عام على تقرير 30 يونيو المصري:لا حقائق ولا محاسبة

27 نوفمبر 2015
من تظاهرات 30 يونيو 2014 (Getty)
+ الخط -
يمرّ العام الأول على إصدار تقرير لجنة تقصّي حقائق أحداث 30 يونيو/ حزيران 2013، حيث زعمت اللجنة في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2014، أنّها توصلت إلى النتائج، ما أثار ضجة عارمة في الشارع المصري، بعد ما يقارب العام من تشكيلها.

تأسّست لجنة تقصي حقائق 30 يونيو في 21 ديسمبر/ كانون الأوّل 2013 بقرار من رئيس المحكمة الدستورية الحالي، عدلي منصور، الذي كان رئيساً انتقالياً في ذلك الوقت، وعُيّن من قبل الجيش بعد الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/ تموز 2013. وكان الهدف من اللجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق عن أحداث 30 يونيو 2013 وما أعقبها من أحداث وتأريخها وتوثيقها.

كان قرار تأسيس اللجنة بمثابة شهادة الوفاة الخاصة بها، إذ لم يكن لها أي دور يُذكر في صَوْن الحقوق أو تقديم يد العون للضحايا. لم يتضمن القرار الجمهوري رقم 698 لعام 2013 الخاص بتشكيل اللجنة، وجود أي من المنتمين إلى منظمات المجتمع المدني المحلي أو الدولي، فتشكّلت من القضاة والقانونيين والأكاديميين الذين لا يملكون أية خبرة في مجال الرصد والتوثيق والتقصي وغيرها من الآليات المطلوبة والمهمة في تكوين وتشكيل أعضاء لجنة التقصي.

كما لم يتضمن قرار إنشاء اللجنة أي ذكر لنشر أو إعلان تقرير اللجنة النهائي، ولا يوجد ما يحتوي نصاً يُلزم بنشر ما تتوصل إليه اللجنة من معلومات وأدلة ورفعه إلى السلطات القضائية مباشرة للتعامل معه بمقتضى القانون، الأمر الذي يُعدّ خرقاً كبيراً لمبادئ تكوين لجان تقصي الحقائق. وبهذا الشكل، يبقى عمل لجنة تقصي الحقائق غير منطقي وقاصر، ما أفقدها مصداقيتها والثقة بعملها لدى عدد كبير من المواطنين والمعارضين للنظام العسكري في مصر. ويتساءل مراقبون عن كيفية أن تقوم اللجنة بالعمل على تقديم أدلة وبراهين من المتوقع أن تدين النظام العسكري الذي قتل المئات من معارضيه ولا تنشره على الرأي العام أو تعطي الأدلة للضحايا أو ذويهم.

ولم يعطِ القرار أي إلزام للّجنة بالعمل على إبلاغ الضحايا وذويهم بالتفاصيل الكاملة لهم أو لكل من تعرّض للضرر نتيجة انتهاكات حقوق الإنسان خلال الأحداث الماضية، كما لم يشر إلى أية آلية متابعة وتنفيذ ما أصدرته من توصيات وقرارات بعد انتهاء أعمالها ورفع تقريرها.

إلّا أن اللجنة ذاتها وعبر ملخّص تقريرها الذي نشرته عام 2014، أكّدت قبولها لمثل تلك الخروقات التي وجدت في قرار إنشائها ولم يشفع لأعضائها سابق معرفتهم بالقانون الدولي ومبادئ ومعايير تكوين لجان تقصي الحقائق في أن يتقلّدوا روح العدالة ويطالبوا بتحقيق الغرض الذي تنشأ من أجله لجان تقصي الحقيقة بالشكل السليم وبالطريق المرسوم في المبادئ الدولية والقانون الدولي.

اقرأ أيضاً: تقرير تفصيلي لـ"مونيتور" عن رابعة يطالب بمحاكمة السيسي

وعلى الرغم من وجود الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض، الذي يعتبر واحداً من القضاة الدوليين، على رأس اللجنة، إلّا أن المصريين لم يجدوا في عمله ولا عمل اللجنة أية علاقة بالقانون الدولي من قريب ولا من بعيد. وكان بالنسبة لمتابعين للشأن الحقوقي، وجود قامة كبيرة مثل رياض على رأس اللجنة، مثار تساؤل كبير.

وجاءت نتائج عمل اللجنة من خلال التقرير الذي نشرته في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 الماضي، ليضع علامات استفهام جديدة، إذ بدا التقرير بعيداً عن مبادئ ومعايير لجان تقصي الحقائق، بل كان أقرب ما يكون إلى تحريات وزارة الداخلية في أي قضية من القضايا التي تتهم فيها المعتصمين والمتظاهرين بقتل أنفسهم. كما مثّل الفيلم المصوّر الذي عرضته اللجنة، حينها، داخل قاعة مجلس الشورى، إبداعاً جديداً من مظاهر الشؤون المعنوية في القوات المسلحة، في حين مثّل المستشار عمر مروان دور المتحدث باسم وزارة الداخلية في تبريراته وفي عرضه للتقرير.

وبعد عام على إيداع اللجنة تقريرها، يستخلص مراقبون قانونيون بعض النقاط؛ أولاً، لم يتم نشر كامل التقرير حتى الآن، واكتفت اللجنة بنشر ملخّص للتقرير وقيام مؤتمر صحافي له في مجلس الشورى. ثانياً، بدا جلياً سبب إنشاء اللجنة، فلم يكن الهدف منها إظهار الحقيقة ولا تأريخها أو أرشفة الأحداث، بل كانت "ديكوراً" مقدماً من قبل النظام العسكري حتى يوقف التحركات والمطالبات لقيام المجتمع الدولي ممثّلاً بمجلس حقوق الإنسان، بإنشاء لجنة للتحقيق في ما حدث في مصر بعد أحداث 30 يونيو على لسان المفوضة السامية السابقة، نافي بيلاي، بعد أحداث الحرس الجمهوري.

ثالثاً، كانت اللجنة أداة جديدة من أدوات القمع، فمضمون التقرير يعبّر بشكل واضح عن توجّهات نظام ما بعد الانقلاب في محاولة إضفاء شرعية حقوقية على ما ارتكبه من جرائم مدنية وقانونية في مصر، بعدما اطمأن إلى إضفاء الشرعية القانونية من خلال تحقيقات النيابة العامة في الأحداث التي تلت 30 يونيو 2013 وحتى الآن.

رابعاً، بعد مرور عام على إصدار التقرير، هناك دليل واضح لا لبس فيه على انتفاء أدوات الإنصاف الداخلية في مصر بخصوص الجرائم التي وقعت بعد أحداث 30 يونيو 2013 وعقب الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، الأمر الذي يدفع إلى دعوة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لإنشاء لجنة مستقلة ومحايدة تنظر في ما حدث.

اقرأ أيضاً: تصفية المعارضين المصريين... سياسة ممنهجة يحميها قانون الإرهاب

المساهمون