عراقيون في تركيا.. احترس من "القفاصين"

26 أكتوبر 2014
عراقيون في طريقهم إلى تركيا (فرانس برس)
+ الخط -
"احترس من القفاصين" أول نصيحة يقابلك بها اللاجئون العراقيون في تركيا، المقصود بها التحذير من سماسرة محتالين من بني جلدتهم، يجيدون التركية، لديهم خبرة في التعامل مع الاتراك، يستغلون حاجاتهم للقيام بعمليات نصب على العوائل العراقية الباحثة عن شقة تقيم بها أو تخليص معاملاتهم مع الدولة التركية وبالطبع مع مفوضية اللاجئين همهم الأساسي.

داخل تركيا، تمنح منظمة الأمم المتحدة، اللجوء الإنساني للعراقيين والسوريين في (8 محافظات من أصل 81 محافظة تركية)، أبرزها مناطق غازي عنتاب، جوروم، واماسيا، وسامسون، وافيون، وكربوك.

وتكشف جولة قام بها "العربي الجديد" في خمس محافظات تركية (إسطنبول، أنقرة، بولو، مرسين، بلاكسير) العديد من قصص "التقفيص" التي تعرض لها اللاجئون العراقيون في تركيا من بينها حكاية أبو عمر، وهو رب عائلة عراقية فرت من بغداد، ويقيم في محافظة مرسين جنوب تركيا، عقب وصوله بدأ في البحث عن شقة، ولم يجد، حتى قابل سمساراً عراقياً، اصطحبه إلى شقة ادعى أن صاحبها التركي، وكله بتأجيرها.
 يقول أبو عمر لـ"العربي الجديد" : " أعطيته مبلغ التأجير لشهرين مقدما، وقيمة التأمينات إضافة الى بعض الفواتير التي يجب علي تسديدها ليتوفر في الشقة الماء والكهرباء والغاز، ودفعت مقابل ذلك كله (4000 آلاف ليرة تركية) ما يوازي ( 2000 دولار).

بعد أسبوع تبين لأبو عمر، أن السمسار احتال عليه، أجر له شقة سكنها هو من قبله، وبعد خلاف مع مالكها أمره الاخير بإخلائها خلال أسابيع، فأجرها لأبو عمر الذي اضطر للدفع مجددا لمالك الشقة التركي، وخسر كل ما دفعه سابقا لـ"القفاص" الذي لم يشاهد له أثرا بعد ذلك.
في محافظة بلاكسير، غرب تركيا، التقى "العربي الجديد" سامي خالد، من محافظة الأنبار، الذي هرب بعائلته بعد أن قصف الجيش العراقي بيته، سامي كان حذرا جدا من أعمال "التقفيص"، حرص عند تأجير شقته، على تسجيل العقد، واثبات صحته في الجهات المعنية قبل دفع النقود، ولكن لم يمنعه حذره من التعرض للخداع.

يقول سامي "طرق باب شقتنا رجل عراقي أخبرني أنه من سكان المجمع وأنه مكلف بجمع نقود الفواتير المتعلقة بالكهرباء والماء والغاز، وأعطاني وصلا بقيمة 200 ليرة (100 دولار)، وبعد قطع التيار الكهربائي عنا بسبب التأخير في تسديد الفواتير، اكتشفت أنه مزور ".

نشاط "القفاصين" يمتد إلى استغلال حاجة العراقيين في التقدم بطلب اللجوء الإنساني للأمم المتحدة كما يروي الشاب الثلاثيني خالد ( من بغداد )، الذي وجد أثناء طريقه إلى مقر المنظمة بأنقرة عراقياً أخبره أنه يعمل مرشدا سياحيا، اتفق معه على مبلغ 100 ليرة مقابل اصطحابه للمقر.
بعد اكمال اجراءاته الأولية وفي طريق العودة فوجئ خالد بذات الشخص يتحدث لعراقي عن إمكانية تقديم موعد مقابلة المسؤول عن ملفه في المكتب بطريقة رسمية عن طريق مكاتب للمحامين في تركيا، وذلك في مقابل (5 آلاف ليرة) ( 2500 دولار). 
يتابع خالد قائلا أعجبتني الفكرة "خصوصا أن موعد اجراء مقابلتي الأولى منتصف العام المقبل 2015، كما أن رحلتي مع اللجوء سيقرر مصيرها في مطلع عام 2020 وفقا لما أخبرني به المسؤولون في مكتب منظمة الأمم المتحدة بأنقرة".

