تقترب منطقة عدن لأن تصبح محررة بالكامل من مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، مع تحقيق "المقاومة الشعبية" وقوات الجيش الموالية للرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، تقدّماً كبيراً أمس الثلاثاء، مما يفتح المجال أمام "المقاومة" لنقل عملياتها إلى مناطق أخرى أبرزها أبين، مسقط رأس الرئيس، عبدربه منصور هادي. وحققت "المقاومة" أمس انتصارات كبيرة، مما يدل على أن معركة تحرير عدن مستمرة لتصل إلى مناطق أخرى، خصوصاً في ظل سقوط الهدنة الإنسانية. ومع ساعات الفجر الأولى من يوم أمس، كانت أعداد كبيرة من "المقاومة"، مع تعزيزات من الجيش الموالي للشرعية، تتجه نحو مدينة خور مكسر، التي تُعتبر قلب عدن، وهي بمثابة جسر عبور بين شمال وجنوب عدن.
بدأت المعركة من عدة جبهات، من غرب وشرق وشمال خور مكسر، من جهة العريش شرقاً، ومن جهة الممدارة شمالاً ومن جهة الجسر وجزيرة العمال غرباً، وكان التقدّم مدعوماً بطائرات التحالف، التي ظلت ترافق "المقاومة" والجيش، طوال المعارك، في غطاء جوي وبحري مكثف. واستطاعت "المقاومة" السيطرة على معسكر القوات الخاصة في الصولبان، ومطار عدن، وإدارة الأمن العام، وفندق عدن، ودوار في محيط الفندق يربط مدينة خور مكسر بمدينتي المعلا وكريتر، وتقدّمت وسط خور مكسر، واقتربت من الساحل وسيطرت على الخط الساحلي. وقالت مصادر ميدانية وقيادات في "المقاومة" لـ"العربي الجديد"، إن "المقاومة والجيش الشرعي، استطاعا، بذلك التقدّم، فرض حصار على المليشيات داخل خور مكسر، مما دفع هذه المليشيات للهرب باتجاه مدينة كريتر، بعد الضربات القوية للمقاومة والتحالف، وهذا ما مكّن المقاومة من بسط سيطرتها على مدينة خور مكسر بشكل كامل، لتفرض حصاراً محكماً على المليشيات المتواجدة في كريتر والمعلا والتواهي، حيث يتواجد ما تبقّى من عناصر هذه المليشيات في عدن".
وبعد سيطرة "المقاومة" على خور مكسر، تقدّمت من منفذين رئيسيين، منفذ غربي باتجاه المعلا التواهي، ومنفذ جنوبي شرقي باتجاه مدينة كريتر، وباتت على أهبة الاستعداد لاقتحام المنطقتين. وحسب شهود عيان فإن "المقاومة" طالبت بمكبرات الصوت، ما تبقى من المليشيات بالاستسلام.
اقرأ أيضاً: "معركة تحرير عدن" على وقع اتصالات الهدنة
وأكد المتحدث الرسمي باسم مجلس "المقاومة" في عدن، علي الأحمدي، أن "عمليات تحرير مطار عدن والعريش، ومن ثم خور مكسر والمناطق المحتلة، تمت بالاشتراك مع وحدات من الجيش المشكّل من أبناء الجنوب، وبقيادة وإشراف من المنطقة العسكرية الرابعة، وتنسيق من مجلس قيادة المقاومة في عدن".
ولفت إلى أن "التقدّم جرى من عدة جهات، وتم بداية قطع طريق العريش، والسيطرة عليه مع التقدّم من الطريق البحري، ومن معسكر النصر باتجاه المطار، وبعد معارك عنيفة استمرت لساعات، تمكّن المقاومون من السيطرة على جزيرة العمال، ودخول المطار، ومعسكر بدر، وقتلوا عدداً كبيرا من المليشيات، بينهم قياديون، وشوهد الكثير من أفرادهم يفرون باتجاه التواهي، كما غنم رجال المقاومة العديد من الأسلحة".
