تلعب الطيور دوراً هاماً في تقليص عدد الآفات في مزارع العلف بنسبة 33 في المائة، بحسب دراسة حديثة في مجلة الزراعة والأنظمة الإيكولوجية والبيئة. وتلعب الموائل الدور الأساسي في الأراضي الزراعية، إذ بينت دراسة أعدها طالب في لبنان وآخر في شمال أفريقيا أن أطراف المزارع التي تحدها الأشجار، والتي تقوم بصد الرياح هي في مأمن من الآفات التي تقضي على المحاصيل الزراعية. في الواقع، تقدم هذه الأشجار أمكنة مناسبة للتعشيش، فتقوم هذه الطيور بدورها بالتهام الحشرات الأقرب إليها على أطراف المزارع. وكأنّ الطيور تفهم المثل الذي يقول "الأقربون أولى بالمعروف".
وأفادت الدراسات بأنّ الحقول الخالية من الأشجار قد تستقطب خمسة أنواع من الطيور كحد أقصى، بينما الحقول التي تحدها شجرتان تستقطب نحو 13 نوعاً من الطيور وهكذا. وبما أن الطيور تؤدي خدمة مكافحة الآفات في المزارع على أطراف الحقول، يتوجب زراعة أشجار متفرقة في مختلف أنحاء الحقول ووسطها من أجل إيصال أعمال مكافحة الآفات التي تقوم بها الطيور إلى كامل المحصول. وللأسف، فإن بعض المزارعين يضعون شباكاً أو أقفاصاً فوق رقع من الأراضي لحماية المحصول من الطيور، لكن هذه الإجراءات لا تمنع الحشرات من الوصول إليه، أي المحصول، وهنا تكون الكارثة.
الطيور آكلة الحشرات نعمة للمزارع وإنتاجه، لن ينعم بها أو يحس بقيمتها إلا بعد أن يخوض تجربة منع الطيور من الوصول إلى حقله.
وبيّنت الدراسات التي قمنا بها في بعض المزارع اللبنانية أن الأشجار على جوانب حقول الحبوب تشكل ممراً آمناً للطيور التي تخاف على نفسها من بندقية الصياد، فتتسلل من شجرة إلى شجرة حتى تتمكن من أن تجوب كل أطراف الحقل. كما تشكل الأشجار المتفرقة ضمن الحقل أمكنة رصد الحشرات والفئران عند الطيور، مثل أنواع الصرد (العضيض أو الجزار) الخمسة المتوفرة في لبنان في الربيع والصيف، وصقر الجراد (العوسق) المقيم طوال السنة.
اقــرأ أيضاً
وتبقى ضرورة العمل على جلب أنواع الطيور في فصل الشتاء أيضاً بعد مغادرة الطيور المعششة المصيفة للبلاد. ومن الأنواع المفيدة جداً للزراعة عصافير الدوري والقبرة التي يعتقد البعض أنها تأكل الحبوب فقط، بينما هي تفضل الحبوب المضروبة بالسوسة. ومن الأنواع الأخرى التي يمكنها أن تخدم المزارع في الشتاء هي أنواع الهوازج الصغيرة، مثل أبو الحن الذي يمضي الشتاء في بلادنا، وآكلة الذباب (تسمى كذلك، لكنها تأكل الذباب وغيره من الحشرات الطائرة على أنواعها). وهناك أنواع أكبر حجماً تقوم بمهمة أكل الحشرات التي لا تطير وهي على الأرض، مثل الغربان وأبو قردان والطيبط، أو تحت التراب مثل السمن والشحرور والهدهد، وتستهويها الأراضي المفلوحة حديثاً حيث ينتج عن تقليب التراب ظهور الحشرات التي تعيش في دهاليز التربة وكذلك اليرقات التابعة لها. تلتهمها الطيور وتخلص الأراضي من الآفات قبل إعادة زراعتها، والجدير ذكره أن السمن والهدهد يتميزان عن بقية الطيور التي ذكرناها بأنهما يسمعان دبيب الديان تحت التراب فينقرانه حتى يصلا إلى غذائهما.
ومن طيور المزارع في الليل نجد طائر السبد (أبو عمي)، الذي يلتهم الحشرات الكبيرة الحجم، خصوصاً قبيل الغروب والشروق. أما البوم، فيلتهم الخلد وفئران الحقل وصغار جرذانه في الساعات الأولى بعد الغروب والساعات الأولى قبل الشروق، أي في الفترات التي تنشط فيها القوارض في الليل. لكن للبوم فضل كبير أيضاً في القضاء أو السيطرة على الحشرات الكبيرة مثل المالوش الذي يأكل جذور النباتات والخنافس التي تتسبب بأمراض للأشجار والجعلوك الذي يقضي على جذوع النباتات الطرية. ولا يمكننا نسيان السنونو الذي يعشش في إسطبلات المزارع، وقد سمي بسنونو الإصطبلات أو سنونو المخازن الذي يتناول الحشرات وهي تطير في الهواء فينقص أعدادها، ما يعني فرصة لمحصول أفضل. وفي النهاية، يمكننا القول إن الطيور على أشكالها تكمل بعضها البعض في حماية المحاصيل من أجل غذاء سليم لبني الإنسان.
