قال رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، إن التعديل المقترح على الدستور بشأن دور القوات المسلحة في حماية "مدنية الدولة" يستهدف "حماية النظام الديمقراطي، وليس دخولها في أي عمل سياسي لصالح طرف ضد آخر، أو انحيازها لنظام أو حزب ضد آخر"، مستطرداً: "هناك فارق بين حماية النظام الديمقراطي، والدخول كطرف في العمل السياسي، والذي لا مساس به من قريب أو بعيد".
وأضاف عبد العال، في اجتماع اللجنة التشريعية للمداولة حول تعديلات الدستور، اليوم الأربعاء، أن اللجنة التشريعية ستبحث وضع مصطلح يرضاه الجميع، حول الخلاف القائم حول لفظة "مدنية الدولة" الواردة بمقترحات تعديل الدستور، بهدف الوصول إلى مصطلح يحقق شعور الاستقرار لكل المواطنين من مسلمين ومسيحيين خلال الصياغة النهائية لمشروع التعديلات.
واعتبر عبد العال أن التخوفات بشأن هذا المصطلح تعود إلى تفسير الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، عن أن بلاده مرجعها الدستور، وليس الدين، في حين أن مصر بعيدة كل البعد عن "المدنية" التي كان يقصدها، مشدداً على أن دستور 2014 لم يكن مفخخاً كما يروج البعض، بل كُتب بعناية في لجنة العشرة لإعداد مسودته الأولية، وبحرفية بعيدة عن الهوى، على حد تعبيره.
وتابع: "ربما أدخلت لجنة الخمسين تعديلات على مسودة لجنة العشرة، لكن ظل الباب الخاص بالحقوق والحريات من أفضل الأبواب في دساتير مصر"، مستطرداً أن "دستور 2014 اتجه إلى إحداث توازن بين السلطات، غير أنه جنح للنظام البرلماني، وهو أمر طبيعي لأن الثورة قامت نتيجة تغول السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، فكان لزاماً إعادة الدستور التوازن بين السلطتين".
وزاد عبد العال قائلاً، إن "دستور 2014 كان دستور الضرورة، وكان ينبغي أن تعدل بعض نصوصه، وهذا ما يفعله مجلس النواب حالياً، إلا أنه لم يكن مفخخاً على الإطلاق، بدليل أن المواطنين صوتوا بالموافقة عليه في ملحمة تاريخية"، وفق قوله.
وأضاف أن الدستور نص على ضمانات متعددة لاختيار المرشح لمنصب رئيس الجمهورية، ومن أهمها وجود شرط دستوري بأن يحصل المرشح على تزكية 20 عضواً من مجلس النواب، أو ما لا يقل عن 25 ألف مواطن من 15 محافظة مختلفة، وهو ما يؤكد وجود تنوع يحول دون تشكيل تكتل جهوي من محافظات بعينها.
من جهته، انتقد عضو اللجنة التشريعية في البرلمان، عفيفي كامل، دور القوات المسلحة في التعديلات الدستورية المقترحة، وكذا غياب الضمانات الخاصة بمنصب رئيس الجمهورية، قائلاً إن "مشروع تعديل الدستور يجعل منه وثيقة غير ذات معنى، ويرسخ لدولة لا ديمقراطية. وكان يجب تشكيل لجنة تأسيسية للعمل على إعداد الدستور، سواء من حيث الإجراءات أو الموضوع".
وأضاف كامل: "المادة (226) من الدستور هي المادة الحاكمة أو الضابطة لتعديل الدستور، ولا يجوز الانحراف عن هذه الضوابط. وترويج الأغلبية لأن هذا المشروع هو دستور الضرورة، فلماذا لا نضع دستوراً جديداً؟"، متابعاً "المساواة والحرية مبادئ عليا في كل الدساتير، وهناك قواعد محكمة ومُلزمة لا يمكن المساس بها، خصوصاً وأن مصر لديها مصالح عليا، وظروف إقليمية وعالمية تحيط بها".
واستطرد بالقول: "التعديلات المطروحة على مدة الرئاسة تغيب عنها الضمانات، ولذا أرى ضرورة تحديد نسبة حضور أو موافقة بعينها حتى يمكن تمرير التعديلات في الاستفتاء الشعبي، وكذلك الإبقاء على الإشراف القضائي الكامل، وعدم إلغائه بحلول عام 2024، بحسب ما انتهى إليه قانون الهيئة الوطنية للانتخابات".
من جهته، قال النائب محمد صلاح خليفة، ممثل الهيئة البرلمانية لحزب "النور" السلفي، إنه "يمكن استبدال كلمة المدنية بالدولة الوطنية في مادة الجيش، بيد أنه ليس هناك خلاف حول مدنية الحكومة الواردة في ديباجة الدستور"، معتبراً أن الإشكالية تتمثل في تعديل المادة (200) من الدستور، والتي تظهر أن الدولة تختلف عن الحكومة، ما يفتح الباب أمام تأويل تفسير المادة مستقبلاً.
وتابع: "نحن نتفق أن كلمة مدنية لا يُقصد بها دولة علمانية أو عسكرية، بل دولة حديثة عصرية تُعلي من شأن مؤسسات الدولة، ونحن الآن نكتب دستوراً لدولة ديمقراطية حديثة، ولا يجوز الاستعانة بألفاظ مفسرة، لأنه بعد فترة من الزمان قد نختلف على تفسير إحدى المقومات الرئيسية لهذه الدولة. ولذا يتمسك الحزب برفض لفظة مدنية الدولة في التعديلات، ويطلب حذفها أو استبدالها بدولة ديمقراطية حديثة، وحكومتها مدنية".