عباس يطمئن إسرائيل: لا حل للسلطة ولا إلغاء لأوسلو

22 سبتمبر 2015
عباس صعّد خطابه ضد إسرائيل أخيراً (عباس مومني/فرانس برس)
+ الخط -

عمد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أخيراً إلى تصعيد خطابه السياسي ضد إسرائيل في أعقاب الهجمات التي تعرض لها الحرم القدسي، وفي ظل تشديد كبار المسؤولين الإسرائيليين على أن إسرائيل لا يمكنها أن توقف المشاريع الاستيطانية والتهويدية في الضفة الغربية والقدس. ومن أجل التدليل على نيته الإقدام على خطوات تغير من قواعد المواجهة القائمة، تعهّد عباس أخيراً، وفي أكثر من مناسبة، بأنه ينوي تفجير "قنبلة" خلال الكلمة التي سيلقيها في الأمم المتحدة أواخر الشهر الحالي.

وقد تفاوتت التقديرات بشأن طابع هذه "القنبلة"، وانحصرت التوقعات في اتجاهين. فهناك من قال إن عباس سيعلن خلال كلمته عن حل السلطة الفلسطينية، في حين أن هناك من ذهب إلى أنه سيعلن عن إلغاء العمل باتفاقيات أوسلو. لكن عباس سرعان ما تدارك الأمور واتجه لخفض منسوب القلق الإسرائيلي وطمأنة تل أبيب بأنه سيتجنب تحديداً الإقدام على الخطوات والإجراءات التي يمكن أن تخلط الأوراق بشكل جذري في الضفة الغربية، وتُشكّل في حال اتخاذها، تحدياً استراتيجياً لحكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو.

فقد نقلت صحيفة "هآرتس" أمس الاثنين عن مسؤولين أوروبيين كبار تحدثوا إلى عباس أخيراً، قولهم إنه أبلغهم بعدم نيته الإعلان خلال كلمته أمام الأمم المتحدة عن حل السلطة الفلسطينية أو إلغاء اتفاقات أوسلو. ويمكن القول إن قادة الحكم اليمينيين في تل أبيب قد تنفسّوا الصعداء بعد طمأنة عباس، إذ إن التزامه بالإبقاء على السلطة الفلسطينية يعني مواصلة إسرائيل التمتع بمزايا الاحتلال المرفه، حيث تواصل السيطرة على الأرض والموارد الحيوية في الضفة، في حين تواصل السلطة الفلسطينية تحمّل المسؤولية عن توفير المتطلبات الحياتية للفلسطينيين.

في الوقت ذاته، فإن التزام عباس باتفاقيات أوسلو يعني ضمناً مواصلة التعاون الأمني مع إسرائيل، وهو التعاون الذي يحسّن من قدرة تل أبيب على مواصلة احتلالها للضفة الغربية. وبعد أن أخرج عباس من جعبته أهم خطوتين يمكن أن تؤثرا على الواقع السياسي والقانوني والأمني في الضفة الغربية، فإن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن هناك احتمالاً أن يعلن عباس عن قيام دولة فلسطين تحت الاحتلال.

ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية عن أوساط في ديوان نتنياهو قولها إن مثل هذا الإعلان في حال صدر عن عباس، فإنه يرمي لإقناع أوروبا بتشديد إجراءات المقاطعة ضد إسرائيل، وذلك من أجل أن تتمكّن قيادة السلطة من إضفاء شرعية على مواصلة تحركاتها الدبلوماسية. في الوقت ذاته، فإن إسرائيل ترى في القمع العنيف الذي واجهت به أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية التظاهرات التي نظمها الفلسطينيون في أرجاء الضفة الغربية تنديداً بالممارسات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى، رسالة تدل على أن عباس معني بالحفاظ على الوضع القائم، وأنه لا ينوي السماح للاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على الحرم القدسي أن تكون مسوغاً لاضطراب البيئة الأمنية في الضفة.

اقرأ أيضاً: الرئاسة الفلسطينية: خطاب "تاريخي" لعباس بالأمم المتحدة

وقالت الصحافية الإسرائيلية عميرة هاس، المقيمة في رام الله، إن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة عكفت دوماً على التصدي للشباب الفلسطيني الذين ينظمون تظاهرات ومسيرات باتجاه نقاط الجيش الإسرائيلي. وفي مقال لها الأحد، سخرت هاس من "مزاعم" المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية عدنان الضميري، بأن حرص الشرطة الفلسطينية على عدم احتكاك المتظاهرين الفلسطينيين بجنود الاحتلال يأتي من أجل حماية المتظاهرين. وأضافت: "من الصعب على قادة السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية أن يقنعوا الشارع الفلسطيني بأن حياة الفلسطينيين تعنيهم".

لكن لا خلاف بين أوساط التقدير الاستراتيجي في تل أبيب على أن هامش المناورة السياسية أمام عباس بات محدوداً جداً وأنه لن يكون بإمكانه الحفاظ على هدوء الأوضاع الأمنية في الضفة. وقد نقل موقع "والاه" الإخباري الأحد عن أوساط في قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي قولها إن إمكانية انفجار الأوضاع في الضفة الغربية بسبب ما يحدث في الأقصى باتت كبيرة، وإن القيادة العسكرية الإسرائيلية تعكف حالياً على إعداد خططها المستقبلية بناء على هذا الأساس.

ومما يزيد من حرج عباس، في نظر الكثير من الأوساط الإسرائيلية، حقيقة أنه لم يعد بإمكانه أن يأخذ بعين الاعتبار الدور الأميركي في التأثير على موقف حكومة نتنياهو. وحسب معلق الشؤون السياسية في قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية أودي سيغل، ففي كل ما يتعلق بالأميركيين، فإن ملف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بإمكانها الانتظار، حيث أن الإدارة الأميركية مشغولة بتوفير الظروف التي تسمح بالبدء بتطبيق الاتفاق النووي مع إيران.

اقرأ أيضاً: مسيرة ببيت لحم تطالب برحيل عباس لضرب "فتى الأقصى"