عباس يسوّق لـ"التوصيات"

07 نوفمبر 2015
القيادة الفلسطينية تجاوزت مرحلة إرضاء كيري أو إغضابه (الأناضول)
+ الخط -
يبدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس جولة عربية ودولية، للتشاور حول موضوع تبنّي القيادة الفلسطينية توصيات اللجنة السياسية الفلسطينية، وأبرزها "دراسة سحب الاعتراف الفلسطيني بدولة إسرائيل"، و"الطلب من الجمعية العامة في الأمم المتحدة سحب اعترافها بدولة إسرائيل، واشتراط ذلك بربطه بالاعتراف بدولة فلسطينية"، فضلاً عن "التأكيد بأن الاتفاق المرحلي، أوسلو، لم يعد قائماً".

يحمل عباس هذه القرارات معه إلى القمة التي سيعقدها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في العاصمة المصرية القاهرة، غداً الأحد، ومع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، الثلاثاء المقبل. لكن أنظار عباس تتجه إلى ما سيرشح عنه لقاء رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، يوم الاثنين المقبل.

وقد مهّدت القيادة الفلسطينية، ممثلة بعباس وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، للجولة، عبر إبلاغ وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلال لقائهما الأخير في العاصمة الأردنية عمّان، في 24 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن "اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تبنّت توصيات اللجنة السياسية".

وعلى الرغم من غضب كيري، إلا أن القيادة الفلسطينية تجاوزت مرحلة إرضاء المسؤول الأميركي، أو إغضابه، بعد أن أكدت له مصادر قريبة من الرئاسة، وفقاً لمعلومات "العربي الجديد"، بأن "الولايات المتحدة ليست راغبة، بل وعاجزة عن إقناع نتنياهو بالعودة إلى استئناف المفاوضات في مقابل تجميد الاستيطان، وإطلاق سراح الدفعة الأخيرة من قدامى الأسرى، لأن السلطة باتت في وضع صعب أمام الشارع الفلسطيني".

وتفيد مصادر مقرّبة من الرئاسة لـ"العربي الجديد"، بأن "الأسوأ في الموضوع هو أن الإدارة الأميركية باتت تتبنّى المصطلحات الإسرائيلية، مثل جبل الهيكل، إلى جانب المسجد الأقصى، وتكريس الوضع القائم، في المسجد الأقصى، وهي كلمة غامضة وفضفاضة، لأن إسرائيل تخلق وضعاً قائماً جديداً كل يوم في الأقصى". وتتابع المصادر: "لا نتوقع أي دعم من الدول العربية، لكنها خطوة ضرورية والرئيس عباس لن يُقدم على أي قرار من توصيات اللجنة السياسية من دون دعم عربي علني وواضح".

وكان المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، قد كشف، يوم الخميس، لوكالة "وفا" الفلسطينية الرسمية، عن أن "الرئيس عباس سيقوم بجولة عربية هامة. ومن المتوقع أن يكون هناك جواب أميركي على ما طرحه خلال لقائه كيري، ومن دون ذلك لن نبقى وحدنا ملتزمين بهذه الاتفاقيات".

اقرأ أيضاً استخبارات الاحتلال الإسرائيلي: الهدوء لن يدوم طويلاً

بدوره، يؤكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد المجدلاني، أن "اللجنة التنفيذية تبنّت في اجتماعها، يوم الأربعاء، توصيات اللجنة السياسية التي درست في الأشهر الماضية قرارات المجلس المركزي، وإمكانية تطبيقها". ويشير المجدلاني في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هناك ثلاثة قرارات رئيسية تم تبنّيها من قبل القيادة الفلسطينية، التي ستقوم بالتشاور حولها عربياً ودولياً، قبل أن يُصار إلى تنفيذها".

ويُعدّد المجدلاني القرارات الثلاثة، وهي: "أولاً: اتفاق أوسلو لم يعد قائماً. ثانياً: الدعوة لعقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني لدراسة إمكانية سحب الاعتراف بدولة إسرائيل، وإعادة ربطه باعتراف الأخيرة بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967. ثالثاً: تقديم اقتراح أمام المجلس الوطني الفلسطيني للذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقديم طلب تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة، إلى أن تقوم دولة فلسطين، ارتباطاً بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1981، الذي ربط قيام الدولتين بشكل متوازٍ".

