إليه".
من جهتها، توضح الباحثة الاجتماعية رؤى الجبوري، أن أسباباً عدة جعلت أفراد المجتمع ينشغلون عن القيام بهذه الزيارات، منها اختلاف طبيعة العمل والانشغال بأمور كثيرة وصغيرة. كما أن تعدّد وسائل الترفيه والعلاقات الاجتماعية خارج العائلة، وحضور الحفلات والندوات، جعلت عدداً كبيراً من العائلات تستبدل التواصل مع أقاربها وزيارتها بأمور أخرى، لا سيما بعد عام 2003. تضيف لـ"العربي الجديد": "الاهتمام الزائد بالمظاهر والماديات والتباهي والتكلف، كلّها أسباب ساهمت بشكل أو بآخر في قلة التواصل وانحسار الزيارات في المناسبات الرسمية وشبه الرسمية. سابقاً، كانت العائلات العراقية تجتمع بصورة شبه يومية ضمن ما يعرف بشاي العصرية، أي وقت العصر".
وتؤكّد الجبوري على أهمية عودة العادات والتقاليد الإيجابية، خصوصاً زيارة العائلات والأقارب، لأن مثل تلك الروابط تعيد العلاقات الاجتماعية إلى نصابها، وتزيد من تماسك الأسر، وتعزز أواصر المحبة والاحترام بين أفراد العائلة والأقارب والأصدقاء والجيران. كما أن التواصل على أرض الواقع يقلل من الاحتقان الطائفي ويقلل العداوات، خصوصاً أن غالبية العائلات العراقية، وبنسبة 60 إلى 70 في المائة، متصاهرة. ولا شك أن عودة الأمور إلى سابق عهدها تحتاج إلى وقت وجهد.