"لم أتخيل أن يمر العيد، من دون أن أشتري له ملابس جديدة كالعادة"، هذا ما قالته فريهان دراغمة، والدة الطفل شادي فراح، أصغر أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي، لـ"العربي الجديد"، وهي تستقبل عيد الفطر السعيد بعيدا عن طفلها.
استسلمت دراغمة للدموع، بمجرد الحديث عن طفلها ابن الاثنتي عشرة سنة، والقابع في مركز للإصلاح تابع لسجون الاحتلال الإسرائيلي، كون هذا العيد الأول الذي يمر عليها في تاريخ حياتها، وأحد أبنائها يغيب عنها، ولا يحتفل معها بالعيد.
تقول لـ"العربي الجديد"، لا يمر العيد، من دون أن أشتري لشادي الملابس والألعاب، ومع ساعات الصباح الأولى يوقظني لمساعدته على ارتدائها، أملك صورة له من العيد الماضي، وتؤلمني كثيرا. شادي طلب مني أن أصوره للذكرى، وها هي أصبحت اليوم للذكرى".
"هذا العيد، سيكون قاسيا ومؤلما" تقول دراغمة، وتضيف: "شادي في أمسّ الحاجة إلينا، بحاجة لأن يكون بين إخوته، أريد أن أربط أزرار قميصه، وأساعده في ارتداء ملابس العيد" ثم أجهشت بالبكاء.
اعتادت الأم أن تصطحب أطفالها قبل العيد بيوم أو يومين، للتسوق وشراء الملابس الجديدة والألعاب، وهذه المرة غاب الابن الأكبر، الأسير الصغير، وعندما ذهبت الأم إلى السوق حرصت على أن تشتري له الملابس الجديدة، ولو بشكل رمزي، حتى تخفف من ألمها.
توجهت إلى السوق، وطلبت من صاحب المحل ملابس لطفل يبلغ من العمر 12 عاما، عاتبها التاجر، وأبكاها في ذات الوقت، حين قال لها لماذا لم تأت بالطفل، فالملابس التي تُشترى لا ترد ولا تستبدل، في الوقت الذي تأثرت فيه عندما شاهدت الأمهات يصطحبن أبناءهن، لا سيما في عمر شادي.
اكتفت الأم، بوصف الشعور المؤلم الذي سببه لها الاحتلال، حين غيب عنها فلذة كبدها، ولم تستطع إخفاء ألمها ومرارتها وهي تقول "لن نفرح في هذا العيد، ولن نصنع الكعك، وفرحة أطفالي منقوصة، ما أكثر سؤالهم عن شادي".
سُرقت طفولة شادي، بحسب الأم، فهو الآن يعيش بين متعاطي المخدرات ومرتكبي الجرائم في مركز للإصلاح بأمر من جيش الاحتلال، منذ اعتقاله أواخر ديسمبر/كانون الأول العام الماضي في القدس المحتلة، بتهمة حيازته سكيناً ومحاولته تنفيذ عملية طعن.
ما تريده والدته، أن تنتهي محنتها، ويعود شادي إلى أحضانها، تعول كثيرا على المتضامنين معها من العالم، في ظل مماطلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي في محاكمة طفلها، وحتى إثبات التهمة التي تقول الأم إنه بريء منها، "بمجرد مروره في حي يهودي بمدينة القدس المحتلة اعتقلوه ولفقوا له تهمة".
وتناشد المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، لا سيما تلك التي تُعنى بحقوق الأطفال، أن يمارسوا ضغوطا كبيرة على سلطات الاحتلال الإسرائيلي، من أجل إطلاق سراح شادي وإعادته إليها، ليحتفل بالعيد القادم معها ومع العائلة.
وفي انتظار فرحة الإفراج عن الأسير الصغير، تبكي فريهان وزوجها وأطفالها، لحظة سماعهم تكبيرات العيد من مآذن المساجد. وسيذرف شادي الدموع هناك في شمال فلسطين المحتلة عام 1948 وهو بين جدران مركز الإصلاح، وأمنيته أن يعود إلى أحضان أمه.