تحولت بعض شوارع تعز جنوبي اليمن، اليوم الجمعة، إلى ساحة اشتباكات بين فصيلين من فصائل المقاومة الشعبية، والقوات الموالية للحكومة الشرعية، وذلك بعد يوم واحد، من حادثة اقتحام فرع أحد المصارف الحكومية في مدينة عدن. الأمر الذي يعكس حالة من الفوضى والتعقيدات الأمنية، في المناطق التي تصفها الشرعية بـ"المحررة"، من الانقلابيين، وينظر إليها بعضهم، باعتبارها أحد أوجه الفشل والإهمال من قبل التحالف، وعلى وجه خاص، دولة الإمارات، التي تولت واجهة عمليات التحالف في المحافظات الجنوبية لليمن.
وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، سقوط قتلى وجرحى في الاشتباكات المسلحة التي اندلعت بين فصيلين من"المقاومة الشعبية"، أحدهما يتبع قيادياً يُدعى غزوان المخلافي، وهو شاب يبلغ من العمر 17 عاماً، ويرتبط مسلحوه باللواء 22 ميكا، وقد أعلنت قيادة الجيش اليمني في وقتٍ لاحق اليوم إلقاء القبض عليه. أما الفصيل الآخر، فهو كتائب القيادي السلفي، عادل فارع، المعروف بـ"أبوالعباس"، والذي يوصف بأنه "قائد الجبهة الشرقية" في المدينة. كما تصفه بعض المصادر، بأنه قريب من التحالف ومن القيادة الإماراتية تحديداً، والموجودة في عدن.
وتشير المصادر، إلى أن الأزمة بين الفصيلين، يعود أساسها إلى الصراع على النفوذ داخل المدينة وابتداء بـ"سوق ديلوكس"، التي تجني الجماعات المسيطرة عليها عائدات مالية. وفي حين يُتهم غزوان، بأنه مفجر الأزمة، إلا أن الواقع يشير إلى أنّ سبب الأزمة تصارع قيادات أخرى على النفوذ. وفي السياق توجه مصادر قريبة من "كتائب أبي العباس"، التهم لقائد اللواء 22 مدرع، العميد صادق سرحان، بدعم غزوان، في حين يقود "أبوالعباس"، أحد أكبر الفصائل التي اشتهرت خلال الحرب، ويتهم بعض معارضيه، أبوظبي، بتشجيعه ودعمه ليكون مسيطراً على حساب بعض المجموعات المحسوبة على قيادات في حزب "التجمع اليمني للإصلاح".
وتعد تعز أبرز جبهات الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، بين القوات والمجموعات المسلحة الموالية للشرعية من جهة، وبين الحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من جهة أخرى، إذ تسيطر الأولى على أغلب أحياء المدينة، فيما يسيطر الحوثيون على العديد من مداخلها ومديرياتها الريفية.
من زاوية أخرى، تعد الأزمة في تعز، صورة أخرى للفوضى التي سادت في عدن عقب إعلان تحريرها من الحوثيين وحلفائهم في يوليو/تموز2015، وكان أحدث حلقة للفوضى أو التعقيدات الأمنية إن صح التعبير، قيام مجموعة مسلحين مكونة من أكثر من عشرة أشخاص، باقتحام فرع "البنك الأهلي اليمني"، في مديرية "المنصورة، للسطو عليه، صباح يوم الخميس الماضي، في حادثة مثيرة تعكس استمرار التحديات الأمنية في المدينة، التي أشرفت الإمارات على تأسيس قوات أمنية وعسكرية فيها.
ومن أبرز الملاحظات المثيرة للاهتمام، في حادثة اقتحام المصرف وإطلاق النار على رأس مدير فرعه، عبدالله النقيب، أن المسلحين المقتحمين، قدموا إلى المصرف يرتدون ملابس "قوات مكافحة الإرهاب"، وتزامن الحادث مع بدء الدوام، وخروج المهاجمين من دون أن يواجهوا أي اعتراض، ما يثير تساؤلات عديدة حول العملية.
الجدير بالذكر، أن عدن تكتظ بقوات عسكرية وأمنية مختلفة، تأسست الغالبية منها حديثاً من مجموعات مسلحة، برزت خلال الحرب مع الانقلابيين. وعقب الحرب بدأت الدعوات لاستيعابها بقوات الجيش والأمن، الأمر الذي جرى في العديد من الحالات، ولكن بعيداً عن المعايير العسكرية النظامية الفعلية، بحيث تعبر التكوينات عن ولاءات لقيادات متعددة الأهواء ومن مناطق محددة للمكون هذا أو ذاك. وكل ذلك، يعكس حجم التعقيدات والتحديات في المناطق التي توصف بـ"المحررة" من جهة، وتعكس أداء الحكومة الشرعية والتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات من جهة أخرى.