جهز خالد الملف كما طلب منه المرشد السياحي رغم أن الكثيرين أخافوه من هذه الخطوة وبعد عدة اتصالات سلمه ملفا معدا عن حالته، والمبلغ المطلوب وما هي الا أسابيع، حتى اكتشف أن هذا الشخص "نصب" عليه وسرق المبلغ وهرب.

يقول خالد "تابعت الموضوع وبحثت عنه لأجد العديد من الحالات وقعت في الفخ مثلي، حوالي 50 فرداً وعائلة قام "الدلال" العراقي، بسرقة مبالغ منهم تتراوح بين ( 2000-4000 دولار أميركي) بزعم تقريب موعد المقابلة مع منظمة الأمم المتحدة".



"يتعدى دور السماسرة قيامهم بـ"التقفيص" في الحالات المتعارف عليها كالتأجير والإرشاد، ليقوموا بحيل تتسبب في مشاكل أكبر"، كما حدث مع اللاجئ العراقي الفار من الموصل علي أحمد.

يقول علي لـ"العربي الجديد" جئت إلى تركيا، ولم أرغب بتقديم أوراقي الثبوتية إلى منظمة الأمم المتحدة، وفي ذات الوقت كان يتوجب علي تمديد فترة إقامتي التي تعطى للعراقيين ومدتها شهر واحد بعد دخول الحدود التركية".
يتابع علي "بسبب عدم معرفتي بالمكان الذي أقمت فيه بمحافظة مرسين، جنوب تركيا، وفي طريق البحث عن مكان تجديد الإقامة قبل انتهاء الموعد بأيام، وجدت في طريقي دلالاً عراقياً أردت منه أن يرشدني إلى مكان تجديد الإقامة، فأقنعني بأن يقوم هو بإجراءات تجديد الإقامة بالنيابة عني مقابل ( 500 دولار)".

يضيف علي أن الدلال أعطاه موعدا وما هي الا أيام، ويكتشف أنه خدع ويتوجب عليه مغادرة البلاد والعودة إليها مجددا؛ برا أو جوا أو بحرا حتى يحصل على تجديد الإقامة في تركيا.

تكشف جولة على مواقع التواصل الاجتماعي قيام عراقيين نازحين إلى تركيا بالتحذير من أشخاص بعينهم فاحت رائحتهم بمدن يتواجد فيها العراقيون بعد قيامهم بعمليات متكررة للنصب على العائلات الوافدة، تنشر الصفحات أسماء المتهمين ومعلومات عنهم تتحفظ "العربي الجديد" عن تناولها.

من جانبه يوضح الناشط العراقي في تركيا رائد محمد أن "القفاصة" يستغلون توافد الكثير من العراقيين من الفقراء وميسوري الحال على تركيا، للتقدم بطلبات لجوء لمكتب الأمم المتحدة بزعم استطاعتهم تقديم موعد المقابلة مع مكتب الامم المتحدة أو تسهيل استصدار أوراق في السفارة العراقية أو تغيير المكان المحدد للإقامة من قبل الأمم المتحدة إلى مدينة يقطن فيها شخص مقرب أو صديق.

ويتابع رائد أن بعض السماسرة يدعون عملهم في مكتب لتسهيل قضايا اللاجئين العراقيين بطرق احترافية لافتا إلى أنهم يعملون تحت أسماء وهمية، وبأوراق ثبوتيه مزورة ليصعب على الامن التركي تعقبهم وعلى الشخص العراقي ملاحقتهم.
ويضيف أن هؤلاء القفاصين ينتقلون من محافظة إلى أخرى، حيث ما وجد العراقيون بكثرة، لكيلا يكتشف أمرهم، وليقوموا بعمليات نصب واحتيال جديدة.

ويشير رائد إلى أن حالات النصب والاحتيال بلغت رقما قياسيا، فمن بين كل 100 شخص أو عائلة تعرض 40 منهم للاحتيال من قبل القفاصين وفقا لاستبيان غير علمي قام به رائد وسط العراقيين في محافظة بلاكسير، وتتراوح قيمة المبالغ المالية التي حصدها القفاصون بين 100 دولار و5000 دولار أميركي.

من جانبه يوضح القانوني العراقي محمد جمال، أن عمليات النصب والاحتيال التي يسميها العراقيون بـ "التقفيص" تقف وراءها عصابات وأشخاص متخصصون في الخداع ويلعبون على وتر حاجة اللاجئين.

وينصح جمال العراقيين بالحذر وعدم تسليم أي مبلغ مالي أو معلومات أو أوراق لأي شخص غريب قائلا "القانون التركي وحتى العراقي، لا يحمي المغفلين وحتى لو تم إلقاء القبض على القفاص فلن يعيد المال لأنه لا توجد أوراق تثبت حصوله عليه".
دلالات