وتسود تكهّنات قوية بأنه "لن يُصار إلى عقد المجلس الوطني الفلسطيني في الموعد الذي أعلنت عنه القيادة، وهو منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل". مع العلم أن المجدلاني يُشدّد على أن "القيادة تبذل جهوداً من أجل عقد جلسة المجلس الوطني قبل نهاية العام".

ويضيف المجدلاني أن "الإدارة الأميركية طلبت فرصة حتى يوم الاثنين كي يتسنّى لأوباما مناقشتها مع نتنياهو. والقيادة الفلسطينية وافقت على إعطائهم هذه الفرصة، لكن من دون أن تكون هناك أي توقّعات فلسطينية بأن أمراً جدياّ سيحصل. وفي غضون ذلك بدأت القيادة مشاوراتها لبدء تنفيذ هذه القرارات".

وإلى جانب الإدارة الأميركية، التي باتت على علم بهذه القرارات التي تبنتها القيادة الفلسطينية، وأصبحت عنوان مشاوراتها المقبلة مع مصر، والسعودية، والأردن، أصبحت فرنسا والجزائر، وبعض القنصليات الأجنبية على علمٍ بهذه القرارات أيضاً.

ويرى سياسيون ومراقبون بأنه "لم يعد بوسع الرئيس عباس التسويف أكثر، ومراقبة ما يجري، والاكتفاء بتحرّكات سياسية وقانونية رمزية هنا وهناك، للتصعيد الكبير الذي تشهده الأراضي الفلسطينية بفعل الهجمة الإسرائيلية منذ بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. تصعيد الاحتلال أودى بحياة 78 شهيداً فلسطينياً، بينهم 17 طفلاً، وثلاث سيدات، فيما بلغ عدد الجرحى 2500 جريح، وفقاً لأرقام وزارة الصحة الفلسطينية، حتى صباح أمس الجمعة، بموازاة اعتقال قوات الاحتلال المئات من الفلسطينيين من الأطفال والكبار".

وقد أظهرت نتائج استطلاع نفّذه معهد العالم العربي للبحوث والتنمية "أوراد"، ومقرّه رام الله، ونُشرت نتائجه أمس الجمعة، ارتفاعاً في نِسَب التأييد لاندلاع انتفاضة جديدة، من 26 في المائة في استطلاع يوليو/ تموز 2015 إلى 63 في المائة في الاستطلاع الحالي، فضلاً عن أن 64 في المائة من المُستفتين يؤيدون إلغاء اتفاقية أوسلو، ويعتبرون أن "إنهاء التنسيق الأمني" يجب أن يتصدّر أولويات القيادة الفلسطينية.

ويعلّق رئيس "أوراد"، نادر سعيد، على النتائج لـ"العربي الجديد"، قائلاً "يجب أن تؤخذ نتائج كل استطلاع في السياق الذي تمّ فيه. وقد حصل الاستطلاع في ظل هجمة إسرائيلية كبيرة ضد الفلسطينيين، وسبقه خطاب الرئيس في الأمم المتحدة (في 30 سبتمبر/ أيلول الماضي)، الذي فُهم منه على أنه إلغاء لاتفاق أوسلو، شفهياً على الأقلّ، فكان من الطبيعي أن تخرج النتائج بهذا الشكل". ويتابع أنه "من الواضح أن المجتمع الفلسطيني أدرك هذا الاستنتاج، وهو أن إلغاء أوسلو، ووقف التنسيق الأمني، بات ضرورة كبيرة، وليس فقط المستوى السياسي من وصل إلى هذه النتائج".

وحول ما إذا كانت القيادة الفلسطينية تأخذ استطلاعات الرأي بالاعتبار، يفيد سعيد بأن "هناك تزايد كبير في إقبال القيادة والأحزاب على استطلاعات الرأي العام، وفي الاستطلاع الحالي كانت هناك درجة من الارتباك والإحساس بالخطر عند مستويات سياسية رسمية وفصائلية مختلفة، اتصلت بنا مرات عدة لتوضيح بعض الأمور. ما يعني أن هناك أزمة في المؤسسة والثقافة السياسية الفلسطينية، وهذا يحتاج إلى تفكير جدي وليس إلى مهاجمة الاستطلاع".

اقرأ أيضاً: العمليات تعود لقلب مدن الاحتلال... وتقديرات باستمرار الانتفاضة

المساهمون