كشفت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" في بريطانيا أن اثنين، على الأقل، من الفريق الذي اغتال الفلسطيني محمود المبحوح في فندق البستان بدبي بتاريخ 19 /01 /2010 يعيشان في دولة الإمارات، ولم يقدما للمحاكمة بتهم تقديم الدعم اللوجستي لفريق الاغتيال.
وأضافت المنظمة أن أ. ش (45 عامًا) ضابط في جهاز الأمن الوقائي، و أ.ح (35 عامًا) ضابط في جهاز المخابرات الفلسطيني، فرّا من دبي عقب عملية الاغتيال إلى المملكة الأردنية، لوجود أدلة تثبت تورطهما في عملية الاغتيال.
وبينت المنظمة أن أحد التسجيلات في صالة الاستقبال في مطار دبي أظهرت أحد عناصر "الموساد" المشاركين في عملية الاغتيال يلتقي أ.ح، وتبين لاحقًا، وفق ما عرض من أدلة، أن المذكورين قدما دعمًا لوجستيًّا وعرّفا فريق الاغتيال على الهدف.
وأكدت المنظمة، بناء على الأدلة التي توافرت لدى شرطة دبي، تورط المذكورين في العملية، وأنهما يعملان في شركة عقارية تملكها شخصية فلسطينية مثيرة للجدل، تقدمت بطلب استرداد للحكومة الأردنية، حيث جرى تسليمهما للسلطات الإماراتية بعد ثلاثة أسابيع من تاريخ الاغتيال.
وأشارت المنظمة إلى أن السلطات القضائية في دبي لم تقدم المذكورين لمحاكمة عادلة وشفافة تظهر دورهما الحقيقي في عملية الاغتيال، وجرى التعتيم على القضية، وتأكد لاحقًا أنهما يعيشان حرّين في دولة الإمارات.
وفي شكوى للمنظمة، قالت عائلة المبحوح: "إن تعامل السلطات الإماراتية، وخاصة الأمنية منها، مثير لكثير من الشبهات، حيث إنها لم تطلعنا على مجريات التحقيق مع من ألقي القبض عليهم، ولم تطلب منا حضور أي جلسات، كما هو معتاد في مثل هذه القضايا، حتى أن المقتنيات الشخصية للشهيد لم تسلم لنا حتى هذه اللحظة".
وأضافت العائلة أن "الابن عندما سافر إلى دبي لاستلام جثمان والده، جرى التحقيق معه، وكأنه أمام ضابط مخابرات إسرائيلي، ولم يسألوا أي أسئلة تصب في مصلحة كشف المتورطين في الاغتيال؛ بل كان همهم معرفة علاقات محمود في الإمارات".
وأكدت العائلة أن "ما بثه قائد شرطة دبي، ضاحي خلفان، من تسجيلات لاغتيال محمود، يشبه فلمًا مشوقًا لتبرئة الذمة، ومنعًا للأقاويل التي تحدثت عن تورط الإمارات، حيث تم بثه على أجزاء؛ يجلس الناس كل يوم متشوقين أمام شاشات التلفاز لمعرفة الجديد، ثم تم دفن القضية ولم تقم سلطات الإمارات بأي إجراء جدي للقبض على المتهمين، أو محاسبة من تم القبض عليهم، وهنا تكمن الريبة والشك من هذا السلوك".
ولفتت المنظمة، في تأكيد على تهاون السلطات الإماراتية في القضية، إلى أن أحد المتهمين في الاغتيال، ويدعى برودسكي، اعتقل في بولندا بتاريخ 4 /06 /2010، وطالبت السلطات الألمانية بتسليمه، وخلال الإجراءات التي استغرقت شهرين لم تتدخل السلطات الإماراتية، ولم تقدم طلبًا لاستلامه.
وعقب تسليم برودسكي للسلطات الألمانية بتاريخ 11 /08 /2010، أيضًا لم تحرك السلطات الإماراتية أي ساكن، إلى أن قام قاضٍ في مدينة كولونيا، بتاريخ 13 /08 /2010، بالإفراج عن برودسكي بكفالة، وفق ما أفاد به المتحدث باسم النيابة العامة راينر فولف.
وفي حينها، قال فولف: "إن مذكرة التوقيف علقت بعد التوصل إلى اتفاق بين المحكمة ومكتب المدعي العام"، مؤكدًا أن باستطاعة برودسكي العودة إلى إسرائيل، وهكذا تبخر برودسكي، وضيعت السلطات الإماراتية فرصة ذهبية في القبض على متهم بجريمة خطيرة، وهذا المسلك غريب على السلطات الإماراتية؛ فمؤخرًا أرسلت طائرة خاصة، وضغطت على الحكومة الإندونيسية من أجل تسلم معارض إماراتي (عبد الرحمن خليفة بن صبيح السويدي) قامت باستلامه يدًا بيد، وحكمت عليه بعشر سنوات.