تتوالى الفضائح الإعلاميّة في لبنان بعد 96 يوماً على انطلاقة الثورة. يغسل العار القنوات ويغلّفها، فلم تعُد إداراتها تخاف الفضيحة، بل تبطش بصحافييها وموظفيها على قاعدة "هيك الكل عم يعمل"، فيما تُحرّض عبر شاشاتها على المواطنين في الشارع، غبّ طلب الطرف القامع، وبحسب ما تقتضيه تحالفاتها السياسيّة - الماليّة.
أسبوع الغضب كان فاصلاً بالنسبة إلى السلطة اللبنانية وإلى الإعلام أيضاً. فالقنوات التي ملّت من التغطية وتريد العودة إلى بثّ برمجياتها كي تربح مردوداً "خسرته بسبب التغطية المباشرة"، لم تستطع تنفيذ خطّتها، في ظلّ فرض الأحداث على الأرض نفسها على الشاشة. ركزت القنوات المحليّة والفضائيّة مراسليها في مناطق الحمرا وثكنة الحلو ووسط بيروت، حيث دارت اشتباكات أيام الثلاثاء والأربعاء والسبت الماضية مع القوى الأمنية التي أطلقت مرحلةً جديدة من البوليسيّة والتعنيف بحقّ المتظاهرين. لكنّ بروباغندا السبت على القنوات المحليّة كانت أوضح، إذ جاءت نشرات الأخبار في منتصف التغطية المباشرة، وكانت مقدّماتها (فقرة يومية قبل قراءة الأخبار تعلن فيها القنوات المحليّة اصطفافاتها السياسيّة) تحرّض على المتظاهرين، تحديداً منهم الآتين من المناطق، في عنصريةٍ مقيتة تداولها مسؤولون سياسيّون في البلاد ضدّ أبناء الشمال والجنوب والبقاع، إذ اتُّهموا بتخريب العاصمة بيروت وإحراقها، وصُوِّر وجودهم فيها بمثابة احتلال!
هكذا، بيّنت قناة "إل بي سي" صورتها الحقيقيّة كواقفةٍ في صفّ الأمن اللبناني، بعد صمتٍ وسماحٍ قامت به لمراسليها بمحاربة متظاهرين وتوجيه تحريضٍ كبير ضدّهم على حساباتهم على مواقع التواصل وخلال تغطيتهم على الأرض. لم تنشر القناة خبراً واحداً يوم السبت يُنصف المتظاهرين، لكنّها نشرت كلّ حرفٍ قالته القوى الأمنية، وبينها ما ثبت عدم صحّته. كذلك وقفت خلال تغطيتها وراء عناصر مكافحة الشغب، الذين كانوا يُطلقون الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع على رؤوس المتظاهرين لتحقيق إصاباتٍ مباشرة ودائمة، فلحقت مصوّري القناة حجارةٌ رماها المتظاهرون رداً على عنف الأمن. خلال الأسبوع، وصفت القناة المتظاهرين خلال الاشتباكات بـ"المخرّبين"، ونشرت سابقاً خبراً يقول إنّهم هم من يرمون الغاز على القوى الأمنية. لكنّ السبت، وفي نشرتها المسائيّة، وصفت المتظاهرين بـ"زمرة الزعران"، قائلةً: "زمرة الزعران، من حيثما أتوا، هم من يدمر شوارع المدن من الحمرا إلى وسط العاصمة، ويتعدى على الأملاك الخاصة والعامة، بفوضوية مطلقة، بعيداً عن القانون وبعيداً عن يوميات من صدحت أصواتهم في الشوارع".
و"الأمن" الذي تأخذ القناة صفّه تحريرياً، تمارس بطشه مع موظفيها داخلياً. إذ بعدما استقدمت القناة متدرّبين كي يغطّوا التظاهرات مجاناً، هدّدت المصورين داخلها بإيقاف عقودهم وتحويلهم إلى عاملين أحرار، فيما يتقاضى العاملون نصف رواتب فقط مع عبارة "من لا يعجبه يمكنه أن يغادر".