عملية تحرير عدن، التي بدأت يوم الأحد الماضي، ما زالت مستمرة، وسط معلومات من مصادر عدة، أن قيادات عسكرية وسياسية يمنية، كانت في البوارج الحربية في البحر، تشرف على سير العمليات داخل عدن، في سياق خطة لتحرير عدن وضعتها قيادة الشرعية بداية شهر رمضان، وحددت أن تحرير المنطقة سيكون خلال هذا الشهر. ولكن العملية تأخرت أكثر من مرة، وأوُكلت المهمة لأربعة قيادات عسكرية، وأجريت العديد من التغييرات والإجراءات قبيل البدء، كان من بينها تغيير قيادة المنطقة العسكرية الرابعة، ونزول قيادات عسكرية إلى الميدان بينهم مستشارون للرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، فضلاً عن وصول دفعات جديدة من الجيش الموالي للشرعية، ممن تم تدريبهم من قِبل التحالف في السعودية، فيما وصلت دفعة من المعدات العسكرية المتطورة، من التحالف ودولة الإمارات لـ"المقاومة" والجيش.
وتُعتبر معركة تحرير عدن فاصلة بالنسبة لـ"المقاومة" والشرعية والتحالف، لا سيما بعد فشل الهدنة الإنسانية التي سعت الأمم المتحدة لتثبيتها، لكنها لم تنجح بإلزام مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، فيها، وبالتالي وفق قيادة "المقاومة" والجيش في عدن، لم يعد من داعٍ لهدنة، إذ يمكن للمساعدات الإنسانية الإغاثية أن تصل إلى عدن عبر البحر، وقريباً ستمتد إلى معظم المحافظات، لا سيما أن مطار عدن واثنين من موانئ عدن باتت تحت سيطرة "المقاومة" وبقي ميناء المعلا بيد الحوثيين فيما تقترب المقاومة منه، مع احتمال السيطرة عليه خلال الساعات المقبلة. هذا الأمر تأكد مع إعلان برنامج الأغذية العالمي أمس، أن قافلة من 40 شاحنة وصلت إلى عدن تحمل أغذية تكفي لإطعام 117 ألف شخص لمدة شهر، بحسب وكالة "رويترز".
وتتابع الأطراف السياسية اليمنية المتواجدة في الرياض تطورات الأوضاع في عدن عن كثب. وقال عضو حوار الرياض المتواجد حالياً في العاصمة السعودية، زيد السلامي، لـ"العربي الجديد"، إن "تحرير عدن اليوم من مليشيات الحوثي وصالح، التي حوّلت هذه المدينة إلى ثكنة عسكرية، ومنطقة يخيم على سمائها الموت، هو انتصار لكل المبادئ والقيم، التي تُناضل من أجلها المقاومة، وهو انتصار لمفهوم الدولة على مفهوم المليشيات والخراب".
ولفت إلى أن "هذا الانتصار جاء بعد جهد شهور من قبل قيادة مجلس المقاومة في عدن، لتجهيز قوة مدربة ومجهزة لتحرير عدن، لجعلها نقطة انطلاق لتحرير باقي المدن، التي تنتشر فيها المليشيات الحوثية"، مؤكداً "أنه انتصار لقوى التحالف العربي، بقيادة السعودية، التي كانت عوناً ومسانداً لأبناء عدن والجنوب بشكل خاص، واليمن بشكل عام".
وأكد السلامي أن "الإرادة ووحدة القيادة، ودعم المقاومة بالسلاح النوعي، سيحقق النصر على المليشيات، وطردها من جميع المدن، والأيام المقبلة بحاجة إلى مزيد من التحرك، من قبل الرئيس هادي وحكومته، بعد أن ضاق الخناق على مليشيات الحوثي وصالح وانكسارها في أكثر من منطقة".
ومن شأن تحرير عدن أن يرفع من شهية جبهات المقاومة في مختلف المناطق بل يعززها، كما هو الحال في لحج وأبين وشبوة والضالع فضلاً عن التقدّم الكبير الذي باتت تحرزه "المقاومة" في تعز وتصاعد عمليات المقاومة في البيضاء وإب وذمار.
اقرأ أيضاً: "المقاومة الشعبية" تتقدم وتباغت بعدن.. وتحرر المطار