ضربت عاصفة رملية استثنائية مختلف المناطق اللبنانية في الأيام الماضية، وتسببت في مقتل مواطنين لبنانيين ولاجئين سوريين. وعانى اللاجئون في مخيمات البقاع (شرق) وعكار (شمال) من جرّاء ذلك، وقد أصيبوا بحالات اختناق. وعلى الأثر، أعلنت وزارة الصحة العامة حالة استنفار للتعامل مع آثار العاصفة التي من المتوقّع أن تنحسر مساء غد الخميس. وعلى خلفيّة ذلك، أعلن وزير التربية والتعليم العالي إلياس بو صعب إقفال المدارس الخاصة اليوم، في حين أعلن وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور إقفال دور الحضانة أيضاً.
وكانت الجهات الرسمية في لبنان قد أعلنت مقتل عدد من المواطنين واللاجئين السوريين من جرّاء العاصفة الرملية التي تضرب البلاد منذ ليل الأحد - الإثنين الماضي. أما حالات الاختناق وضيق التنفس التي نقلت إلى المستشفيات في محافظتي عكار والبقاع، فقد وصلت إلى ألف حالة. يُذكر أنهما المحافظتان اللتان تستضيفان أكبر عدد من اللاجئين السوريين في البلاد. ويتوزّع هؤلاء بين مخيمات لجوء في بلدات البقاع وفي منازل أنسباء لبنانيين في بلدات عكار.
في البقاع، وبحسب ما يفيد الشيخ يحيى البريدي من "اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية" المعنيّ بإغاثة اللاجئين السوريين لـ "العربي الجديد"، "وزّعت كمامات على مختلف مخيمات السوريين، في حين نتعاون معهم لإصلاح بعض الأضرار التي طالت الخيم". وكانت الأتربة والرمال قد دخلت الخيم وغطّت كل متاعهم. إلى ذلك، تولت فرق الصليب الأحمر اللبناني وفرق الإسعاف التابعة للجمعيات الأهلية نقل الذين أصيبوا بضيق في التنفّس وبالاختناق إلى مستشفيات المنطقة، في حين قصد مواطنون لبنانيون بسياراتهم الخاصة مستشفيات بعيدة طلباً للعلاج، بعدما امتلأت المستشفيات المحلية. وقد أعلنت وزارة الصحة العامة عن وفاة امرأتين في بعلبك وتمنين من جرّاء هذه العاصفة.
أما في عكار، فقد نقلت "الوكالة الوطنية للإعلام" وفاة لاجئة سورية متقدّمة في السنّ. إلى ذلك، تؤكد مصادر إغاثية لـ "العربي الجديد" أن "وضع اللاجئين السوريين في المحافظة جيّد بشكل عام، نظراً لإقامة معظمهم في منازل". بالرغم من ذلك، أصيب لاجئون سوريون في عدد من المخيمات وكذلك مواطنون لبنانيون، من حالات اختناق وضيق في التنفس في ظل تقنين قاس للكهرباء الذي تشكو منه المحافظة وكذلك محافظة لبنان الشمالي. وتشير المصادر الإغاثية نفسها إلى أن "عدداً من المخيمات زُوّد بأجهزة تنفّس لإسعاف المصابين بالاختناق، وأحضرت مولدات لرش المياه على الخيم للتخفيف من آثار الغبار". وقد سجّلت حالات صدمة وذعر بين عدد من الصغار نتيجة انتشار الأتربة في الهواء وسوء الرؤية.
إلى ذلك، نقلت فرق الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني في طرابلس (شمال) عشرات حالات الاختناق إلى المستشفيات، فيما أغلقت محال تجارية عديدة أبوابها.
وفي العاصمة بيروت، أعلنت وزارة الصحة "حالة استنفار نظراً للأحوال الجوية التي يشهدها لبنان، من خلال شبكة الرعاية الصحية الأولية والترصّد الوبائي والمستشفيات الحكومية والخاصة المتعاقدة مع الوزارة، وكذلك من خلال الصليب الأحمر اللبناني لمتابعة الوضع". وطلبت الوزارة من المواطنين "خصوصاً الذين يعانون من أمراض الربو والحساسية والأمراض الرئوية المزمنة وأمراض القلب، وكذلك كبار السن والأطفال والحوامل، ملازمة منازلهم وتجنّب التعرّض للغبار واستعمال الأدوية التي أوصى بها أطباؤهم، واستعمال الكمامات الواقية من الغبار في حال اضطروا إلى التنقل خارج منازلهم، علماً أن الكمامات وأدوية الحساسية الأساسية متوفّرة في المراكز الصحية. أما في حال ضيق التنفس، فيطلب إليهم التوجّه الى أقرب مركز صحي أو الاتصال بطبيبهم".
إلى ذلك، لم تتأثر حركة الملاحة الجوية في مطار بيروت بالعاصفة الرملية وهي تستكمل نشاطها بشكل طبيعي. يُذكر أن لبنان شهد عاصفة رملية مُماثلة في فصل الربيع في عام 1998، كان مصدرها شمال أفريقيا.
تنحسر غداً الخميس
توقّعت "مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت الدولي" انحسار العاصفة الرملية التي تضرب البلاد، مساء غد الخميس. ويشير رئيس المصلحة المهندس مارك وهيبي لـ "العربي الجديد"، إلى أن العاصفة كانت قد انطلقت من العراق ليل الأحد - الإثنين وتوجّهت نحو الأردن ولبنان. يضيف أن "منطقة البقاع تأثرت بشكل كبير من جرّاء هذه العاصفة، بعكس المناطق اللبنانية الباقية".
اقرأ أيضاً: حرج بيروت "على الوعد"