بدأ تلاميذ محافظة شمال سيناء في مصر الذهاب إلى مدارسهم، منذ السبت الماضي، باستثناء تلاميذ مدينة رفح التي تشهد حصاراً عليها ينفذه الجيش المصري منذ أكثر من شهر، يترافق مع هجمات، فيما يشعر تلاميذ مدن الشيخ زويد والعريش وبئر العبد بالقلق الكبير في ظل مرور المحافظة بأوضاع أمنية متدهورة.
يطاول التمييز في التعامل مع محافظة شمال سيناء مقارنةً بالمحافظات الأخرى قطاع التعليم، بعدم العمل على بدء العام الدراسي بشكل موحد في كلّ مدن المحافظة، وعدم تخصيص بدلات مخاطرة للمعلمين في مناطق التوتر في رفح والشيخ زويد، والتضييق عليهم في تنقلهم إلى مدارسهم، وعدم إيقاف الحملات العسكرية تزامناً مع بدء العام الدراسي، ما يجعل بداية العام مشوشة من مختلف النواحي.
وكانت عدة جهات حكومية قد مهدت إلى تأجيل الدراسة في رفح منذ أسابيع، من خلال نشر معلومات غير منسوبة لأيّ مصدر رسمي بإمكانية تأجيل الدراسة في مناطق شمال سيناء، ما جعل التلاميذ يعيشون في وضع نفسي صعب يضاف إلى المؤثرات التي خلقها الجو الأمني المتدهور، وكذلك صعوبة الأوضاع الاقتصادية.
يقول مصدر مسؤول في وزارة التربية والتعليم بمحافظة شماء سيناء لـ"العربي الجديد" إنّ محاولات بدء العام الدراسي في مدينة رفح كبقية مدن المحافظة باءت بالفشل بعد رفض الجيش إيقاف حملته العسكرية أو الحصار القائم في المدينة ليتسنى للتلاميذ والمدرسين التوجه إلى مدارسهم. ويوضح أنّ التأجيل المبدئي للدراسة في رفح يستمر لمدة أسبوعين، مؤكداً أنّه "في ظل استمرار حصار الجيش لرفح فإنّنا في حاجة إلى مزيد من التأجيل، خصوصاً أنّ المدارس والمدرسين والتلاميذ يحتاجون إلى تجهيز أنفسهم في فترة أسبوع على الأقل في حال انتهاء الحصار".
يؤكد المصدر أنّ التأجيل في مدينة رفح يشوش على المسيرة التعليمية في كلّ سيناء، لما يحدثه من خلل في برنامج الدراسة والامتحانات وتوزيع الكتب على التلاميذ، وكذلك التأثير المباشر على الحالة النفسية لهم وللمدرسين الآتين من خارج المدينة.
يشار إلى أنّ الجيش المصري يشن هجوماً واسعاً منذ أكثر من شهر على مناطق غرب وجنوب رفح، مع حصار شامل يمنع خلاله الحركة من المدينة وإليها إلا لحالات إنسانية قليلة. وهو ما أدى إلى نقص شديد في الاحتياجات اليومية للمواطنين، بالتزامن مع انقطاع شبه تام للكهرباء والمياه وشبكات الهاتف والإنترنت عن المدينة. كذلك، تحول عدد من المدارس في مدينة رفح إلى مراكز نزوح لمئات المواطنين الذين تركوا منازلهم بسبب القصف المدفعي والجوي العشوائي الذي طاول عشرات المنازل وأصاب المدنيين خلال الأسابيع الماضية.
وقد ظهر سوء العام الدراسي الجديد في أسواق سيناء، إذ اشتكى التجار من انخفاض الإقبال على شراء مستلزمات الدراسة كالملابس والقرطاسية، مؤكدين أنّ الموسم كان أقرب للخسارة، في ظل حصار رفح والتضييق على الحركة في الشيخ زويد والعريش وبئر العبد، بفرض الكمائن والتفتيش على الطرقات. يقول جهاد ياسين، وهو أحد بائعي الزي المدرسي في العريش، لـ"العربي الجديد" إنّ العام يعتبر من أسوأ الأعوام في الحركة التجارية التي تترافق مع بدء العام الدراسي. ويوضح أنّ حصار مدينة رفح ومنع السكان من التحرك باتجاه العريش التي تعتبر قبلتهم في التسوق إلى جوار سوق الشيخ زويد أدى إلى انخفاض في المبيعات، عدا عن التضييق على حركة المواطنين من الشيخ زويد إلى العريش.
ويشير إلى أنّ أسواق بئر العبد تضررت أيضاً بسبب الحملات العسكرية التي تبعت الهجوم الإرهابي الأخير الذي استهدف رتلاً للشرطة على الطريق الدولي الرابط بين العريش وبئر العبد وأدى إلى مقتل 18 شرطياً، إذ تتعرض المدينة يومياً لحملات عسكرية تتخللها اعتقالات ومداهمات في صفوف المدنيين ومنازلهم.
يذكر أنّ محافظة شمال سيناء تضمّ 591 مدرسة موزعة على الإدارات التعليمية الست، فيها 110 آلاف تلميذ بمختلف المراحل التعليمية، بينما يبلغ عدد المدرّسين على مستوى المحافظة 9421 مدرّساً ومدرّسة.
يشتكي المدرسون الآتون من مدن العريش وبئر العبد إلى مدينة الشيخ زويد ورفح قبل حصارها من التضييق المتعمد الذي يمارسه عناصر الجيش المصري عليهم خلال مرورهم من كمين الريسة، وهو معبر يفصل بين العريش ومدينتي رفح والشيخ زويد. ويقول أحمد زهير، المدرّس في الشيخ زويد، لـ"العربي الجديد" إنّ الجيش لا يتعامل مع المدرّسين الذين يركبون في حافلات معروف أنّها تتبع للجهات التعليمية بأيّ نوع من الاحترام أو التقدير. ويوضح أنّ الجيش يعامل المواطنين العاديين أفضل من المدرّسين، ما يؤدي إلى تأخيرهم على حاجز الريسة عن مواعيد بدء العمل، وهو ما يحدث خللاً في المنظومة التعليمية في المدارس. يضيف: "الجيش لا يراعي أننا نخاطر بأنفسنا بالذهاب إلى مناطق ساخنة، وفي أي لحظة نتعرض للموت برصاص الأمن أو الجماعات المسلحة، بل يزيد معاناتنا بالتضييق علينا خلال الحركة من مدارسنا وإليها".
يشار إلى أنّ حاجز الريسة سيئ السمعة في التعامل مع سكان مدينتي رفح والشيخ زويد، ويعتبر مثالاً في الإذلال للمواطنين، إذ يشتكي من قوات الجيش كلّ من يمر عبره من سكان وتجار وعاملين في المؤسسات الحكومية برفح والشيخ زويد.