(متخصص في علم الطيور البريّة)
وأفادت الدراسات بأنّ الحقول الخالية من الأشجار قد تستقطب خمسة أنواع من الطيور كحد أقصى، بينما الحقول التي تحدها شجرتان تستقطب نحو 13 نوعاً من الطيور وهكذا. وبما أن الطيور تؤدي خدمة مكافحة الآفات في المزارع على أطراف الحقول، يتوجب زراعة أشجار متفرقة في مختلف أنحاء الحقول ووسطها من أجل إيصال أعمال مكافحة الآفات التي تقوم بها الطيور إلى كامل المحصول. وللأسف، فإن بعض المزارعين يضعون شباكاً أو أقفاصاً فوق رقع من الأراضي لحماية المحصول من الطيور، لكن هذه الإجراءات لا تمنع الحشرات من الوصول إليه، أي المحصول، وهنا تكون الكارثة.
الطيور آكلة الحشرات نعمة للمزارع وإنتاجه، لن ينعم بها أو يحس بقيمتها إلا بعد أن يخوض تجربة منع الطيور من الوصول إلى حقله.
وبيّنت الدراسات التي قمنا بها في بعض المزارع اللبنانية أن الأشجار على جوانب حقول الحبوب تشكل ممراً آمناً للطيور التي تخاف على نفسها من بندقية الصياد، فتتسلل من شجرة إلى شجرة حتى تتمكن من أن تجوب كل أطراف الحقل. كما تشكل الأشجار المتفرقة ضمن الحقل أمكنة رصد الحشرات والفئران عند الطيور، مثل أنواع الصرد (العضيض أو الجزار) الخمسة المتوفرة في لبنان في الربيع والصيف، وصقر الجراد (العوسق) المقيم طوال السنة.
وتبقى ضرورة العمل على جلب أنواع الطيور في فصل الشتاء أيضاً بعد مغادرة الطيور المعششة المصيفة للبلاد. ومن الأنواع المفيدة جداً للزراعة عصافير الدوري والقبرة التي يعتقد البعض أنها تأكل الحبوب فقط، بينما هي تفضل الحبوب المضروبة بالسوسة. ومن الأنواع الأخرى التي يمكنها أن تخدم المزارع في الشتاء هي أنواع الهوازج الصغيرة، مثل أبو الحن الذي يمضي الشتاء في بلادنا، وآكلة الذباب (تسمى كذلك، لكنها تأكل الذباب وغيره من الحشرات الطائرة على أنواعها). وهناك أنواع أكبر حجماً تقوم بمهمة أكل الحشرات التي لا تطير وهي على الأرض، مثل الغربان وأبو قردان والطيبط، أو تحت التراب مثل السمن والشحرور والهدهد، وتستهويها الأراضي المفلوحة حديثاً حيث ينتج عن تقليب التراب ظهور الحشرات التي تعيش في دهاليز التربة وكذلك اليرقات التابعة لها. تلتهمها الطيور وتخلص الأراضي من الآفات قبل إعادة زراعتها، والجدير ذكره أن السمن والهدهد يتميزان عن بقية الطيور التي ذكرناها بأنهما يسمعان دبيب الديان تحت التراب فينقرانه حتى يصلا إلى غذائهما.
ومن طيور المزارع في الليل نجد طائر السبد (أبو عمي)، الذي يلتهم الحشرات الكبيرة الحجم، خصوصاً قبيل الغروب والشروق. أما البوم، فيلتهم الخلد وفئران الحقل وصغار جرذانه في الساعات الأولى بعد الغروب والساعات الأولى قبل الشروق، أي في الفترات التي تنشط فيها القوارض في الليل. لكن للبوم فضل كبير أيضاً في القضاء أو السيطرة على الحشرات الكبيرة مثل المالوش الذي يأكل جذور النباتات والخنافس التي تتسبب بأمراض للأشجار والجعلوك الذي يقضي على جذوع النباتات الطرية. ولا يمكننا نسيان السنونو الذي يعشش في إسطبلات المزارع، وقد سمي بسنونو الإصطبلات أو سنونو المخازن الذي يتناول الحشرات وهي تطير في الهواء فينقص أعدادها، ما يعني فرصة لمحصول أفضل. وفي النهاية، يمكننا القول إن الطيور على أشكالها تكمل بعضها البعض في حماية المحاصيل من أجل غذاء سليم لبني الإنسان.
(متخصص في علم الطيور البريّة)