اقــرأ أيضاً
أما قناة "الجديد" التي اعتُبرت منصّةً للثورة في بداياتها، فأطلقت بروباغندا تحريضيّة ضدّ المتظاهرين يوم السبت، فقالت عنهم في نشرة أخبارها "بعد جمعة الآلام وتعثّر قيامة الحكومة سطع سبتُ الغضب بثلاث تظاهراتٍ مركزيةٍ انطلقت من شرايين المدينة وصبّت في قلب البلد، وعند خط الوسط انقلب المشهد مجموعات صغيرة استُقدمت من خارج الأطر التنظيمية للثوار، ولهدفٍ محدّد هو مواجهة قوى الأمن لإجهاض الثورة، وتحرّك البرمائيون المغطسون بثوب ثورة بحسب ما تشتهيه سفن تياراتهم السياسية والأجهزة الأمنية المرتبطة بها"، والمثير أنّ تلك الجملة أتت مباشرةً بعد إعلان ترويجي عرضته القناة يحتفي بالمنتفضين اللبنانيين. على الأرض، كان المراسلون يدافعون عن المعتقلين، وينقلون صورة البطش الحقيقيّة، ويقابلون المتظاهرين ليحكوا عن روايتهم لما حصل، حتى بدا وكأنّ الدفاع عن الثورة ليس خطاً تحريرياً في القناة، بل رأي سياسي لبعض الصحافيين والموظفين الذين يعون وجع المواطنين.
والالتفاف الذي قامت به القناة على المتظاهرين الغاضبين، يشبه ما تمارسه بحق موظفيها. إذ أعلمت قناة "الجديد" نحو 14 موظفاً بإجبارهم على التوقيع على عقدٍ جديد لمدة سنة بنصف دوام مقابل نصف مرتّب، يتضمّن منعهم من العمل في مؤسسات أخرى ومنعهم من المطالبة بنصف الراتب الآخر، بحجّة الوضع الاقتصادي، وتحت طائلة الطرد التعسفي. لا يزال المراسلون في القناة يتقاضون رواتبهم كاملة، لكن مقسّمة على جزأين في الشهر، في ظلّ حديثٍ داخل أروقة القناة عن أنّ الإجراء سيُعمَّم مستقبلاً، حسب ما تكون نتائج "التجربة الأولى".
قناة "إم تي في" كانت تحاول في أخبارها الحفاظ على التوازن ونقل جميع الأصوات، مع إشارتها إلى أنّ السلطة لم تقم بإجراء يُنصف اللبنانيين أو يطمئنهم إلى حلّ مرتقب للأزمة، ما أوصل حال الغضب إلى مرحلة العنف. ونشرت القناة وجهة نظر القوى الأمنية ووجهة نظر المتظاهرين على حدّ سواء، إذ لا تزال الأطراف السياسية المرتبطة بالقناة تمدح الثورة. لكنْ داخل أروقتها بطش آخر بالموظفين، تحديداً التقنيين منهم والبعيدين عن الأضواء. وصرفت القناة أكثر من 70 موظفاً، بعضهم دون تعويض ودون إبلاغهم بذلك حتى. ومع ارتفاع عدد ساعات العمل المراسلين، إلا أنّهم يتقاضون نصف مرتّبهم، وكذلك حال الموظفين الذين يعملون بنصف مرتّب، في ظلّ كلام داخل أروقة القناة عن توقيف مرتقب لبرامج.
ترفض الثورة اللبنانية الإجحاف بحقوق العمال وتناضل لأجلها، وهو ما تخلّفت القنوات الثلاث التي غطّت الانتفاضة عن القيام به. والإجحاف نفسه يطاول القنوات الأخرى وعمال الصحف، في ظلّ تهديد ومضايقات لنحو 10 موظفين في قناة OTV التي يتقاضى العاملون فيها نصف رواتبهم أيضاً، فيما يعيش "تلفزيون لبنان" في "الذكريات الجميلة" وبين مكوّنات الأطباق اللبنانية.
هكذا، بيّنت قناة "إل بي سي" صورتها الحقيقيّة كواقفةٍ في صفّ الأمن اللبناني، بعد صمتٍ وسماحٍ قامت به لمراسليها بمحاربة متظاهرين وتوجيه تحريضٍ كبير ضدّهم على حساباتهم على مواقع التواصل وخلال تغطيتهم على الأرض. لم تنشر القناة خبراً واحداً يوم السبت يُنصف المتظاهرين، لكنّها نشرت كلّ حرفٍ قالته القوى الأمنية، وبينها ما ثبت عدم صحّته. كذلك وقفت خلال تغطيتها وراء عناصر مكافحة الشغب، الذين كانوا يُطلقون الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع على رؤوس المتظاهرين لتحقيق إصاباتٍ مباشرة ودائمة، فلحقت مصوّري القناة حجارةٌ رماها المتظاهرون رداً على عنف الأمن. خلال الأسبوع، وصفت القناة المتظاهرين خلال الاشتباكات بـ"المخرّبين"، ونشرت سابقاً خبراً يقول إنّهم هم من يرمون الغاز على القوى الأمنية. لكنّ السبت، وفي نشرتها المسائيّة، وصفت المتظاهرين بـ"زمرة الزعران"، قائلةً: "زمرة الزعران، من حيثما أتوا، هم من يدمر شوارع المدن من الحمرا إلى وسط العاصمة، ويتعدى على الأملاك الخاصة والعامة، بفوضوية مطلقة، بعيداً عن القانون وبعيداً عن يوميات من صدحت أصواتهم في الشوارع".
