عذراً سيدي الرئيس؟

16 ديسمبر 2017
+ الخط -
بعيداً عن المشهد السوريالي المعقد، ببعديه السياسي والعسكري، ثمًّة خطأ بروتوكولي قد حدث في عقر دار السيادة الوطنية غربي اللاذقية في قاعدة حميميم، بزيارة خاطفة لرئيس دولة حليفة، قواتها دائماً جنباً إلى جنب مع القوات الباسلة التي حققت ما عجزت عنه كبرى الدول في العصر الحديث. وإنًّ لدولة ذات سيادة سورية كسرت شوكة الإرهاب، في الوقت الذي عجزت 65 دولة عن قهرالصورة القاتمة السوداء في سورية، فهذا يعني أن هذه السيادة قد صنعت المعجزات، ويجب أن تُحترم من القاصي والداني، ولا يجوزالتمادي ولا حتى التفكير بتجاوزها.
لكن هذا لا يمنع، في العُرف الدولي، حدوث أخطاء بروتوكولية، كالموقف الذي جرى في حميميم، فعندما تجتمع السيادتان احتفاءً بنصرٍ تاريخي، فنحن هنا بصدد لحظة تاريخية فارقة، لن تتكرّر، لذا لا يُحق لأي طرف ثالث مقهور مهزوم التفلسف بأمورٍ، هو نفسه لا يعلم بها، وهذا طبيعي وبديهي أن لا تعي الجماعات الضلالية الإرهابية التي وسمتها السيادة الوطنية بالجراثيم، أن تتكلم، كما قلنا، بالعرف الدولي، فالفرق هو كما بين الثرى والثريا، وهو ما يترتب على تلك الجماعات الإرهابية أن تطلب العفو والسماح، علّ السيادة تعفو عن زلة لسانها، ومؤكد أن القائد الخالد الواسع القلب سيعفو عند المقدرة.
عذراً، سيدي الرئيس، فقد تشابهت علينا الصور، وتم التلاعب بها كما يتم عند كل مرة تشويه حقائقكم بصور فوتشوبية، من قبل الجماعات التخريبية التي طغت فساداً بميادين سوريتكم: سورية الأسد.
ومن المؤكد تماماً أن زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كانت بأمر مسبق منكم، ولكن من جهل بطبيعة الأعراف الدولية فهو حتماً لن يعلم أسلوب مخاطبة الرؤوساء والدول.
أنتم من استدعى الضابط التابع لسيادكم، وأمرتم بشحنه إلى قاعدة النصر في حميميم، حتى يقدم الشكر المباشر لكم، لأنكم سمحتم له أن يشارككم في حربكم على الإرهاب، كما هو يُضمر لكم الفضل في عدم سماحكم للمتشدّدين الروسيين بالعودة إلى روسيا، كي لا يتسبّبوا بأي زعزعزةٍ لحليفكم، وهو فضل سيبقى في عهدة الأخير لآخر لحظة من عمره، عطفاً على أن السيد بوتين قد استجداكم أكثر من مرة لهذه الزيارة وهو على عجلة من أمره حتى يستفيض من خبرتكم الطويلة في مجال الانتخابات، فكما تعلمون روسيا على أبواب انتخابات رئاسية جديدة، ويحتاج بوتين إلى دعمكم ومساندكم، فبدونكم يعلم تماماً فشله الذريع، ولأن سوريا خاصة بكم للأبد، فهو تماماً يريد أن تصبح روسيا إلى الأبد، وهذا لن يحدث من دون صقل المواهب البوتينية.
أما الضابط الروسي الذي استوقفكم ومنعكم من اللحاق بحليفكم بوتين، فهنا الطامة الكبرى التي لن يفهمها عامة الشعب من الجمهور البسيط، وكما قال لؤي حسين، فإن الإرهابيين يريدون النيل من سيادتكم، لأنهم وقفوا عاجزين أمام انتصاراتكم.
ونحمد الله أنّه تم توضيح الموقف، وتقديم الاعتذار والعفو والسماح من الضابط الروسي الجاهل بالأعراف البروتوكولية، فكيف لضابطٍ بهذا الموقف يطلب منكم التوسط عند صديقكم بوتين، للسماح له بتمديد خدمته في الجيش الروسي، حتى لا يموت من الجوع، لكنه استغل طيبة قلبكم، وعلِمَ تمام العلم أنكم لا ترفضون صاحبة حاجة، وأنتم الكرام، وهو في منزل الكريم نزيلُ.
لا شك، سيادة الرئيس، أنكم أدرى بأمور دولتكم روسيا، والضابط الروسي الذي ارتكب الخطيئة ما ارتكبها إلا لعلمه أنكم أنتم أصحاب القرار في قاعدتكم حميميم الروسية، وأنتم من تخططون وترسمون مستقبل الدول، بعدما أضحى بوتين تابعاً وخادماً لكم في دمشق.
صحيح أنكم رفضتم شحنه إلى العاصمة دمشق، ولكن هذا لأنكم تعلمون مكانة عاصمتكم، فهي نزيل الملوك والرؤساء، ولا تليق بمستوى ضابط بسيط كأمثال بوتين.
عذراً، سيدي الرئيس، فما قيل عنكم من كلام باطل أكاذيب، ونطلب منكم عدم اهتمامكم بها فهذه واشنطن التي قالت إنكم "تدفعون ثمن بقائكم"، فهي لأنها عجزت عن النيل منكم، وسيترتب عليها الخروج من سورية بقواعدها العشرة قريبا.
وليس أخيراً، فإن ما حدث من سوء تفاهم سيادة الرئيس بسبب عدم علمنا من الضيف ومن المضيف، ولربما لأن بعضهم من غير هذا العالم كان يعلم أن بوتين قد زار قاعدته الروسية في حميميم، وأنتم الضيوف، فعلى من اختلطت في مخليته الأفكار أن يراجع جغرافية سورية، قبل أن يطلق كلاماً جُزافا بحق سيادكم.
FB7E1B28-E9EF-474D-808F-467FC19B57EE
FB7E1B28-E9EF-474D-808F-467FC19B57EE
يمان دابقي (سورية)
يمان دابقي (سورية)