و"الأمن" الذي تأخذ القناة صفّه تحريرياً، تمارس بطشه مع موظفيها داخلياً. إذ بعدما استقدمت القناة متدرّبين كي يغطّوا التظاهرات مجاناً، هدّدت المصورين داخلها بإيقاف عقودهم وتحويلهم إلى عاملين أحرار، فيما يتقاضى العاملون نصف رواتب فقط مع عبارة "من لا يعجبه يمكنه أن يغادر".
أما قناة "الجديد" التي اعتُبرت منصّةً للثورة في بداياتها، فأطلقت بروباغندا تحريضيّة ضدّ المتظاهرين يوم السبت، فقالت عنهم في نشرة أخبارها "بعد جمعة الآلام وتعثّر قيامة الحكومة سطع سبتُ الغضب بثلاث تظاهراتٍ مركزيةٍ انطلقت من شرايين المدينة وصبّت في قلب البلد، وعند خط الوسط انقلب المشهد مجموعات صغيرة استُقدمت من خارج الأطر التنظيمية للثوار، ولهدفٍ محدّد هو مواجهة قوى الأمن لإجهاض الثورة، وتحرّك البرمائيون المغطسون بثوب ثورة بحسب ما تشتهيه سفن تياراتهم السياسية والأجهزة الأمنية المرتبطة بها"، والمثير أنّ تلك الجملة أتت مباشرةً بعد إعلان ترويجي عرضته القناة يحتفي بالمنتفضين اللبنانيين. على الأرض، كان المراسلون يدافعون عن المعتقلين، وينقلون صورة البطش الحقيقيّة، ويقابلون المتظاهرين ليحكوا عن روايتهم لما حصل، حتى بدا وكأنّ الدفاع عن الثورة ليس خطاً تحريرياً في القناة، بل رأي سياسي لبعض الصحافيين والموظفين الذين يعون وجع المواطنين.
والالتفاف الذي قامت به القناة على المتظاهرين الغاضبين، يشبه ما تمارسه بحق موظفيها. إذ أعلمت قناة "الجديد" نحو 14 موظفاً بإجبارهم على التوقيع على عقدٍ جديد لمدة سنة بنصف دوام مقابل نصف مرتّب، يتضمّن منعهم من العمل في مؤسسات أخرى ومنعهم من المطالبة بنصف الراتب الآخر، بحجّة الوضع الاقتصادي، وتحت طائلة الطرد التعسفي. لا يزال المراسلون في القناة يتقاضون رواتبهم كاملة، لكن مقسّمة على جزأين في الشهر، في ظلّ حديثٍ داخل أروقة القناة عن أنّ الإجراء سيُعمَّم مستقبلاً، حسب ما تكون نتائج "التجربة الأولى".
قناة "إم تي في" كانت تحاول في أخبارها الحفاظ على التوازن ونقل جميع الأصوات، مع إشارتها إلى أنّ السلطة لم تقم بإجراء يُنصف اللبنانيين أو يطمئنهم إلى حلّ مرتقب للأزمة، ما أوصل حال الغضب إلى مرحلة العنف. ونشرت القناة وجهة نظر القوى الأمنية ووجهة نظر المتظاهرين على حدّ سواء، إذ لا تزال الأطراف السياسية المرتبطة بالقناة تمدح الثورة. لكنْ داخل أروقتها بطش آخر بالموظفين، تحديداً التقنيين منهم والبعيدين عن الأضواء. وصرفت القناة أكثر من 70 موظفاً، بعضهم دون تعويض ودون إبلاغهم بذلك حتى. ومع ارتفاع عدد ساعات العمل المراسلين، إلا أنّهم يتقاضون نصف مرتّبهم، وكذلك حال الموظفين الذين يعملون بنصف مرتّب، في ظلّ كلام داخل أروقة القناة عن توقيف مرتقب لبرامج.
ترفض الثورة اللبنانية الإجحاف بحقوق العمال وتناضل لأجلها، وهو ما تخلّفت القنوات الثلاث التي غطّت الانتفاضة عن القيام به. والإجحاف نفسه يطاول القنوات الأخرى وعمال الصحف، في ظلّ تهديد ومضايقات لنحو 10 موظفين في قناة OTV التي يتقاضى العاملون فيها نصف رواتبهم أيضاً، فيما يعيش "تلفزيون لبنان" في "الذكريات الجميلة" وبين مكوّنات الأطباق اللبنانية.